تُوفي أحمد كاثرادا، أحد قادة الكفاح ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ورفيق نيلسون مانديلا، في سجنه في روبن آيلاند، اليوم الثلاثاء، في جوهانسبرغ عن 87 عاماً، إثر مضاعفات عملية جراحية، كما أعلنت المؤسسة التي تحمل اسمه.
وكان كاثرادا من قادة الصف الأول التاريخيين لحزب "المؤتمر الوطني الأفريقي"، وقد أصبح نائباً ومستشاراً للرئيس مانديلا، خلال ولايته الوحيدة على رأس جنوب أفريقيا (1994-1999).
واشتهر أحمد كاثرادا، الذي عُرف بلقب "كاثي"، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، خلال المفاوضات بين "المؤتمر الوطني الأفريقي" ونظام البيض، والتي أدت، مطلع التسعينيات، إلى سقوط نظام الفصل العنصري، وإلى أول انتخابات حرة في البلاد في 1994.
وقالت المؤسسة، في بيان أوردته "فرانس برس"، إنّها "تنعى بحزن كبير وفاة القائد القديم في المؤتمر الوطني الأفريقي عن 87 عاماً، صباح اليوم (الثلاثاء)، في مستشفى دونالد غوردون في جوهانسبرغ"، مشيرة إلى أنّه تُوفي إثر مضاعفات عملية جراحية في الدماغ.
وُلد "كاثي"، وهو من أصول هندية، في 21 أغسطس/آب 1929، في شفايزر رينيك، وهي بلدة ريفية صغيرة في جنوب أفريقيا، على بعد 200 ميل من جوهانسبرغ. وقد دخل ميدان السياسة في باكورة شبابه في جوهانسبرغ، عندما انضم إلى ناد شبابي ضد العنصرية، تديره الرابطة الشيوعية الشبابية.
وشارك، وهو في سن 17 من عمره، في حملة "المقاومة السلبية" للمؤتمر الهندي في جنوب أفريقيا، وكان واحداً من ألفي شخص اعتُقلوا وسُجنوا، بسبب تحدّيهم قانون تمييز ضدّ الهنود.
وشهد عام 1940، أول لقاء لكاثرادا مع قادة الكونغرس، والتر سيسولو، ونيلسون مانديلا. وفي عام 1952، كان كاثرادا واحداً من مجموعة من 20 شخصاً، وبينهم مانديلا وسيسولو، حكم عليهم بالسجن تسعة أشهر مع الأشغال الشاقة، وعلّقت لمدة عامين، لتنظيمهم حملة ضد ستة قوانين من قوانين نظام الفصل العنصري.
في عام 1954، وُضع كاثرادا تحت مراقبة قوات الأمن، واعتُقل عدة مرّات لتجاوزه "أوامر حظره".
وفي عام 1962، وُضع كاثرادا تحت "الإقامة الجبرية"، لكنّه كسر في العام التالي "أوامر حظره"، وواصل عمله السياسي. وفي يوليو/تموز 1963، انقضّت الشرطة على اجتماع سرّي جمع كاثرادا وغيره من الأشخاص "المحظورين"، في مزرعة ليليسليف في ريفونيا، إحدى ضواحي جوهانسبرغ، وتلا ذلك محاكمة "ريفونيا" الشهيرة، حيث حُكم على ثمانية متهمين بالسجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة.
وكان كاثرادا من بين من حُكم في "ريفونيا"، مع كل من مانديلا وسيسولو وكاثرادا، وغوفان مبيكي، وريموند مهلابا، ودينيس غولدبرغ، وإيلياس موتسوالدي، وأندرو ملانجيني.
وقضى 26 عاماً و3 أشهر في السجن، 18 سنة منها في سجن روبن آيلاند. وفي عام 1982 تم نقل مانديلا وسيسولو وكاثرادا ومهلابا وملانجيني، إلى سجن بولسمور في كيب تاون.
خلال السنوات التي قضاها "كاثي" في السجن، حصل على أربع شهادات جامعية؛ بكالوريوس (التاريخ وعلم الإجرام)، بيبليوغرافي (في السياسة الأفريقية وعلوم المكتبات)، بكالوريوس مع مرتبة الشرف (التاريخ)، بكالوريوس مع مرتبة الشرف (السياسة الأفريقية).
وبعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1989، رفع الحظر عن حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي"، حيث انتُخب كاثرادا في الاجتماع الأول "القانوني" للحزب في جنوب أفريقيا، عضواً في لجنته التنفيذية. وحتى عام 1994، ترأس كاثرادا إدارة العلاقات العامة في الحزب، لكنّه رفض، في اجتماعه عام 1997، الترشّح للجنة من جديد.
وبعد تأديته الحج في مكة عام 1992، انتُخب كاثرادا لعضوية البرلمان في عام 1994، وعمل مستشارا برلمانيا للرئيس مانديلا. كما تولّى رئاسة مجلس إدارة روبن آيلاند حتى انتهاء ولايته في عام 2006.
بعد سنوات من مقاومة نظام الفصل العنصري في بلاده، أصبح "كاثي"، مثل رفيقه مانديلا، أحد الوجوه التي يُضرب بها المثل في نضالها من أجل قيم المساواة، ورفض التصنيفات العنصرية.
وقد حصل كاثرادا على عدد من الأوسمة والألقاب الفخرية، أبرزها دكتوراه فخرية من جامعة ماساتشوستس، في مايو/أيار 2000، ودكتوراه "رسائل إنسانية" من جامعة ميسوري في يناير/كانون الثاني 2004، فضلاً عن منحه من قبل مدينة جوهانسبرغ أعلى وسام شرف لها، "الرجل الحر من المدينة"، في أغسطس/آب 2012.
ولـ"كاثي" عدد من الكتب المنشورة، أبرزها "رسائل من جزيرة روبن" (1999)، "مذكرات" (2004)، و"العقل الحر: مفكرة أحمد كاثرادا من جزيرة روبن" (2005).
أسس كاثرادا وأدار مؤسسة تحمل اسمه، لمحاربة التمييز العنصري، مع شريكته باربرا هوجان، وهي سجينة سياسية بيضاء سابقة عملت وزيرة خلال رئاسة مانديلا. وعلى الرغم من عدم إنجابه، إلا أنّه قال مرة في أحد أحاديثه، إنّ عدم وجود الأطفال كان "أعظم حرمان" خلال السنوات التي قضاها في السجن.
وكان "كاثي" يرافق الرؤساء والشخصيات التي تجول على سجن روبن آيلاند، المعتقل الذي قضى فيه هو ومانديلا سنوات الاحتجاز.
إحدى تلك الشخصيات، كان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والذي زار جنوب أفريقيا في يوليو/تموز 2013. خلال جولته مع أوباما، أشار كاثرادا إلى لافتة عن الأمل عُلّقت على حائط قرب السجن، وتحمل الأحرف الأولى لحزب "المؤتمر الوطني الأفريقي"، وتقول "على ثقة من النصر 1967"، وقال حينها إنّ "حقبة الستينيات كانت الأسوأ، داخل وخارج السجون. لكن الأمل لم يفارقنا... كنّا نعلم أنّنا سننتصر".