المغرب يقتحم قلاع "خصوم وحدته الترابية"

03 سبتمبر 2018
المغرب يغير مقاربته لملف الصحراء (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

في فترة زمنية وجيزة حاولت الدبلوماسية المغربية طرق "أبواب موصدة" لبلدان عُرفت بكونها تعادي مصالح المملكة، خاصة في ملف الصحراء، إذ تؤيد صراحة أطروحة "جبهة البوليساريو" الداعية إلى انفصال الصحراء عن سيادة المغرب، غير أن الرباط بات لها توجه آخر بمد يدها لهذه البلدان "المعادية".


آخر تجسيد لتوجه المغرب نحو الدول التي كانت إلى وقت قريب تعتبر "خصوما" لها، التقارب بين المملكة ودولة كوبا، خاصة بعدما استقبلت الرباط السفير الكوبي إليو إدواردو رودريغيث بيردومو، قبل أيام قليلة، بعد قطيعة دبلوماسية استمرت منذ 1980، في فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الكوبي الراحل فيديل كاسترو.
وكان الحسن الثاني قد قرر قطع علاقات المغرب الدبلوماسية بشكل نهائي مع هافانا بسبب ما اعتبرته الرباط دعما صريحا لكوبا سياسيا في المنتديات الدولية وعسكريا من خلال إرسال السلاح والتدريبات لعناصر "جبهة البوليساريو".
مظهر آخر من السياسة الخارجية المغربية التي باتت تنبذ "الكرسي الفارغ" وتشرع في الفعل عوض رد الفعل، هو مد الرباط يدها إلى جنوب أفريقيا رغم إدراك صناع القرار بالمغرب بأن جنوب أفريقيا ما زالت تمد يد العون للجبهة، بل تعد حاضنا لها في المؤتمرات والتوجهات الأفريقية الكبرى.
وبعد المصافحة التي وُصفت بالتاريخية بين الملك محمد السادس والرئيس السابق لجنوب أفريقيا، جاكوب زوما، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خلال القمة الخامسة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، وبعد الاتفاق حينها على إعادة المياه إلى مجاريها، تم تعيين سفير مغربي أخيرا في هذا البلد الأفريقي.
وعين العاهل المغربي يوسف العمراني، الذي كان يشغل مهمة في الديوان الملكي، سفيرا في جنوب أفريقيا، باعتبار أنه "ملم جيد" بتفاصيل ملف الصحراء، وأيضا بمناورات دولة جنوب أفريقيا الداعمة لـ"جبهة البوليساريو"، وآخرها احتضانها لمؤتمر أفريقي دولي للتضامن مع ما يسمى "الجمهورية الصحراوية".
ويعلق الباحث في العلاقات الدولية، كريم عايش، على الموضوع بقوله إن "الدبلوماسية المغربية عرفت نشاطا محموما في السنوات الأخيرة، وانتهجت الرباط دبلوماسية جريئة قوامها الانفتاح والتواصل والتخلي عن سياسة الكرسي الشاغر التي اعتمدتها لسنين عديدة خاصة تجاه كل التجمعات والمؤتمرات الأفريقية التي تعرف تواجدا لممثلي جبهة البوليساريو".
وسجل عايش في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي وانتخابه لعضوية مجلس الأمن والسلم، كان له الأثر الكبير على مسار الدبلوماسية المغربية ونجاحها في استعادة مكانها بين الدول"، موردا أن "البوليساريو لا تنظر بعين الرضا للزيارات المتعددة للعاهل المغربي لدول أفريقية، وحرص الرباط على بناء علاقات دبلوماسية متوازنة وتعديد الشراكات الاقتصادية".
ومن هذه الشراكات الوازنة، يضيف المحلل ذاته، "أنبوب الغاز الممتد من نيجيريا إلى أوروبا، وهو المشروع العملاق الذي سيجلب معه تنمية محلية وفرص شغل عديدة للبلدين"، موضحا أن "الدبلوماسية المغربية عرفت هيكلة جديدة وتوزيعا متناسقا بعد تعيين الوزير ناصر بوريطة لتولي دفة وزارة الشؤون الخارجية".
وزاد عايش بأن "سياسية اقتحام قلاع خصوم المملكة تعززت بتعيين سفير في جنوب أفريقيا، وهو خبير بملفات الصحراء، وعمل على إعداد معطيات كفيلة بتوفير رؤية واضحة واستراتيجية فعالة تمكنت من إحراج البوليساريو في أكثر من محفل إقليمي ودولي".



وأردف المتحدث بأن "شمولية السياسة الدبلوماسية لكل البلدان والقارات صارت مبدأ تعتمده الرباط لإبراز سعة صدر المغرب وقدرته على الحوار والتفاهم، والدفاع عن ملفاته بجرأة وشجاعة وإقناع، وأيضا خلق مناخ ثقة وأجواء تعاون تمكن من تطوير قطاعات تجارية واستثمارية كفيلة بتحقيق نوع من المبادلات المربحة والمفيدة".