المنامة تصعّد مع المعارضة: 18 ملفاً ضدّ علي سلمان

03 يناير 2015
توتر في الشارع على خلفية توقيف سلمان (getty)
+ الخط -
دخلت الأزمة البحرينية، بعد فشل الحوار ثم إجراء الانتخابات التشريعية والبلدية، التي قاطعتها المعارضة، مرحلة جديدة، بانت ملامحها مع توقيف الأمين العام لجمعية "الوفاق الوطني" الإسلامية المعارضة، علي سلمان؛ مرحلة تريد السلطة من خلالها إزاحة نهج "حوار الطرشان" السياسي الذي جرى خلال الأشهر الماضية، وتأديب الجهة التي تعدّ من وجهة نظرها "عقبة" أمام الحلول التي تطرحها، بحسب ما توضح المصادر المتقاطعة.

وواصلت السلطات البحرينية، أمس، التحقيق مع زعيم المعارضة لليوم السادس على التوالي منذ اعتقاله يوم السبت الماضي، وواجهته بـ18 ملفاً تحتوي على خطَب ألقاها في مناسبات مختلفة منذ العام 2012، لدعم الاتهامات الموجّهة إليه (وعددها 9 تهمة)، بتهديد النظام والعمل على إسقاطه.

وبحسب المحامي العام نايف محمود، فإن النيابة العامة استجوبت خلال الأيام الماضية الشيخ سلمان، حول ما نُسب إليه من ترويج تغيير النظام بالقوة والتهديد، فضلاً عن اتهامات أخرى، وواجهته بما تضمنته خطبه وكلماته المسجلة والتي ألقاها في محافل عامة. كما واجهته بتسجيل يقول فيه إنه "سبق أن عُرض على المعارضة أن تنتهج نهج المعارضة السورية وأن تحول البلد إلى معركة عسكرية"، وإنه "أثناء وجوده بالخارج التقى ببعض المجموعات التي أبدت له استعدادها لدعم ما يسمى بالحراك في البحرين وتزويده بالسلاح، إلا أنّه رفض ذلك، وقد أقرّ المتهم لدى مواجهته بالتحقيق بما ورد بكلمته".


واعتبرت "الوفاق" في بيان لاحق لها، أنّ النيابة العامة لم تذكر ردّ سلمان على الاتهامات الموجّهة إليه، واكتفت بالتركيز على إقراره بتصريحاته، وعلى "تهمة التهديد باستعمال القوة العسكرية والسلاح لتغيير نظام الحكم"، متجاهلةً "ما تضمنته الخطب ذاتها من رفض القوة والسلاح والعنف، ورفض عروض العنف".

وبحسب النائب السابق عن جمعية "الوفاق"، علي الأسود، فإنّ سلمان تمسّك بدعوته إلى السلمية أثناء التحقيق، بدون أن ينفي ما قاله في العلن في إحدى خطاباته وعلى قناة "اللؤلؤة" المعارضة البحرينية التي تبث من لندن، بشأن لقاءات له خارج البحرين، دعت إلى عسكرة التحرك، وعرضت تسليح المعارضة، مشيراً إلى أنّ ردّه على تلك الدعوات كان واضحاً بالتمسك بسلمية الحراك.

وفي تفاصيل  تلك اللقاءات، يقول الأسود لـ"العربي الجديد"، إنّ الشيخ التقى في إحدى زياراته إلى العراق بـ"مجاميع شبابية"، لم يحدّد هويتها أو توجّهها، وإنّه سُئل خلال هذه اللقاءات حول إمكانية تسليح المعارضة في البحرين لإسقاط النظام بالقوة، غير أنّه شدّد على سلمية التحرّك ورفض العرض.


وبخصوص سير التحقيقات، قال الأسود، المقرّب من سلمان، إنّ النيابة العامة تواجه الأخير بـ18 ملفاً تشمل خطابات ألقاها في مناسبات مختلفة منذ عام 2012، بغرض مواجهته بتسعة اتهامات مرتبطة بزعزعة النظام وأمن البلاد واستخدام القوة وتحريض الشباب على عدم الانصياع للقوانين، والاتصال بجهات خارجية.

وأشار إلى أن التحقيق يسير على الشكل التالي: يفتح المحقق أحد خطابات سلمان ويواجهه به، ويسأله عن قصده وغاياته، ثم يدوّن إقراره به. واعتبر أنّ الغرض من التحقيقات المتواصلة هو تقطيع الوقت أكثر منه إثبات التهم ضدّ زعيم المعارضة.

