الممثلة المغربية ثريا العلوي.. سيدة "النساء المرحات"

04 يناير 2016
ثريا العلوي جسّدت دائماً أدواراً تنتصر للمرأة المغربية(Getty)
+ الخط -
استطاعت ثريا العلوي، بمعية رفيقها في درب الفن والحياة الممثل والمخرج نوفل براوي، تقديم نموذج الزيجة الفنية الناجحة في الحقل الفني.
حافظت دوما على نوع من الحضور اللمّاح والمنتج، وفي أدوراها جسّدت المرأة المغربية في تمظهراتها المتنوعة، دور الفتاة اللعوب، والمرأة المتيقظة الذكية السيدة المحترمة، وحتى الصحافية التي تواجه تحديات في مهنتها وسط عالم الحيتان الكبيرة.
تحافظ الفنانة ثريا العلوي دائما على ابتسامتها المشرقة، وقلما يعتكر مزاجها اللطيف، ومنذ أن كانت طالبة في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، استطاعت أن تلفت إليها الانتباه من خلال أدائها في العديد من المسرحيات التي كانت من أعمال التكوين والتخرّج، ومن بينها أعمال عالمية، كمسرحية "النساء المرحات" لشكسبير و"الأخوات الثلاث" لأنطون تشيخوف أو في "البخيل" لموليير، قبل أن تلعب في دور مسرحي احترافي لها في مسرحية "الكابران بوعودة"، التي كتبها الكاتب المسرحي والسيناريست يوسف فاضل، وأخرجها زوجها المسرحي والسينمائي نوفل براوي.
في ريبيرتوارها المسرحي والسينمائي والتلفزيوني منجزٌ محترم بالنسبة لفنانة تمثّل الموجة الجديدة من الفنانين المغاربة الذين أغنوا الساحة الفنية في المغرب، والتي من مميزاتها التكوين الأكاديمي، الذي حل بديلا محل الهواية التي كانت سائدة في المجال. وبذلك تعززت الحياة الفنية في المغرب بجيل من الخريجين في المسرح والسينما والإخراج والسينوغرافيا، ومختلف المهن الفنية المرتبطة بفنون الفرجة.
لم تغيّر هذه الفنانة الكثير من عاداتها، إذ ظلّت على وفائها لحياتها العملية والخاصة، وحافظت بالكثير من المهارة والدربة على خصوصيات حياتها الزوجية. تقول عن التوليفة السحرية التي تحيا بها "حياتي الشخصية والعائلية ليست حلما صعب التحقق. الكثير من أصدقائي استطاعوا أن يبنوا حياةً زوجية مستقرّة، منهم زيجات من الوسط الفني ومنهم من هم خارج الوسط الفني، وبالتالي فأنا أقول إنه ليس هناك وصفة سحرية، وليس حلما بعيد المنال أن يعيش الواحد
استقرارا محترما في حياته الخاصة. وكل ما أود قوله في هذا الموضوع، أن الأمر يتطلب عناية كبيرة، ويتطلب فوق هذا تقدير الاختلاف وحب الاختلاف والمحافظة على الخصوصيات الضرورية دون الوقوع في التماهي، لأن ذلك تكون له عواقب على الخصوصيات الفردية لكل واحد من الزوجين".

