"المهاجم مهم جداً لفريقي ولي. هو بمثابة نقطة مرجعية لخطط الفريق. في حالة وقوفه بشكل مميز داخل الملعب وتمركزه بالطريقة الصحيحة، من السهل وقتها اللعب بطريقة أفضل وتقديم كرة قدم جيدة، إنه عامل مؤثر في تفاصيل عديدة يهتم بها المدرب وطاقمه".
طريقة كونتي
كانت هذه كلمات أنطونيو كونتي، بعد المباراة الودية التي جمعت تشلسي وأرسنال في آسيا، للدلالة على أهمية مركز رأس الحربة ومدى دخوله في النظام الخططي للمجموعة ككل، وذلك بعد إتمام فريقه التعاقد مع الإسباني موراتا، وسط شكوك قوية بعودة دييغو كوستا إلى الليغا مرة أخرى.
كونتي لا يريد كوستا معه في الفريق، لقد تحدث معه بشكل مباشر وأخبره بالأمر، لا أحد يعلم الأسباب العميقة خصوصاً مع تألق المهاجم وأرقامه الرائعة في البريمرليغ، لكن المقربين من داخل الكواليس أكدوا أن مهاجم الزُرق لا يلتزم بتعليمات المدرب على طول الخط، يتحرك في اتجاه مغاير لما يُطلب منه في بعض الأحيان، يتمركز داخل الصندوق حينما يريد أنطونيو خروجه بعيداً. حتى وإن كان تصرف دييغو الفردي قد قاده إلى هدف في شباك المنافسين، فيبدو أن المدير الفني لم يرض أبداً بهذا الخرق المعاكس لقوانينه الخاصة.
بالعودة إلى وصف المهاجم من وجهة نظر كونتي، فإن البلجيكي الشاب ميشي بتشواي قام بتطبيق كلمات مدربه بالنص داخل الملعب، ولا يتعلق الأمر فقط بتسجيله هدفين أو حتى صناعته المحورية للهدف الأول، ولكن لطريقة تعاونه وتناغمه مع زملائه، من خلال خروجه بعيداً عن منطقة الجزاء عندما يريد كونتي، وتحوله المفاجىء من الطرف إلى العمق لخلق الزيادة، وحتى في الاستفادة من انطلاقات ويليان في الحصول على موقع أفضل بالقرب من المرمى، وهذا ما يجب أن يفعله ألفارو موراتا خلال الموسم المقبل مع تشلسي.
أن يبني المهاجم تحركاته وتمركزه وتحركاته وحتى سلوكه داخل الملعب بناء على خطة فريقه وليس العكس، ربما تكون هذه القاعدة هي التي أقصت دييغو كوستا رغم نجاحه، لأن المدرب الإيطالي يرى هذا المكان من مفهوم "التمركز واللعب التموضعي فقط"، أي أن الوقوف في الموقف الصحيح ضرورة وليس اختياراً، مهما بلغت قيمة النجم وفعاليته التهديفية.
حديث هنري
انتشرت منذ فترة مقابلة تلفزيونية للفرنسي القدير تيري هنري، يحكي فيها عن بعض التفاصيل التكتيكية التي عاشها رفقة بارسا غوارديولا قائلاً، إذا لم تفعل ما يطلب منك فعله ستكون في أزمة حقيقية. ليرد عليه المحاور "جيمي كاراغر" ويخبره، حسناً إذا كنت على اليمين وفكرت في الصعود بالكرة والركض بها للناحية الأخرى، ماذا سيحدث؟ يرد الغزال بأنه في إحدى المرات كان واقفاً بعيداً عن الهجمة، متمركزاً وفق ما قاله المدير الفني لكنه شعر ببعض الملل، وأراد الاستمتاع مع زملائه بالقرب من الكرة، وفعلاً ذهب هنري لمساندة ميسي على الخط الآخر، هنا صاح فيه بيب لكنه استمر وسجل هدفاً بعدها، لكن المفاجأة أن غوارديولا قام باستبداله بين الشوطين عوضاً عن مديحه كالمتوقع.
"عندما يضع المدرب الخطة، احترم الخطة"، هكذا هي القاعدة التي يؤمن بها أكثر من مدرب، مثل كونتي وبيب وآخرين، لأنهم من هواة اللعب على أدق التفاصيل، لذلك لا غرابة أبداً من كم الانتقادات التي طاولت غوارديولا بعد رحيله من ميونخ، لدرجة أن الفرنسي فرانك ريبري وصفه بالفلسفة الزائدة، وأنه يتحدث كثيراً في الأمور المعقدة رغم أن كرة القدم أسهل من ذلك بمراحل، وتوقع اللاعب أن ينجح بشكل أكبر مع أنشيلوتي، لكن هذا لم يحدث بعد، على الأقل في الموسم الماضي الذي أصيب فيه ريبري كالعادة، وفقد النسق المطلوب في أسابيع الحسم.
