الملابس المستعملة تنذر بأزمة في تونس

05 أكتوبر 2016
سوق للملابس المستعملة في تونس ( فتحي بليد/فرانس برس)
+ الخط -
لا تنقطع الحركة على مدار الساعة في سوق "الحفصية" بقلب العاصمة التونسية، فهذا السوق القديم يضجّ بالباحثين عما تجود به الملابس المستعملة المكدسة، بما يتماشى والمقدرة الشرائية لشرائح كبيرة من التونسيين.
ولأن الملابس المستعملة أو ما يصطلح عليه بالعامية التونسية بـ"الفريب" باتت ملاذ نحو 70% من التونسيين، وفق بيانات محلية، فقد فجرت رغبة الحكومة في إجراء تعديلات على قوانين القطاع وتقليص وارداته، سيلا من ردود الفعل الرافضة لهذا التوجه، فيما هدد المهنيون بالدخول في إضراب وإحالة نحو 50 ألف عامل على البطالة القسرية.

وتنوي الحكومة، عبر القوانين الجديدة، إحداث وكالات لتوريد الملابس، بهدف مراقبة الواردات على أن تتولى هذه الوكالات توزيع حصص الملابس على تجار الجملة ومصانع فرز الملابس.
ويعتبر المهنيون أن الحكومة تتخذ من ترشيد الواردات ذريعة، لسحب حق التوريد منهم ومنحها حسب مشروع القانون الجديد إلى "لوبيات ترغب في سحب البساط من تحت أهل المهنة وإحكام السيطرة عليه".
يقول الصحبي المعلاوي، رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة بالجملة، إن التشريعات الجديدة التي اقترحتها الحكومة لتنظيم القطاع تهدد المقدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى أن الحد من الواردات سيؤدي إلى شح في كميات الملابس وسيرفع من أسعارها فضلا عن دخول متعاملين جدد تنوي الحكومة إقحامهم تحت عنوان وكالات التوريد.

ويضيف المعلاوي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التونسيين بجميع شرائحهم الاجتماعية يقبلون على الملابس المستعملة، فيما يمثل هذا الصنف من الملابس 12% من جملة الملابس المعروضة في الأسواق.
ويشير إلى أن الحكومة تعتزم ترشيد توريد الملابس المستعملة بحجة عدم قدرة الجمارك على مراقبتها، فضلا عن ضعف مساهمة القطاع في خزينة الدولة، لكن الإصلاحات التي تعتزم الحكومة اتباعها ستكبد القطاع ضرراً كبيراً .

ويقول رئيس الغرفة " هناك لوبيات تسعى إلى الهيمنة على تجارة الملابس بشتى الطرق، وقد تكون هي من أوعزت للحكومة لتغيير التشريعات لصالحها دون استشارة المختصين في القطاع".
بالمقابل تقول مصادر حكومية، إن الحكومة تسعى إلى إجراء مراجعات للعديد من القطاعات التجارية، من أجل تحسين الإيرادات الضريبية. لكن غالبا ما تصطدم مقترحات الحكومة بمعارضة المهنيين ممن يرغبون في إبقاء الأمر على ما هو عليه.

وكان وزير التجارة السابق، محسن حسن، قد أعلن في أبريل/ نيسان الماضي تعرضه لضغوط وتهديدات من جانب من وصفهم بـ"لوبيات الملابس المستعملة" في البلاد، بسبب اعتزام الوزارة تنظيم هذا القطاع، بما يقضي بفرض رسوم جمركية على وارداته وفق مصادر مطلعة، بينما نفت الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة آنذاك توجيه أي تهديدات للوزير.

وتقدر الواردات التونسية من الملابس المستعملة بنحو 10.5 آلاف طن سنوياً، وهي ذات الكمية التي تقوم البلاد بتوريدها منذ سنة 1992 وفق بيانات رسمية.
وتنشط في تونس 47 شركة، في مجال توريد وإعادة تصنيع الملابس المستعملة، كما يوفر القطاع قرابة 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

ويقول كاتب (وزير) الدولة للتجارة، فيصل الحفيان، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن الإصلاحات التي تنوي الوزارة إدخالها على قطاع الملابس المستعملة، تأتي في إطار خطة حكومية لتنظيم العديد من القطاعات غير المنظمة جبائيا (ضريبياً)، لافتا إلى أن هذه الإصلاحات قد تتعارض مع مصالح المهنيين، غير أنها باتت مؤكدة لتعزيز مصادر الدولة المالية.

وتقوم الشركات بجلب النسبة الأكبر من الملابس المستعملة من أسواق أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وتقوم بطرحها في السوق التونسي بعد معالجتها.


المساهمون