وعن توقعاته بعد انتهاء فترة السبعة أيام المخصصة لحبس سلمان على ذمة التحقيق، قال الأسود إنّ هناك سيناريوهين: الأوّل تجديد حبس سلمان لمدّة ثلاثين يوماً على ذمة التحقيق، والثاني، الإفراج عنه بكفالة، وتقديمه لمحاكمة "عادلة" بحسب ما طلب الأميركيون. وأشار النائب الوفاقي السابق إلى أنّ الضغوط الدولية ستساهم في ترجيح السيناريو الثاني.

وفي حال استمرار التحقيقات ثم العرض على المحكمة، فإن إدانة سلمان تعود بشكل أساسي إلى رأي السلطة السياسية، وليس القضاء، لأنّ الأخير مسيّس، على حدّ تعبير الأسود، فضلاً عن كون القضية برمتها سياسية.

وأكّد النائب السابق على استمرار التحركات السلمية، لإطلاق سراح زعيم المعارضة، والتأكيد على المطالب الديمقراطية، خصوصاً مع اقتراب ذكرى احتجاجات 14 فبراير/شباط.

وبخصوص وضع سلمان داخل مركز التوقيف، قال الأسود إنّ ظروفه جيدة، ولا يجري التعرّض له بتاتاً من قبل السلطات، كما يُسمح له بلقاء محاميه، الذين يفضلون عدم التصريح بأي معلومات كي لا تأخذ السلطة عليهم حجة "عرقلة سير التحقيقات". كما أنه يلتقي عائلته، وآخر الزيارات كانت أول من أمس، بحيث التقى زوجته وأمه وابنته وابنه.

وبحسب ما نقل الأسود عن زوجة سلمان، فإن اللقاء العائلي كان مسجلاً وبحضور شرطيتين، إضافة إلى آخرين يراقبون من خلف الزجاج، وأنّه أوصى بالعمل السلمي. وكانت المرّة الأولى التي اعتقل فيها سلمان قبل عشرين عاماً، وتحديداً في ديسمبر/كانون الأول 1994.

وجاء اعتقال سلمان بعد الانتخابات التشريعية والبلدية التي قاطعتها تيارات المعارضة الأساسية، ومن ضمنها "الوفاق". وقد أرادت الأخيرة من وراء هذه المقاطعة إسقاط الشرعية عن الانتخابات، وهو ما أزعج السلطة، بحسب ما ذكرت مصادر معارضة لـ"العربي الجديد"، فضّلت عدم نشر اسمها.

وقالت هذه المصادر إنّ السلطة وجدت المناخ الإقليمي الحالي مؤاتياً لقصقصة أجنحة "الوفاق" و"تأديبها"، خصوصاً أمينها العام، الذي تنظر إليه كرجل مشاكس، يقف عقبة أمام الحلول السياسية التي تطرحها. ويتمثل هذا المناخ الإقليمي بالانشغال بالحرب على الإرهاب وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إضافة إلى الانهماك بالهمّ الاقتصادي المتمثل بتهاوي أسعار النفط بالنسبة إلى دول الخليج. وقالت إنّ السلطة حاولت أكثر من مرّة خلال الأشهر الماضية شق صف الجمعية، والفصل بين "الوفاقيين من حمائم وصقور"، والتقت عدداً من الشخصيات القيادية ونواباً سابقين من داخل الجمعية، وعرضت عليهم دعمهم في تأسيس تيار جديد والانشقاق عن "الوفاق". ورفضت المصادر تسمية هذه الشخصيات، لكنها قالت إنّها أقلّ تشدّداً من سلمان، وتميل أكثر نحو الحلول السياسية.

ويرى مراقبون أنّ توجّه السلطة نحو العمل مع "حمائم" "الوفاق" واعتقالها سلمان، يشبه التكتيك الذي اعتمدته مع جمعية "وعد" اليسارية المعارضة، في بداية الأزمة، إذ إنّها اعتقلت أمينها العام إبراهيم شريف، الذي يقبع منذ سنوات مع رموز المعارضة في السجن، ثم دعمت تيار "الحمائم" الذي يجنح نحو الحلول السياسية التي تعرضها السلطة.
دلالات