ليفاندوفيسكي أيضاً ركب نفس الموجة وقال: "إن غوارديولا كان يطلب من كل لاعب أن يتطور في مركز غير معتاد، لكنني ناضج بما فيه الكفاية لأعرف أين ألعب وكيف أتطور وإلى أين أنتمي، فأنا مهاجم صريح وأعرف المطلوب مني جيداً"، وبالتالي فإن معظم النجوم يريدون حرية الحركة بالثلث الأخير، لكن بعض المدربين يرفضون ذلك بشدة، ويفضلون اللعب وفق التمركز فقط، وكل ما غير ذلك مجرد هراء لا أكثر ولا أقل.
الغاية أم الوسيلة؟
التحرك والتمركز وخلق الفرص كلها عوامل أقرب إلى الوسيلة، لكن تسجيل الهدف في النهاية هو الغاية لأي فريق ومدرب. وخلال جولة السيتي الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية، قدم الفريق مردوداً ممتازاً مع فوزين وهزيمة، لكن تمحورت السلبيات في إضاعة الفرص السهلة أمام المرمى، في تكرار غريب لنفس سيناريو الموسم الماضي، من خلال انخفاض تركيز أغويرو وزملائه داخل منطقة جزاء المنافسين بالمباريات الحاسمة.
يضع بيب قواعد صارمة أمام لاعبيه، يجب أن يقف المهاجم في هذا المكان، ويتحرك بطريقة ما ليبتعد عن المرمى، ويفتح الطريق أمام القادمين من الخلف، هو لا يفضل أبداً وجود مهاجم صريح في الأمام، وماضيه يؤكد ذلك أيضاً بعد تخليه عن إيتو وإبراهيموفيتش في برشلونة، لكن المشكلة التي تواجهه مؤخراً، أنه لا يملك لاعب وسط أو صانع لعب قادراً على تسجيل نصف الفرص التي يتحصل عليها، والدليل اشتراك كلٍّ من دي بروين، ستيرلينغ، دانيلو، سيلفا في إضاعة الفرص وليس فقط جيسوس أو أغويرو.
يستخدم السيتي مهاجميه في جذب مدافعي الخصم بعيداً عن مناطق الخطورة. أمام توتنهام في الدوري بالموسم الماضي، استغل "الكوتش" دفاع توتنهام المتقدم، وكسر ضغطهم العالي بإجبارهم دائما على العودة إلى مرماهم، لذلك لعب كون أغويرو في منطقة التسلل خلال فترات طويلة من اللعب، وكان الأمر مقصوداً، حتى يرمي دفاع السيتي كرات طولية خلف دفاعات السبيرز، وينشغل الدفاع بوجود أغويرو أمامهم، مع حصول ستيرلينغ وساني على مساحات واضحة نتيجة تحركات الأرجنتيني.
القادم
ونتيجة هذه المعطيات يفكر الفريق في نصف مهاجم وليس رأس حربة صريحاً، ليتجه إلى أليكسيس سانشيز وكيليان مبابي، ولا يقلل هذا الأمر من مهاجميه بل يزيد من خاصية الحسم للقادمين من الخلف إلى الأمام. وتدل الصفقات الأخيرة في البريمرليغ على أهمية "المهاجم" في تكتيك معظم الفرق التي تنافس على اللقب، بعد تعاقد اليونايتد مع لوكاكو برقم فلكي، وقدوم ألكسندر لاكازيت إلى آرسنال، وإصرار كونتي على جلب ألفارو موراتا بأي ثمن، نتيجة عدم تأقلمه مع كوستا وصعوبة التعامل بين الثنائي داخل الملعب وخارجه.
ويبدو أن هذه الصيحة لن تتوقف مع مستقبل أليكسيس سانشيز الضبابي في لندن، لأن هذا اللاعب سيكون محورياً في خطط السيتي إذا اكتملت الصفقة فعلياً، لأنه سيحل عدداً كبيراً من المشاكل المرتبطة بضعف الحسم الهجومي ونقص التهديف داخل الصندوق. ورغم أنه ليس مهاجماً صريحاً، إلا أنه يقدم الإضافة المرجوة من خلال مهارته في الاختراق، وتحركاته السريعة من الثبات إلى عمق الملعب، وهذا ما يحتاجه بيب لتقديم نفسه كمنافس شرس على اللقب.
مهما تغيرت الخطط وتعقدت أمور التكتيك، يبقى مركز المهاجم بمثابة العمود الرئيسي لأي فريق، سواء تمركز داخل المنطقة فقط ولعب بطريقة كلاسيكية، أو عاد للخلف للصناعة رفقة لاعبي الوسط، أو حتى لعب على الطرف كساعد هجومي أمام الظهير، في النهاية المحصلة واحدة، إضافة عنصر جديد إلى المنظومة التي تترجم الفرص إلى أهداف.
