في ظل دولة "الخلافة" في مدينة الرقة، أصبح من المحال على النساء والفتيات الخروج مع رجل غير الأب والأخ أو أبناء الإخوة والزوج، ومَن تخالف هذا القرار يقوم أفراد تنظيم داعش بالذهاب بها إلى مقر الحسبة، ولا يتمُ الإفراج عنها إلاّ بعد حضور وليّ الأمر، والبعض يتمُ تنفيذ عقوبة جلد بحقهنّ.
ماريا (32 عاماً)، متزوجة، مدرّسة رياضيات، تقيم في مدينة الرقة، تروي الحادثة التي حصلت معها، فتقول: "كنتُ خارجةً من المنزل في فترة الامتحانات باتجاه بيت عمي لأعطي لابنه وابنته درساً في الرياضيات، فهم طلاب في المرحلة الإعدادية. وفي الطريق، التقيت ابن عمي، وهو طالبي الذي يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، فأكملتُ معه الطريق باتجاه المنزل، وقبل الوصول إلى منزلهم بقليل، استوقفتنا سيارة الحسبة، ونزل منها أحد المهاجرين، وبدأ بالتحدّث معنا. فسألني عن صلة قرابتي بالفتى، فقلت: إنه ابن عمي وابن خالتي في الوقت نفسه، فسألني إن كنت متزوجة، فأجبته بنعم، وأن عندي طفل رضيع تركته في المنزل مع والده ريثما أعطي الدرس في بيت عمي وأعود. سأل ابن عمي عن عمره، فأجابه 14 عاماً، عندها استوقف واحدة من كتيبة الخنساء الموجودات في الشارع، وطلب منها مرافقتي إلى مقر الحسبة بتهمة الخروج مع رجل أجنبي (غير محرم).
لم أستطع استيعاب ما يحصل، فقلت له إن ابن عمي أصغر مني بـ18 عاماً، وأننا ربينا في البيت نفسه، وقد كان طفلاً صغيراً وما يزال، لكنّه لم يقنع بما قلته وظل مصرّاً على أخذنا إلى مقر الحسبة. هناك، أدخلوني إلى التحقيق، وكانت القاضية سعوديّة، سألتني لماذا كنت أمشي معه وهو غير محرم، أجبتها كما قلت للشيخ، إضافةً إلى ذلك أننا نمشي في الشارع وفي وضح النهار، فقالت إنّ هذا حرام وإننا لا نعرف ديننا ونتهاون به كثيراً.
طلبتُ منها أن تسامحنا هذه المرّة فطفلي الرضيع في المنزل مع والده بمفرده ومؤكد أنه يشعر بالجوع الآن وأن زوجي لا يعلم بما حصل معي، فرفضت إخلاء سبيلي، وقالت بأنهم سيتصلون بزوجي ليأتي لاصطحابي ويوقّع على ورقة تضمن لهم أن ذلك لن يتكرر.
لم يكن باستطاعتي الاعتراض على قرارهم هذا وقلبي يكاد ينفطر على طفلي الذي لا يتجاوز عمره الثلاثة أشهر. وضعوني في الحجز بانتظار قدوم زوجي، ثم استدعوني لرؤية القاضية مجدداً، وأثناء مثولي أمامها مرّة أخرى قالت لي إنها لاحظت وجود رائحة عطر على ملابسي وإن لذلك عقوبة في المرة القادمة إن تكرر ذلك، فأخبرتها أن الجو حار وهو نوع من أنواع النظافة وليس للتبرج أو الزينة لا أكثر ولست أقصد به إثارة أحد، خصوصاً في لباسنا الأسود الفضفاض الذي نرتديه، لكنها أصرّت بأن هذا ممنوع وبأنّي سأُعاقب على هذا الموضوع في المرة المقبلة.
حضر زوجي ووقّع على ورقة تؤكد لهم عدم تكرار الموقف، وأخبروه أن هذا الأمر حرام ويجب عليه منعي من الخروج من غير "محرم" حتى خلال النهار، ثم عدنا إلى المنزل بعد ذلك، ومنذ ذلك اليوم لم أعد أخرج بمفردي إلا برفقة زوجي خوفاً من تعرضي لموقف آخر معهم".
(سورية)