انطباعات إيجابية
حول علاقتها بالجمهور المغربي، ترى ثريا العلوي أن هناك علاقة احترام وتقدير لأدوارها، وأنها تركت من اللحظات الأولى للظهور انطباعا إيجابيا يؤكد صدقية المسار الذي اختطته لنفسها، وحرصها الشديد على صورتها الفنية، تقول "أعتقد أن الجمهور المغربي له ذوقه وأحكامه التي ليس من السهل تجاوزها ولا بد من أخذها بعين الاعتبار، وإلا سيكون مآل الفنان عموما هو الفشل، ولذلك فأنا أعتقد أن الجمهور يمكن أن يمارس رقابة فنية على الفنان، ويساعد الفنان على رؤية الضوء بوضوح في نفق تجربته الفنية".
لم يفارق هذه الفنانة هوسها بالمسرح، لكن الظروف التي يمر بها المسرح المغربي، أبعدتها قليلا عنه، وهي ترى أن أزمته الراهنة أو المشاكل التي لازمته ليس من السهل اليوم تجاوزها أو القفز عليها، لذلك فإن عملية إنقاذية لهذا المسرح، تتطلب الكثير من الوقت ومن الخطط المحكمة حتى يصبح في النهاية قطاعا حيويا ومنتجا، وليس مجرد ممارسة تحتاج إلى الدعم كي تدور عجلتها.
الصندوق السحري حل المعادلة في نظر ثريا العلوي، فهي تؤكد أن التلفزيون فسح المجال أمام الجميع، وقدم فرصا للمسرحيين والسينمائيين المغاربة للإبداع الحقيقي، وأتاح لهم الوصول السهل إلى هذا الجمهور العريض.
في فهمها لدور الممثل أو الممثلة، تؤكد أن مرتكزها الأول هو الصدق الفني، وأيضا القدرة على خلق التنوع، وتمثل الأدوار المسنودة إليها بشكل جيد، بعيدا عن التقييمات خارج فنية، تقول "الفنان بالنسبة إليّ ليس شيطانا أو ملاكا، وحتى النقاش الجاري أخيرا في الساحة الفنية والإعلامية حول الجرأة، هو نقاش غالبا ما يجري من زوايا خاطئة،لأن ما نشاهده ونراه ونتفاعل معه، ما هو في النهاية إلا عملا فنيا وتخييليا، ولذلك كلما احتكمنا إلى معايير من خارج السينما والمسرح والدارما إلا وخرجنا من مجال الفن ودخلنا إلى مجالات أخرى، وهذا ما يجعل من النقاشات الدائرة، نقاشات مغلوطة".

اللهجة المغربية قادرة

تعتقد ثريا العلوي أن الفنان المغربي ما يزال لم يكرس نفسه كوجود فني أو كلوبي قادر على التأثير والوصول إلى العالم العربي، وترى أن ذلك يرتبط أساسا، ببنية إنتاج وبقدرة على التداول الفني خارج الحدود، ما يؤدي في النهاية إلى تحجيم هذا الفنان ضمن محيطه العربي.
تقول "حقيقة أن طموح أي فنان هو الوصول إلى الجمهور الواسع في العالم العربي، وبالأخص في سورية ولبنان ومصر، لكن حضور الفنان المغربي ما يزال أقل في هذا المحيط الشاسع.
يرد البعض هذا التواجد المحدود إلى عامل اللهجة، لكن هذا التعليل، ليس سببا كافيا، فماذا نقول عن الأعمال العربية الأخرى التي تصلنا بلهجاتها المحلية ونتفاعل معها بمختلف مستوياتنا التعليمية والثقافية. ولذلك من وجهة نظري، فإن السبب الجوهري يكمن في عدم القدرة على تسويق أعماله الفنية في العالم العربي وفي الخارج، مثل السينما والمسلسلات التركية، التي اجتاحت العالم العربي ويتابعها المغاربة من مختلف الأجيال"، وهذا، في رأيها، دليل إضافي على عدم صدقية مقولة قصور اللهجة المحلية المغربية، بعد أن اجتاحت لهجات ولغات محلية العالم العربي.
لا تبدو ثريا العلوي منشغلة بعروض العمل ولا متلهفة عليها، بل هي حريصة على صورتها وعلى تاريخها الفني، تدقق في اختياراتها، وتعتبر أن رصيدها هو الثروة الوحيدة التي عليها أن لا تبدّدها كما اتّفق وفي أعمال لا تقدم لها الجديد.
من أعمالها فيلم "حوت البر"، و"سراح مؤقت"، و"الطفولة المغتصبة"، و"يا ريت"، و"أنا وخويا ومراتو"، و"نساء ونساء"، و"الفرح الصغير"، و"طرفاية"، و"شجرة الزاوية"، و"الكبش"، و"إمزورن"...


المساهمون