اقــرأ أيضاً
طريقة كونتي
كانت هذه كلمات أنطونيو كونتي، بعد المباراة الودية التي جمعت تشلسي وأرسنال في آسيا، للدلالة على أهمية مركز رأس الحربة ومدى دخوله في النظام الخططي للمجموعة ككل، وذلك بعد إتمام فريقه التعاقد مع الإسباني موراتا، وسط شكوك قوية بعودة دييغو كوستا إلى الليغا مرة أخرى.
كونتي لا يريد كوستا معه في الفريق، لقد تحدث معه بشكل مباشر وأخبره بالأمر، لا أحد يعلم الأسباب العميقة خصوصاً مع تألق المهاجم وأرقامه الرائعة في البريمرليغ، لكن المقربين من داخل الكواليس أكدوا أن مهاجم الزُرق لا يلتزم بتعليمات المدرب على طول الخط، يتحرك في اتجاه مغاير لما يُطلب منه في بعض الأحيان، يتمركز داخل الصندوق حينما يريد أنطونيو خروجه بعيداً. حتى وإن كان تصرف دييغو الفردي قد قاده إلى هدف في شباك المنافسين، فيبدو أن المدير الفني لم يرض أبداً بهذا الخرق المعاكس لقوانينه الخاصة.
بالعودة إلى وصف المهاجم من وجهة نظر كونتي، فإن البلجيكي الشاب ميشي بتشواي قام بتطبيق كلمات مدربه بالنص داخل الملعب، ولا يتعلق الأمر فقط بتسجيله هدفين أو حتى صناعته المحورية للهدف الأول، ولكن لطريقة تعاونه وتناغمه مع زملائه، من خلال خروجه بعيداً عن منطقة الجزاء عندما يريد كونتي، وتحوله المفاجىء من الطرف إلى العمق لخلق الزيادة، وحتى في الاستفادة من انطلاقات ويليان في الحصول على موقع أفضل بالقرب من المرمى، وهذا ما يجب أن يفعله ألفارو موراتا خلال الموسم المقبل مع تشلسي.
أن يبني المهاجم تحركاته وتمركزه وتحركاته وحتى سلوكه داخل الملعب بناء على خطة فريقه وليس العكس، ربما تكون هذه القاعدة هي التي أقصت دييغو كوستا رغم نجاحه، لأن المدرب الإيطالي يرى هذا المكان من مفهوم "التمركز واللعب التموضعي فقط"، أي أن الوقوف في الموقف الصحيح ضرورة وليس اختياراً، مهما بلغت قيمة النجم وفعاليته التهديفية.
حديث هنري
انتشرت منذ فترة مقابلة تلفزيونية للفرنسي القدير تيري هنري، يحكي فيها عن بعض التفاصيل التكتيكية التي عاشها رفقة بارسا غوارديولا قائلاً، إذا لم تفعل ما يطلب منك فعله ستكون في أزمة حقيقية. ليرد عليه المحاور "جيمي كاراغر" ويخبره، حسناً إذا كنت على اليمين وفكرت في الصعود بالكرة والركض بها للناحية الأخرى، ماذا سيحدث؟ يرد الغزال بأنه في إحدى المرات كان واقفاً بعيداً عن الهجمة، متمركزاً وفق ما قاله المدير الفني لكنه شعر ببعض الملل، وأراد الاستمتاع مع زملائه بالقرب من الكرة، وفعلاً ذهب هنري لمساندة ميسي على الخط الآخر، هنا صاح فيه بيب لكنه استمر وسجل هدفاً بعدها، لكن المفاجأة أن غوارديولا قام باستبداله بين الشوطين عوضاً عن مديحه كالمتوقع.
"عندما يضع المدرب الخطة، احترم الخطة"، هكذا هي القاعدة التي يؤمن بها أكثر من مدرب، مثل كونتي وبيب وآخرين، لأنهم من هواة اللعب على أدق التفاصيل، لذلك لا غرابة أبداً من كم الانتقادات التي طاولت غوارديولا بعد رحيله من ميونخ، لدرجة أن الفرنسي فرانك ريبري وصفه بالفلسفة الزائدة، وأنه يتحدث كثيراً في الأمور المعقدة رغم أن كرة القدم أسهل من ذلك بمراحل، وتوقع اللاعب أن ينجح بشكل أكبر مع أنشيلوتي، لكن هذا لم يحدث بعد، على الأقل في الموسم الماضي الذي أصيب فيه ريبري كالعادة، وفقد النسق المطلوب في أسابيع الحسم.
