فوجئ سكان الموصل بقدوم مجاميع مسلحة من مليشيا "حزب الله" العراقية وقيامهم بالاستيلاء على عدد من المنازل التي اتخذوها مقارّ ومراكز اعتقال وتحقيق، بمساندة قوات الأمن العراقية الحكومية التي ما زالت تقوم بحملات بحث وتفتيش في مناطق القسم الغربي من مدينة الموصل.
وافتتحت مليشيا "حزب الله"، اليوم الأحد، عدداً من المقار العسكرية في مدينة الموصل، إذ اتخذت من منازل ومباني مواطنين لم يطاولها التدمير مقار لها، وسط مخاوف كبيرة من السكان بسبب بدء المليشيا بعمليات اعتقال واسعة في الموصل بدون مذكرات اعتقال قضائية.
وأكد سكان محليون في مدينة الموصل لـ"العربي الجديد" استيلاء مسلحي مليشيا "حزب الله" على عدد من المنازل في أحياء متفرقة في غرب الموصل، وقيامهم برفع علم المليشيا الأصفر فوق أبراج الاتصالات العالية وأسطح المنازل التي استولوا عليها، بحجة قيام هذه المكاتب بحملات تنظيف وتوزيع للمواد الإغاثية على السكان.
وأكد أحد سكان منطقة حي التنك، وفد طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "مسلحين تابعين لمليشيا "حزب الله" قدموا من خارج مدينة الموصل برفقة قوات الشرطة الاتحادية، قاموا، خلال الأيام الماضية، بحملات تفتيش تخللتها عمليات اعتقال لعشرات الشبان بتهمة الانتماء أو دعم تنظيم "داعش" خلال سيطرته على المدينة".
وأضاف شاهد العيان أن "أغلب العمليات تكون بدوافع انتقامية بناء على وشاية المخبرين السريين، أو لغرض مساومة المعتقلين على دفع مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم".
وأفاد شاهد عيان آخر بأن "مدينة الموصل باتت تحت هيمنة عدد من المليشيات، التي ظهرت في المدينة بعد نهاية المعارك، وأخذ مسلحوها يفرضون سيطرتهم وقوانينهم"، مؤكدا "تعرض أصحاب المحال والمصالح التجارية لعمليات ابتزاز منظمة يقودها ضباط في القوات الأمنية وعناصر في مليشيات "بدر" و"حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء" وغيرها من المليشيات".
إلى ذلك حذر النائب في البرلمان العراقي والقيادي في "الحشد العشائري"، عبد الرحمن الشمري، الحكومة العراقية من انفلات الوضع الأمني في مدينة الموصل، نتيجة لوجود من سماهم بـ"العناصر المنفلتة وغير المنضبطة" من عناصر القوات الأمنية من قوات الشرطة الاتحادية والجيش، وقيامهم بـ"عمليات ابتزاز وأخذ إتاوات بالقوة من السكان المحليين في مناطق الموصل والقيارة".
وقال النائب الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الإنجاز العسكري الذي تحقق في الموصل هو انتصار كبير ويجب أن نحافظ عليه، إلا أن هنالك تجاوزات وإشكالات كبيرة تصدر من عناصر القوات الأمنية بالتعدي على المواطنين، وأخذ الأموال منهم بالقوة، مستقلين مركبات الشرطة الاتحادية والجيش، وهو ما يهدد بعودة الموصل إلى المربع الأول".
وطالب الشمري رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وقيادات الجيش والقوات الأمنية الأخرى في الموصل، بـ "وضع حد لهذه التجاوزات، لأنها أمر خطير يهدد الوضع الأمني، وستكون له نتائج كارثية على مستقبل المدينة"، على حد قوله.
وكان ممثلون عن العشائر العربية السنية في مدينة الموصل قد طالبوا، في بيان مشترك لهم، بإخراج مليشيات "الحشد" من الموصل، متهمين إياها بـ"القيام بعمليات إعدام وخطف واعتقال لمدنيين بدوافع طائفية وانتقامية"، مؤكدين "تورط عناصر في مليشيات "الحشد" بعمليات خطف جرت مؤخرا لغرض الحصول على الفدية مقابل إطلاق سراح المخطوفين".
يشار إلى أن مليشيا "حزب الله" العراقية هي إحدى أبرز المليشيات التي تشكلت منها "الحشد الشعبي" في العراق لمؤازرة القوات الأمنية العراقية في الحرب على "داعش"، وترتبط تنظيميا مع قيادة "حزب الله" اللبناني الذي يتزعمه حسن نصر الله.
وقد أكدت تقارير لمنظمات دولية تورط مليشيا "حزب الله" العراقية بانتهاكات جسيمة تراوحت بين عمليات إعدام جماعي لمعتقلين أو عمليات خطف طاولت آلاف المدنيين من المناطق السنية في العراق.