المواجهة: قانون المالية المغربي 2015: استثمارات كافية أم متواضعة؟

29 أكتوبر 2014
نمو أو ثبات استمثاري؟ (أرشيف/getty)
+ الخط -
طرحت الحكومة المغربية أخيراً، مشروع قانون المالية للعام 2015، أمام البرلمان. المشروع يثير الكثير من الجدل حول النفقات الاستثمارية. المواجهة ستوضح القضية:

أنس الدكالي: مشروع المالية يعزز الاستثمار


تستمر الحكومة المغربية في اعتماد الاستثمار العمومي كرافعة أساسية للتنمية الشاملة للبلاد. وقد تطور حجم الاستثمار العمومي في مشروع قانون المالية لسنة 2015 بزيادة قدرها 2.4 مليار درهم ليصل إلى 189 مليار درهم، وهو رقم قياسي مقارنة مع السنوات المالية الماضية... هكذا يدافع عضو البرلمان المغربي عن حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة، أنس الدكالي لـ"العربي الجديد"، عن قانون المالية لسنة 2015. ويقول:
تشكل البرامج الاستثمارية للمؤسسات والمنشآت العامة، المرصودة في مشروع قانون المالية لسنة 2015، بما فيها مخصصات صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الجزء الأهم من المشروع بحوالي 115 مليار درهم. توجه هذه المشاريع لتعزيز تكامل المخططات القطاعية وتسريع وتيرة إنجازها، كالإستراتيجية الطاقوية، ومخطط المغرب الأخضر الفلاحي، خصوصاً الفلاحة التضامنية. وكذا مخطط "أليوتيس" المتعلق بالصيد البحري، إضافة إلى الموانئ والطرق السيارة والسكك الحديدية، لاسيما الخط فائق السرعة الرابط بين طنجة والدار البيضاء.
ومن جهة ثانية، ستمكن هذه الاستثمارات من مواصلة تفعيل مشاريع التنمية الحضرية المندمجة في إطار سياسة المدينة. وأهدافها تقليص مظاهر العجز، والهشاشة الناتجة من النمو الديموغرافي والتوسع العمراني.
ويصل حجم الاستثمارات في هذه المشاريع إلى 62 مليار درهم ستنجز على مدى أربع سنوات. وهو ما سيمكن من تعبئة موارد إضافية تناهر 19 مليار درهم ستتأتى من صناديق الاستثمار السيادية القطرية والإماراتية والكويتية لإنجاز البرامج السياحية في إطار رؤية 2020.
كذلك يهتم مشروع قانون المالية لسنة 2015 المعروض حالياً أمام مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى)، بتعبئة الاستثمار العمومي. ويتطلع المشروع إلى تفعيل مخطط تسريع التنمية الصناعية، الممتد على مدى ست سنوات. وذلك عبر إحداث صندوق للتنمية الصناعية والاستثمارات بغلاف مالي يقدر بـ3 مليارات درهم.
ويهدف هذا المخطط من جهة إلى خلق حوالي 500 ألف فرصة عمل نصفها سيتم تحقيقه من الاستثمارات المباشرة الأجنبية، ومن جهة ثانية يرمي هذا المخطط إلى الرفع من حصة القطاع الصناعي من الناتج الداخلي الخام بـ9 نقاط لتبلغ 23% في أفق سنة 2020، وهو رقم نعتقد أنه سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المغربي. وهذا المخطط يفك الارتباط التدريجي بين معدلات النمو التي سيتم تحقيقها، والمؤشرات المحققة في القطاع الفلاحي المرتبطة أساساً بسقوط الأمطار. حيث نتوقع في المشروع أن تصل نسبة النمو إلى معدل 4,4%، وعجز بنسبة 4,3%.
ومن شأن هذا المجهود الاستثماري العمومي، الذي يتحقق في ظل استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية، خصوصاً عند شركاء المغرب التقليديين كفرنسا وإسبانيا، أن يبعث نفَساً جديداً في الاقتصاد الوطني. ويساهم المشروع في جلب استثمارات أجنبية وخلق الثروة، مما سيمكّن الدولة من مواجهة أنجع للمتطلبات الاجتماعية المشروعة والمتزايدة، لا سيما أن الحكومة وضعت آليات لتعزيز النموذج التنموي التضامني للمغرب، من بينها صندوق التماسك الاجتماعي.
هذا الصندوق موجه لتشجيع التعليم ومواجهة الهدر المدرسي، ودعم الأشخاص في وضعية إعاقة، وتوسيع التغطية الصحية. وكذلك يوجد آلية صندوق التكافل العائلي الموجهة لتقديم إعانات للنساء المطلقات، وصندوق تنمية العالم القروي. إضافة إلى برامج إنعاش التشغيل، خصوصاً في صفوف الشباب وحاملي الشهادات، وهذا هو المهم في نهاية المطاف. إذ لا تنمية ما لم تنعكس بشكل إيجابي على أوضاع الشعب وتحقق رفاهيته وكرامته.
مشروع قانون مالية 2015 ليس تقشفياً كما يروج البعض، وسيظهر ذلك جلياً خلال رؤيته على أرض الواقع.

