الموازنة وأحجية النفط العراقي

05 نوفمبر 2014
ترتيب اولويات الموازنة(دان كيتوود/getty)
+ الخط -
يبدو أن مسودة قانون الموازنة العراقية لعام 2014، أصبحت من الماضي. ما يدفع لإعادة ترتيب ‏أولويات الموازنة عبر إعادة هيكلة مسودة القانون وفقاً للواقع المستجد على الساحة العراقية. أي إعطاء الأولوية ‏لقطاع الامن والدفاع، ومن ثم قطاع الطاقة. وبعدهما قضية النازحين والمهجرين، عبر صرف منح الطوارئ. 
وتلي هذه الأولويات مشاريع ‏المحافظات الإستراتيجية، وتعزيز البطاقة التموينية. وصولاً الى قطاعات الصحة، التعليم، التربية وصرف رواتب ‏موظفي الدولة. هذه الأولويات لا بد أن يتم تعزيزها في موازنة العام 2014. أما المشاريع الاستثمارية التي كان من المخطط أن يبدأ ‏العمل بها هذا العام، فلا بد أن تنتقل الى موازنة عام 2015.
إذ إن إدارة ‏الموازنة العراقية تحتاج الى تغيير الأولويات، بعدما طرأت تغييرات في العائدات الإتحادية المخمنة، والتي تعتمد بشكل كبير على العائدات النفطية. لذا، تحتاج اللجنة المالية في البرلمان العراقي الى التفكير ‏بآلية جديدة لمناقشة قانون الموازنة.
فقد حصل الكثير من التطورات في العراق وخارجه، تستدعي إعادة النظر بالإيرادات والنفقات. إذ كانت المفاجاة كبيرة حين هبطت أسعار النفط الى 85 دولاراً. وهذا ما يجعل تخمينات أسعار البرميل النفطي العراقي في موازنة هذا العام، بعيدة ‏عن الواقع الفعلي في السوق العالمية. خصوصاً أن العراق يعتمد مؤشر "ويست بوينت ‏تكساس"، والذي قد ينخفض فيه سعر البرميل من 10 إلى 12 دولاراً، نتيجة تفاوت الجودة. فكلما ‏كانت الجودة عالية في النفط الخفيف، كلما قل فارق السعر. وكلما زادت الشوائب الكبريتية ‏في الخام ارتفع الفارق في السعر عن السوق العالمية.‏
بالمقابل، لا بد من بدء العمل على موازنة عام 2015، من خلال لجنة تدار من قبل ‏وزارة المالية الاتحادية باعتبارها الجهة القطاعية الرئيسية المسؤولة عن تخطيط وبناء الموازنة ‏الاتحادية للدولة. وذلك، بمشاركة وزارة التخطيط والبنك المركزي والمحافظات وإقليم كوردستان العراق، ‏وبمشاركة وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في اقليم كوردستان العراق.
بذلك، ‏ستعمل اللجنة على تهيئة الموازنة الإتحادية في ضوء القدرة التصديرية النفطية التي تشهد أسوأ أحوالها. حيث ‏قد تصل قدرة التصدير إلى 2.6 مليون برميل كحد ادنى من الحقول الجنوبية. إضافة إلى حقول نفط ‏كوردستان العراق التي قد يصل انتاجها بين 250 و400 الف برميل يومياً.
اليوم، العراق ينتظر موازنة 2015، ويتطلع إلى تطوير البنى التحتية في ‏العاصمة بغداد من اجل دفع عجلة الاستثمار في البلاد. فكلما تقدم قطاع البنى التحتية ‏ستتقدم المشاريع الاستثمارية في قطاع السكن والسياحة والنقل والصناعة والزراعة ‏والتجارة. وهذه أهم القطاعات الحيوية في اقتصاد العراق .‏
كما يتطلع العراق إلى دور كبير ودعم لوجستي واسع من هيئة الاستثمار الوطنية، للعمل على ‏طرح حزمة كبيرة من المشاريع الاستراتيجية للاستثمار في العام 2015. كذا، لا بد من التفكير بكيفية الاستثمار في الحقول النفطية الجديدة، لزيادة الانتاج النفطي ‏‏.‏
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون موازنة عام 2014 أساساً مهماً لمراجعة كل المشاريع الاستراتيجية للعراق. ‏حيث لا بد من إعادة هيكلة المشاريع من حيث الكلفة والمهل والادارة. ما يساعد صناع القرار، على ‏طرح حزمة مشاريع ضمن الموازنة الاتحادية لعام 2015، تكون مواكبة لتطورات عائدات ‏العراق الاتحادية خلال المرحلة المقبلة.‏
قد يواجه الاقتصاد العراقي أزمة في الربع الاول من عام 2015. وهي الدورة الفصلية ‏الرابعة لموازنة العراق الاتحادية من السنة المالية 2014. والأزمة ستظهر في حال استقرار معدل اسعار ‏النفط عند 80 و85 دولاراً. وهذا ما يتطلب مرونة كبيرة في ‏السياسات الحكومية، ومنها الاستجابة الحكومية للتقشف.
كما لا بد من أن أن تعمل الحكومة على التحوّط التخطيطي للموازنة اولاً والعمل على تقنين الموازنة ثانياً، وإعادة ‏هيكلة موارد الموازنة. خصوصاً في احتساب نفط إقليم كوردستان العراق من ضمن ‏النفط المصدر، للوصول الى تحقيق رقم 3 ملايين برميل يومياً. وهذه الإجراءات ستساهم في تجاوز العجز التخطيطي ‏في استحصال الموارد المالية، وفي العمل على تخفيف الإنفاق الحكومي العراقي بصورة ‏رشيدة.‏
(باحث وخبير نفطي عراقي)
المساهمون