المقدسيون يتحدون الاحتلال ويعيدون بناء منزل مهدوم... سنبقى هنا

19 اغسطس 2017
البنيان ارتفع بتضامن المقدسيين(محمد الفاتح)
+ الخط -
بات بإمكان عائلة المواطن المقدسي، عبد الكريم أبو اسنينه، من حي البستان في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، أن تستظل قريباً بسقف منزل من صفيح وطوب أنهت العائلة بمشاركة واسعة من متضامنين ومن عائلات البلدة بناءه على أنقاض منزلها الذي كانت تقيم فيه منذ أكثر من 11 عاماً.

المنزل الذي هدم، يوم الثلاثاء الماضي، من قبل بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، كان يشتمل على شقتين سكنيتين، تؤوي الأولى أفراداً من عائلة أبو اسنينة، والثانية عائلة تقيم فيها بالإيجار، مجموع أفرادهما 10 أنفار باتوا الآن في العراء.

وبالنسبة للصحافي محمد الفاتح، من أصحاب المنزل، فإن إعادة بناء المنزل ليس تحدياً لأحد بقدر ما هو خيار عائلته التي يحتفظ جميع أفرادها بذكريات الطفولة في المكان، وفي سلوان وحي البستان حيث أحلامهم ومستقبلهم.

ويقول الصحافي محمد الفاتح: "ليس لنا أي مكان آخر نذهب إليه. أعدنا بناء المنزل ليل الجمعة – السبت، وأنهينا تشييد جدران الطوب وسقفناه بالزينكو (الصفيح)، لكن يتبقى الكثير لا بد من إتمامه مثل تمديدات الكهرباء والماء والسقف، وهي مهمة نأمل ألا يطول الوقت حتى ننجزها. لا يمكن أن نبقى في العراء. حقنا في السكن والإقامة حيث نشأنا وتربينا، لا يمكن لأي قوة أن تساومنا عليه".

ووفقاً للفاتح، يقع المنزل عند مدخل حي البستان، ونحو مائة من منازله مهددة بالهدم والإزالة، ويخشى سكانه أن تكون عملية الهدم التي جرت، الثلاثاء الماضي، مقدمة كي تستبيح جرافات الاحتلال باقي المنازل المهددة وتهدمها.

على مدى أيام ثلاثة كان حي البستان، وتحديداً محيط المنزل الذي هدم أشبه بخلية نحل، جميع عائلات سلوان: العباسي وعودة وقراعين، وعشرات الأفراد من عائلة أبو اسنينه، إضافة إلى عدد كبير من المرابطات في الأقصى شاركوا جميعاً في إزالة الجزء الأكبر من المنزل المهدوم. وتطوع هؤلاء جميعاً في إزالة الردم تمهيداً لبناء المرحلة الأولى منه، وحال إتمام ترميمه وتجهيزه سيتفرغ الجميع لإزالة باقي الأنقاض ليعود المنزل بشقتيه قائماً من جديد.

في هذا الشأن يقول صاحب المنزل: إن "عادوا وهدموا المنزل سنعيد بناءه من جديد، إذا لم يكن في الحال، فبعد أسبوع أو شهر، لن نغادر المكان، ولن نسمح أن تظل العائلة بلا مأوى. اضطر عشرات الآلاف من المقدسيين للسكن في أحياء خارج القدس مثل كفر عقب وسميراميس وغيرها من أحياء، نحن في سلوان ليس لنا أي مكان آخر، سنبقى هنا".


الاحتلال يهدم والعائلة والمناصرون لها يبنون(محمد الفاتح) 




وتابع "الفرحة بإتمام المرحلة الأولى من إعادة بناء منزل عائلة أبو اسنينة لا تعادلها فرحة، فمجرد أن تقف جدران المنزل من جديد حتى ولو من الطوب والزينكو فهو إنجاز، ويعني الكثير لكل فرد كان يقيم فيه، أما عملية الترميم والصيانة وتشطيبه داخليا وتمديد المياه والكهرباء إليه فلن تتأخر، وستعود العائلة من جديد إلى جزء من بيتها الذي كان قبل ذلك شقتان بمساحة 140 مترا مربعا".

لم تخف العائلة سعادتها بحجم الإسناد والدعم الفصائلي والشعبي لها، وتحول محيط المنزل يوم أمس الجمعة إلى ساحة للصلاة، شارك فيها أهالي بلدة سلوان عموما وشخصيات عامة من مختلف الفصائل، من بينهم: حاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس في حركة فتح، وجمال عمرو خبير القدس والاستيطان، وناجح بكيرات، مدير التعليم الشرعي في الأوقاف الإسلامية، وأحمد الرويضي ممثل منظمة التعاون الإسلامي في فلسطين.


الاحتلال يهدم المنزل(محمد الفاتح) 


وحذر الشيخ بكيرات في خطبة الجمعة، التي ألقاها بجموع المصلين، من المخططات الإسرائيلية التي تستهدف مدينة القدس وتحديدا الشيخ جراح وسلوان، معتبرا أن هدم حي البستان بداية للمخططات الإسرائيلية. وقال: "حي البستان يعتبر نموذجا للصمود".

في حين حذر حاتم عبد القادر، خلال مؤتمر صحافي أعقب الصلاة، السلطات الإسرائيلية من المساس بأملاك المقدسيين في حي البستان، مؤكدا أن القضية سياسية، وليست قانونية الهدف منها تفريغ الأرض من سكانها.


 بناء المنزل على مراحل(محمد الفاتح) 


أما الرويضي فقال إن "موضوع المساس بواد حلوة وحي البستان هو جزء من الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، وإن ما يحصل في البستان بداية تنفيذ مشروع السيطرة على المسجد الأقصى بعد أن عجزت إسرائيل عن تنفيذ مشروعها وفرض السيادة من خلال إجراءاتها الأخيرة"، داعيا إلى إحباط المشروع الإسرائيلي الهادف لتهجير 7 آلاف مواطن مقدسي من حي واد حلوة في بلدة سلوان و1500 مواطن مقدسي في حي البستان.

وفي حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أكد جمال عمرو أن حملة الإسناد الواسعة لعائلة المواطن المقدسي أبو اسنينة، والحماس الكبير لإعادة بناء المنزل، تشكل امتدادا للتجربة المقدسية الرائعة في الدفاع عن الأقصى، وإرغام الاحتلال على إزالة بواباته الإلكترونية عن أبواب المسجد.

وتوقع عمرو تفاعلا أكبر مستقبلا في نوعية وطبيعة فعاليات التضامن مع العائلات المنكوبة، ما يشكل نقلة نوعية في مواجهة إجراءات الاحتلال وممارساته.



دلالات