لا يزال النازحون إلى الريف الغربي لدرعا والقنيطرة يترقبون مصيرهم بعد سيطرة النظام على "معبر نصيب"، ووصوله إلى منطقة الشريط الحدودي مع الأردن، كما يتخوفون من الملاحقة والاعتقال في حال تقدم النظام باتجاه الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، بعد مغادرتهم الريف الشرقي ورفضهم العودة لبلداتهم بعد سيطرة المليشيات وقوات "النمر" عليها.
وتلاحق المخاوف الجميع ما دفع بعضهم للقتال كحل أخير دفاعاً عن أنفسهم، حسب ما أكد الناشط فراس الزين لـ"العربي الجديد"، مضيفا "لا نأمن جانب النظام أو الجانب الروسي، سيتم تجنيدنا كما حدث في باقي المناطق التي سيطر عليها، مثل الغوطة وريف حمص الشمالي والقلمون الشرقي، أو اعتقالنا. نفضل البقاء هنا ومتابعة نضالنا ضده وضد المليشيات".
ويتابع: "نتخوف من مذابح بعد سيطرة قوات النظام على الريف الشرقي، تم استدعاء الأهالي المتخلفين عن الخدمة الإلزامية كي يتوجهوا إلى الفرق الحزبية أو معبر نصيب للخضوع وتسوية أوضاعهم، أو ستتم ملاحقتهم واعتقالهم لإجبارهم على ذلك. النظام أخذ المعبر، وسحب السلاح الثقيل من الفصائل، ويطالب الجميع بتسليم ما لديهم من أسلحة خفيفة".
ويقول رافع العمري إن "هناك خيارات محدودة، فإما البقاء، وإما الذهاب إلى إدلب، لكن الروس هددوا أن يمنعونا من المغادرة إلى الشمال، وقالوا إنهم يجهزون لهجوم لاستعادة السيطرة على إدلب فور الانتهاء من السيطرة على كافة المناطق في درعا، وكانت تهديداتهم تحمل طابع الجدية".
ويوضح العمري لـ"العربي الجديد"، أن "خيار التسوية أمر مذل وخال من أي حقوق، وهو إجبار على الرضوخ لقوات النظام، ونرجو ألا يكون هذا مصيرنا، خاصة مع الدعم الدولي لهم ضدنا، وأكثر ما يثير قلقنا وخوفنا هو مصير أطفالنا، ففي حال اعتقلنا النظام سيقعون بمصيبة، ولو ارتكبت مجازر بحقهم وحق النساء ستكون مصيبة أكبر وكارثة على الجميع".
ويصف السبعيني أبو محمود معرباوي الخيارات المتاحة أمام العالقين على الشريط الحدودي مع الجولان بأنها "قاسية وصعبة"، مشيرا إلى أن كل تضحيات شبان درعا في مهب الريح، ملقيا اللوم على قادة الفصائل. "نصحنا الجميع أن يكونوا يدا واحدة في الحرب أو المفاوضات كي لا نكون لقمة سهلة للنظام وروسيا، لكننا لم نلق أي تجاوب، وضربوا بنصائحنا عرض الحائط. ظنوا أن الدول ستتدخل لحمايتنا كمدنيين ونساء وأطفال، ولم يضعوا بالحسبان أن المجرمون ليس لهم عهود أو مواثيق".
ويرى معرباوي أن "خيار القتال في الوقت الحالي قرار خاطئ، فلا مقومات للصمود بوجه آلة الحرب الروسية".
وتناشد أم محمد المنظمات الدولية وأصحاب الضمائر للتدخل لحماية الأطفال والنساء، وتقول: "ليس لنا سوى الله، فالوضع لم يعد يحتمل، والعطش والحر يفتكان بالصغار. نناشد العالم والدول العربية والمنظمات، فالطيران الروسي الذي شردنا وقتل أطفالنا لن يكون ضامنا لأرواحنا، فقد دخل الشبيحة برفقة الروس مخيمات ومناطق الريف واقتادوا الشبان إلى قلعة بصرى الشام بعد أن عزلوا النساء والأطفال عنهم، ومنعوا خروج الناس إلى الريف الغربي، وسلبوهم ما يملكون من مال".
وتقول لـ"العربي الجديد": "نرجو ألا تذهب صرخاتنا وصرخات ثكالى درعا سدى، وأن يكون هناك أحد لديه ضمير حي ليتدخل لحمايتنا وانتشالنا من الموت".