المهدي المزواري: الحكومة ضيّعت فرصة تاريخية


قانون المالية الخاص بسنة 2015، لم يأت بجديد في ما يخص الاستثمارات. والرقم الذي تتباهى به الحكومة اليوم، المتمثل في زيادة قرابة 343,5 مليون دولار في حجم الاستثمارات، لا يعني الشيء الكثير، في ما يتعلق بوقعه على الدورة الاقتصادية للمغرب. هكذا ينتقد عضو لجنة المال النيابية والبرلماني المغربي عن حزب الاتحاد الاشتراكي، المهدي المزواري، مشروع قانون المالية. ويبرر اعتراضه في حديث مع "العربي الجديد"، بالحجج التالية:
لا أحب مناقشة الأرقام، بل انعكاساتها على الاقتصاد المغربي، وتطوير الاستثمار في مختلف المجالات. تقييم حجم الاستثمار العمومي أو الخاص، يجب أن ينطلق أولاً مما حققته الحكومة هذه السنة، إذ إننا سنقفل نهاية 2014 على نسبة بطالة تصل إلى حدود 10,3%.
من خلال قراءة مشروع قانون المالية، يتضح أن الحكومة لم تستثمر الفرصة التاريخية للمغرب. وذلك خصوصاً بعد فترة الربيع العربي، إذ كانت المملكة استثناء في محيطها، ما وفر لها مناخاً سياسياً مستقراً، كان يمكن أن يجلب استثمارات ضخمة في القطاع الخاص، وإطلاق أخرى في القطاع العام.
ضاعت الفرص كما نلمس من الخطوط العريضة لقانون المالية، وضاعت معها مشاريع هجرت الدول التي تعرف توترات، لكن لم تجد حكومة في المغرب قادرة على اقتناصها.
أعطاب قانون المالية لسنة 2015، سببها تأجيل العديد من الإصلاحات. المستثمر يرى العديد من المؤشرات لولوج السوق المغربية، ويتابع استثمارات الحكومة في كل المجالات، سواء كانت إنتاجية كالبنية التحتية، أو خدماتية. لذلك صارعنا 3 سنوات، لفرض الإصلاحات، ولم تحصل. كذلك، هناك استثمارات تحققت نتيجة مسار طويل انطلق منذ 15 سنة، لكن اليوم نفتقر إلى جهاز قادر على التفاعل مع متطلبات الاستثمار.
وفي ما يخص الرؤية المستقبلية، تعد الحكومة بتوفير 500 ألف منصب شغل، في الفترة ما بين 2014 و2020، بمعدل 70 ألف وظيفة في السنة. لكن على أي أساس وضعت هذه الأرقام؟ لا أعتقد أن الاستثمارات التي تعد بإطلاقها ستوفر هذه الوظائف، في ظل الاكتفاء بالتعويل على قطاع السياحة، وتحويلات المغاربة في الخارج وكذا القطاع الفلاحي. ولا أعتقد أنه يوجد جديد في مشروع المالية، سوى رفع الضريبة على القيمة المضافة.
أما ما هو مرتبط بالبنية التحتية، فالحكومة ليس لها خيار غير مواكبتها، لذلك أنا مطمئن. لسنا عدميين في المعارضة، ونحن نتمنى أن ترتفع وتيرة إنجاز المشاريع الاستثمارية.



المساهمون