ليفاندوفيسكي أيضاً ركب نفس الموجة وقال: "إن غوارديولا كان يطلب من كل لاعب أن يتطور في مركز غير معتاد، لكنني ناضج بما فيه الكفاية لأعرف أين ألعب وكيف أتطور وإلى أين أنتمي، فأنا مهاجم صريح وأعرف المطلوب مني جيداً"، وبالتالي فإن معظم النجوم يريدون حرية الحركة بالثلث الأخير، لكن بعض المدربين يرفضون ذلك بشدة، ويفضلون اللعب وفق التمركز فقط، وكل ما غير ذلك مجرد هراء لا أكثر ولا أقل.
الغاية أم الوسيلة؟
التحرك والتمركز وخلق الفرص كلها عوامل أقرب إلى الوسيلة، لكن تسجيل الهدف في النهاية هو الغاية لأي فريق ومدرب. وخلال جولة السيتي الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية، قدم الفريق مردوداً ممتازاً مع فوزين وهزيمة، لكن تمحورت السلبيات في إضاعة الفرص السهلة أمام المرمى، في تكرار غريب لنفس سيناريو الموسم الماضي، من خلال انخفاض تركيز أغويرو وزملائه داخل منطقة جزاء المنافسين بالمباريات الحاسمة.
يضع بيب قواعد صارمة أمام لاعبيه، يجب أن يقف المهاجم في هذا المكان، ويتحرك بطريقة ما ليبتعد عن المرمى، ويفتح الطريق أمام القادمين من الخلف، هو لا يفضل أبداً وجود مهاجم صريح في الأمام، وماضيه يؤكد ذلك أيضاً بعد تخليه عن إيتو وإبراهيموفيتش في برشلونة، لكن المشكلة التي تواجهه مؤخراً، أنه لا يملك لاعب وسط أو صانع لعب قادراً على تسجيل نصف الفرص التي يتحصل عليها، والدليل اشتراك كلٍّ من دي بروين، ستيرلينغ، دانيلو، سيلفا في إضاعة الفرص وليس فقط جيسوس أو أغويرو.
يستخدم السيتي مهاجميه في جذب مدافعي الخصم بعيداً عن مناطق الخطورة. أمام توتنهام في الدوري بالموسم الماضي، استغل "الكوتش" دفاع توتنهام المتقدم، وكسر ضغطهم العالي بإجبارهم دائما على العودة إلى مرماهم، لذلك لعب كون أغويرو في منطقة التسلل خلال فترات طويلة من اللعب، وكان الأمر مقصوداً، حتى يرمي دفاع السيتي كرات طولية خلف دفاعات السبيرز، وينشغل الدفاع بوجود أغويرو أمامهم، مع حصول ستيرلينغ وساني على مساحات واضحة نتيجة تحركات الأرجنتيني.
القادم
ونتيجة هذه المعطيات يفكر الفريق في نصف مهاجم وليس رأس حربة صريحاً، ليتجه إلى أليكسيس سانشيز وكيليان مبابي، ولا يقلل هذا الأمر من مهاجميه بل يزيد من خاصية الحسم للقادمين من الخلف إلى الأمام. وتدل الصفقات الأخيرة في البريمرليغ على أهمية "المهاجم" في تكتيك معظم الفرق التي تنافس على اللقب، بعد تعاقد اليونايتد مع لوكاكو برقم فلكي، وقدوم ألكسندر لاكازيت إلى آرسنال، وإصرار كونتي على جلب ألفارو موراتا بأي ثمن، نتيجة عدم تأقلمه مع كوستا وصعوبة التعامل بين الثنائي داخل الملعب وخارجه.
ويبدو أن هذه الصيحة لن تتوقف مع مستقبل أليكسيس سانشيز الضبابي في لندن، لأن هذا اللاعب سيكون محورياً في خطط السيتي إذا اكتملت الصفقة فعلياً، لأنه سيحل عدداً كبيراً من المشاكل المرتبطة بضعف الحسم الهجومي ونقص التهديف داخل الصندوق. ورغم أنه ليس مهاجماً صريحاً، إلا أنه يقدم الإضافة المرجوة من خلال مهارته في الاختراق، وتحركاته السريعة من الثبات إلى عمق الملعب، وهذا ما يحتاجه بيب لتقديم نفسه كمنافس شرس على اللقب.
مهما تغيرت الخطط وتعقدت أمور التكتيك، يبقى مركز المهاجم بمثابة العمود الرئيسي لأي فريق، سواء تمركز داخل المنطقة فقط ولعب بطريقة كلاسيكية، أو عاد للخلف للصناعة رفقة لاعبي الوسط، أو حتى لعب على الطرف كساعد هجومي أمام الظهير، في النهاية المحصلة واحدة، إضافة عنصر جديد إلى المنظومة التي تترجم الفرص إلى أهداف.