تتشابه احتفالات العائلات التونسية بالمولد النبوي الشريف، خصوصا إحياء الروابط العائلية وتبادل الزيارات، وتتفنن التونسيات في إعداد العصيدة وتزيينها وتوزيعها على الأقارب والأصدقاء، فيما تعرض المحلات مستلزمات إعداد العصائد من أوانٍ وملاعق خشبية وأوعية طبخ، إلى جوار أنواع الفواكه المجففة وأصناف الحلويات.
وتنتعش مهن عديدة بمناسبة المولد النبوي، حيث تنتشر آلات رحي "الزقوقو" والفواكه الجافة في الشوارع، وتعج المطاحن بالوافدين لاقتناء مستلزمات الاحتفال، كلّ حسب إمكانياته المادية.
لكن تظل عصيدة "الزقوقو" هي الأكثر شهرة، وتتكون من حبات سوداء صغيرة تستخرج من الصنوبر الذي تشتهر به أغلب الغابات التونسية.
ورغم حملات المقاطعة التي انطلقت لمواجهة غلاء الزقوقو، وصل سعره لأول مرة إلى 28 دينارا (14 دولارا)، وهو ضعف سعره في العام الماضي تقريبا.
تقول ربة منزل تُدعى سلاف، لـ"العربي الجديد"، إن المولد النبوي يعني لمّ شمل العائلة وزيارة الأقارب وإحياء العادات والتقاليد، مضيفة أنها ستحظى بكثير من الزيارات، وعادة ما يتم تقديم العصائد للزائرين، وهو ما دفعها إلى اقتناء أوان جديدة.
وتضيف أنّ الوصفات تكاد تكون متشابهة، إلا أنّ طريقة الطبخ تختلف من امرأة إلى أخرى، حيث تتفنن النساء في طريقة تزيين العصيدة وتقديمها للضيوف، معتبرة أن أثمان الفواكه الجافة باهظة، ولكنها تبقى ضرورية لتزيين العصائد.
ويؤكد محمد، أن احتفال التونسيين بالمولد النبوي لا يتم من دون إعداد العصائد ليلة المولد، وهي من العادات التي لا يستغني عنها التونسي. "البعض يعد عصائد بيضاء، وأخرى بالزقوقو، ويمكن إعدادها بمنتجات أخرى كالسمسم، ولكن أجمل ما في المولد أنه مناسبة لزيارة الأقارب ولقاء الجيران، حيث تعم الفرحة البيوت، ويجتمع الأطفال حول الطاولة بانتظار العصائد"، مبينا أنه ضد دعوات المقاطعة لعصيدة الزقوقو، لأنه يتم إعدادها مرة واحدة في السنة بمناسبة المولد.
ويؤكد رئيس قسم التغذية في المعهد الوطني للتغذية، الطاهر الغربي، لـ"العربي الجديد"، أنّ التونسي تعوّد الاحتفال بالمولد من خلال إعداد العصائد، وليس معروفا سبب الاعتماد على "الزقوقو" تحديدا، ولكنه أصبح من العادات، والأهم أنها فرصة للفرح، معتبرا أن الغذاء بصفة عامة له رمزية في تجميع الأسر.
ويرى الغربي، أن هناك عادات كثيرة تقلصت في الأعوام الأخيرة، ومنها إعداد العصيدة البيضاء، وتراجع تبادل عصائد المولد بين الجيران والعائلات، إلا أن البعض حافظ على دعم صلة الرحم.
ويضيف أن عصيدة "الزقوقو" تضم كمية وافرة من الطاقة، لأنها تحتوي على نشويات وسكريات بطيئة الامتصاص وفيتامينات عديدة، مشيرا إلى أنه يتم إضافة الحليب والسكر، ما يمنحها سعرات حرارية مرتفعة، وهو ما يتطلب الحذر وعدم الإفراط، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة والسكري وضغط الدم.
وفي سياق الاحتفالات، نشر السفير الفرنسي في تونس، أوليفييه بوافر دارفور، على صفحته في "فيسبوك" صورا لمشاركته التونسيين الاحتفال بالمولد النبوي، مبينا أنه أعد عصيدة الزقوقو بنفسه.
ونشرت سفيرة كندا في تونس، في وقت سابق، صورا لها مع ابنتيها وهن يتناولن العصيدة التونسية، مهنئة الشعب التونسي بالمناسبة.