النادلات المغربيات يواجهن النظرة السلبيّة بالعمل

15 ديسمبر 2014
"أحترم عملي، وأتعب من أجل كسب قوت يومي"(فرانس برس)
+ الخط -

في مقاهي المدن المغربية الكبيرة شابات جميلات، يعملن نادلات. يستقبلن الزبائن بابتسامة لطيفة دائمة. لكنّ ابتساماتهن تخفي معاناة من التحرش بهن. وهن اللواتي كسرن التابو وخضن هذا المجال من أجل لقمة عيش حلال.

آمال (29 عاماً) نادلة في أحد مقاهي العاصمة المغربية الرباط. بحثت طويلاً عن عمل، فلم تجد. واضطرت للعمل في المقهى. تقول إنّها تعلم أنّ هذا المجال تشوبه الكثير من علامات الاستفهام في المجتمع المغربي المحافظ. فالمتداول بين الناس أنّ النادلة هي "فتاة بلا أخلاق". وتضيف أنّ بعض الفتيات النادلات يشوهن العمل من خلال مواعدتهن الزبائن. ومع ذلك فكثير من النادلات يرفضن تلك الصورة النمطية، ويرفضن أن يتجاوز عملهن خدمة الزبائن في المقهى فقط، بحسب آمال.

من جهتها، تقول حنان (34 عاماً)، وهي نادلة في أحد مقاهي الدار البيضاء لـ"العربي الجديد": "أعمل برأس مرفوع، ما دمت لا أفرط في شرفي. أحترم عملي، وأتعب من أجل كسب قوت يومي، ولا يهمني الآخرون ولا أعتبر عملي عيباً، بل مثله مثل باقي الأعمال".

"إغراء مقنّع"

في المقابل، يقول عادل (طالب باحث في علم الاجتماع)، لـ "العربي الجديد"، إنّ تشغيل الفتيات في المقاهي هو محفز تجاري لأصحاب المقاهي من أجل جلب الزبائن. ويفسر: "لقد أصبح نوعاً من أنواع الإغراء الإعلاني. هناك من يجتهد في تزيين واجهات وديكورات المقهى. ومنهم من أصبح اليوم يتفنن في استقدام فتيات للعمل كنادلات، كنوع من الإغراء المقنّع للزبائن. وبطبيعة الحال فإنّ هذه الفتاة التي تشتغل في المقهى تتعرض يوميا لتحرشات جنسية مختلفة من ضعاف النفوس ممن يجلسون في هذه المقاهي. وحتى الإكراميات التي تمنح لهن أحيانا لا تكون سوى محفز أساسي للإغواء".

أما صفاء (22 عاماً) وهي طالبة فتقول لـ "العربي الجديد": "أعتقد أنّ مهنة النادلة لا تناسب مجتمعنا المغربي خصوصاً والعربي عموما. فالنادلة في المقهى لا تعامل كموظفة تشغل مهمة محددة. هي في النهاية جسد في عيون كل من يرتاد المقهى، بخاصة المقاهي الشعبية. ففي المقاهي الراقية اختلف الوضع من خلال استقدام طواقم عمل مدربة ومحترفة وخريجة معاهد متخصصة في الفندقة والخدمات. وتقنين هذه المهنة يجعل من سلوك المستخدم أو الزبون أكثر التزاما ومهنية".

من جانبه، يتحدث نور الدين (40 عاماً، عامل) لـ "العربي الجديد" عن سبب رفضه عمل المرأة كنادلة. ويقول: "أرفضه بسبب النظرة المجتمعية للمرأة، وارتباط عمل المرأة في مفهوم الرجال بأماكن معينة دون غيرها. فهم يرون أن مثل هذه الوظائف أو المهن لا تصلح للمرأة. فرؤية المرأة معلمة يختلف عن كونها تقدم المشروبات في مقهى يعج بالذكور، وهو حال أغلب المقاهي المغربية وربما العربية. لذلك فتغيير نظرة الرجل للمرأة هو ما سيفصل في عملها في مواقع ذكورية".

كذلك يعبر عبد المولى (24 عاماً) لـ"العربي الجديد" عن رفضه لعمل المرأة كنادلة، ويقول: "في ظل الواقع الحالي وكيفية التعامل مع النادلات في المقاهي من قبل الزبائن، لا أحبذ عملهن في هذه المهنة". ويوضح: "أغلب النادلات يتعرضن للتحرش والإهانة والمضايقات من طرف الزبائن".

بدورها، تقول سارة (27 عاماً، صحافية) لـ "العربي الجديد"، إنّها ترفض بشدة عمل المرأة كنادلة. وتقول: "أغلب أصحاب المقاهي يعلمون أنّ النادلات يتعرضن للتحرش كل يوم، بل كل ساعة وكل دقيقة. ولأنّ همهم هو الربح المادي فقط، فلا تأخذهم غيرة على الفتيات ولا يعاملونهن بمروءة. بل على العكس، فإنّ بعضهم يجبر النادلات على تحمل تحرشات الزبائن وإلا فسيكون مصيرهن الطرد. كما أنّ بعض الزبائن يعتبرون النادلة صالحة لكلّ ما يخطر ببالهم مقابل دراهم معدودة".

لا فارق

في المقابل، يعتبر مغاربة آخرون أنّ عمل المرأة نادلة، هو من الأمور العادية. وفي هذا الصدد، يقول فيصل (26 عاماً، متخصص في الكومبيوتر): "أذهب باستمرار إلى المقهى لتناول وجبة الإفطار. ولا أبالي بجنس من يقوم بخدمتي، سواء كان نادلاً أم نادلة. ما يهمني هو أن تكون الوجبة جيدة والأطباق نظيفة. والنساء معروفات بإتقان ذلك".

ويوافق جلال (37 عاماً، موظف)، هذا الرأي. ويقول: "العمل عمل سواء كان للرجل أو المرأة. وبالعكس فالنساء يتقن عمل المطبخ والاستضافة أكثر من الرجال. والنادلات يكسبن قوت يومهن بعرق جبينهن. لكن ما يلزمنا هو التربية واحترام عمل المرأة". ويستطرد: "على النادلة أن تضع حدا فاصلا من خلال طريقة تعاملها مع الزبائن. فهي من ستفرض الإحترام عن طريق معاملتهم بلياقة واحتراف".

من جهته، يفضل مصطفى أن تقوم نادلة بخدمته بدل نادل. ويقول عن ذلك: "الفتاة تستقبلك بابتسامة وخفة ونشاط. وتسعى دائما لتقديم الأفضل. وهو ما يدفعني أحياناً لمنحها إكرامية أكثر مما تكلفني وجبة الإفطار".
دلالات