المغرب: 10 مدخلات للفهم

18 يناير 2016

مدرسون متدربون يتظاهرون بالرباط ضد عنف الشرطة (7 يناير/2016/أ.ف.ب)

+ الخط -
تفاعل السجال السياسي في المغرب، بعد حادثة ضرب الأساتذة المتدربين، في عدد من المدن المغربية، ونزل رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، بكل ثقله، بعد فترة صمت، ليدافع عن "حكومته"، ولعب دور المحامي عن وزارة الداخلية التي تدخلت عناصرها لتفريق تلك الاحتجاجات.
وهذه ربما سابقة في تاريخ المغرب السياسي، حيث كان الأصل أن يصعد وزير الداخلية القوي، إدريس البصري، في تلك السنوات الصعبة، إلى قبة البرلمان، ويتحدّى الجميع، بما في ذلك المجتمع السياسي، من دون أن يتخلى عن لغة التهديد المبطن والتلويح بالملفات، لزعماء الأحزاب والنقابات القوية الممسكة بورقة الشارع.
اليوم، يتصرف بن كيران، حسب المنطوق الدستوري، باعتباره مسؤولاً عن فريقه الحكومي، يجمع بين مكوناته واجب "التضامن". وهذا ما دفعه إلى الإقرار، تصريحاً وتلميحاً، على أنه لا يجد ضيراً في التعامل مع "أجهزة وزارة الداخلية"، فلقد جرّبها في الانتخابات الجماعية الأخيرة، عندما أوكل لها مهمة الإعداد للانتخابات، واقتنع بأدائها الاحترافي، وهو اليوم مقتنع بأنها على صواب في ما يخص التدخلات التي جرت في الشارع، داعياً إلى الهدوء وعودة الأساتذة المتدربين إلى قاعات الدراسة، ومحمّلاً مسؤولية تأجيج الفعل الاحتجاجي في البلاد إلى جهاتٍ وأطراف سياسية، لم يذكرها بالاسم، لكنه أوحى بها.
ما هي المحصّلة التي يمكن الخلوص إليها بعد "حفلة السجال" تلك؟
أولاً، على المستوى الحكومي، انضمت الأحزاب السياسية المشكِّلة للحكومة إلى رواية بنكيران، واصطفت إلى جانب "الداخلية"، معتبرة أن هذا واجب تمليه اللحظة التاريخية المعقدة.
ثانيا، كانت وزارة الداخلية أكثر شجاعة، من الأطراف السياسية، عندما أعلنت، عبر مسؤولها الأول، أنها لا تجد حرجاً في فتح تحقيق في نوازل العنف، ومستعدة لتقديم المتورطين من رجالها في العنف المبالغ فيه إلى المحاكمة.
ثالثاً، وقع سجال على مواقع التواصل الاجتماعي، فحواه، هل هذه الحركات الاحتجاجية الدورية التي يعرفها المغرب، في بعض مدنه وقراه، سلوك تلقائي أم عمل موجّه من الجسم الحقوقي والسياسي والنقابي.
رابعاً، يدرك المتابع الذي يعرف الساحة السياسية المغربية جيداً، بسهولة أن إخراج الجماهير إلى الشارع، وإدخالها إلى بيوتها من جديد ليس أمراً سهلاً، بل هو فعل منظّم، ويحتاج درجة عالية من الخبرة، حتى لا تنفلت الأمور وتنزاح عن القاعدة.
خامساً، يعرف حزب العدالة والتنمية جيداً أنه في سنة انتخابية، وبالتالي، لم يعد لديه شك بأن بعضاً ممّن يشاركونه "الفكر والهوية" قد يخطئون في حساباتهم، ويسقطون في خدمة أجندات أخرى، تسعى لإضعاف حزبه السياسي والتشويش على أدائه.
وهذا ما جعل بن كيران يوجه تحذيراً لشركائه الآخرين من الإسلاميين في "الفكر والهوية".
سادساً، الحركات الاحتجاجية الدورية التي يعرفها المغرب أصبحت سلوكاً مألوفاً لدى أجهزة وزارة الداخلية، فبعد الخبرة التي راكمتها في تفتيت حركة 20 فبراير، ها هي تستعمل الرصيد نفسه في التعاطي مع خروج الشارع: قليل من العنف والعمل على تفكيك الأنوية المحرّكة.
سابعاً، تراجع الفعل الاحتجاجي إلى حد كبير، منذ خروج الشارع المغربي في 20 فبراير 2011، حسب الأرقام التي تقدمها وزارة الداخلية نفسها. ورجع بعض الوهج بعد مسيرات الشموع في طنجة وتطوان، لكنه خفت، إلى أن أحيته حركة "الأساتذة المتدربين"، ثم عاد إلى الكمون في ظل الحديث عن فتح قنوات جانبية مع هؤلاء للوصول إلى اتفاقات وسطى.
ثامناً، لا توجد قوة اجتماعية ناهضة في البلاد، قادرة على خلق الإجماع المفقود حولها، والتحوّل إلى قاطرة للإصلاح الديمقراطي.
تاسعاً، التحضير للانتخابات المقبلة هو الشغل الشاغل للجميع، ما لم يحدث جديد، كأن تقرّر السلطات العليا في البلاد تمديد عمر الحكومة الحالية سنة أو سنتين، خصوصاً إذا عرف المغرب دورة جفاف جديدة.
عاشراً، التحديات الإقليمية وتطورات المحيط المغاربي حاضرة لدى الجميع، ودستور 2011 لم يستنفد نفسه.
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..