المغرب: كورونا يحرم التجار من مكاسب رمضان والعيد

12 مايو 2020
الحجر يكبّد الأسواق خسائر باهظة (Getty)
+ الخط -

ضاق التجار في المغرب بما فرضه عليهم الحجر الصحي من إقفال محالّهم ولزوم بيوتهم، حيث شرعوا يستعجلون العودة لممارسة نشاطهم، في ظل حرمانهم رواج رمضان والعيد، ما يغذي شحّ السيولة عند بعضهم وتراكم الشيكات من دون رصيد في ذمة البعض الآخر.

وهبوط نشاط التجارة بدأ يتجلى منذ بداية حالة الطوارئ الصحية. فقد توصل استطلاع للرأي أنجزته فيدرالية التجارة والخدمات، إلى أن 64 في المائة من الشركات المستطلعة آراؤها، صرحت بتراجع رقم معاملاتها بما بين 30 و70 في المائة في ثلاثة أسابيع، بينما ذهبت 24.3 في المائة إلى أنها متوقفة تماماً عن العمل.

ولم يخف تجار في أسواق شعبية كبيرة تطلعهم إلى العودة لممارسة أنشطتهم، ما استنفر اتحاد التجار والمستوردين بـ"كراج علال"، وجمعية اتحاد تجار ومهنيي "درب عمر"، وجمعية "وفاق القريعة" للتجار والصناع وأصحاب الخدمات، حيث شُدِّد على تفادي العودة لممارسة النشاط التجاري قبل توفير شروط ذلك.

تدافع تلك الجمعيات عن مصالح ثلاثة أكبر أسواق في الدار البيضاء والمغرب، على اعتبار أنها تزود مختلف المناطق في المملكة بسلع تمتد من الألبسة والمنسوجات والتجهيزات المنزلية المختلفة، إلى السلع الغذائية الأساسية المحلية والمستوردة.

وتتصور تلك الجمعيات أنه إذا كانت الرغبة في استئناف النشاط التجاري مفهومة، غير أنها تعتبر أن الحالة الوبائية التي يعيشها المغرب تفرض "عدم التهاون والاستهتار" بتعليمات السلطات الرامية إلى استمرار حالة الطوارئ والحجر الصحي.

ويؤكد عزيز بونو، رئيس جمعية اتحاد تجار ومهنيي درب عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجمعيات الثلاث، ناشدت التجار عدم الإسراع إلى معاودة نشاطهم، على اعتبار أن ذلك يمكن أن تكون له نتائج وخيمة في حال عدم محاصرة الوباء.

وأقفلت أسواق درب عمر والقريعة وكراج علال، الذي تنطلق منه شاحنات يومياً نحو مختلف أسواق المملكة، جميع المحلات التجارية، باستثناء تلك التي تتعاطى تجارة السلع الغذائية الرئيسية، التي انتعش نشاطها في هذه الفترة بفعل حرص السلطات على تغطية جميع حاجيات السكان.

ويذهب عزيز بونو إلى أن تجار السلع الغذائية في سوق كراج علال، يمثلون بالكاد نحو 10 في المائة، من مجمل الأنشطة التجارية بسوق درب عمر، الذي يحتضن نحو أربعة آلاف محل.

ومن جانبه، أكد رشيد الناجم، رئيس جمعية وفاق القريعة للتجار والصناع وأصحاب الخدمات، أن التجار يستعجلون العودة لممارسة نشاطهم، بسبب صعوبات مرتبطة بشح السيولة، التي تتيح لهم مواجهة مصاريف مثل تلك المرتبطة بالإيجار.

وقال توفيق فرتوح، المسؤول عن محل تجاري، لـ"العربي الجديد" إن العديد من الشيكات بدون رصيد تراكمت في ذمة التجار الصغار تجاه كبار التجار بسبب توقف الحركة التجارية، ما يجعلهم غير قادرين على التزود بسلع جديدة حتى بعد رفع الحجر.

ويراهن التجار في الأسواق الثلاثة على ارتفاع الطلب في شهر رمضان على السلع الغذائية وألبسة العيد الخاصة بالأطفال، غير أنهم يجدون أنفسهم عاجزين عن تصريف مخزونهم من السلع الخاصة بفصل الشتاء، ولا يتوافرون على السيولة التي تتيح لهم الحصول على سلع لتلبية الطلب في العيد والصيف.

تؤكد الجمعيات الثلاث أنها تتواصل مع المسؤولين والسلطات بهدف تبليغهم بجميع المشاكل التي يعاني منها التجار، مشيرة إلى أنه يُسعى إلى بحث سيناريوهات استئناف النشاط الاقتصادي في إطار مقاربة تشاركية ووقائية بين ممثلي السلطة والتجار.

ودعت الاتحادات الثلاثة السلطات إلى تشديد المراقبة على الوحدات الصناعية التي لا تحترم شروط الحجر الصحي وتدابيره، والترخيص فقط بالاشتغال للوحدات الإنتاجية المتخصصة في المواد الأساسية الضرورية للظرفية الحالية.

ويتطلع التجار إلى حل مشكلة شحّ السيولة في الدورة الاقتصادية، عبر آليات ضمان أو تمويل أو دعم عمومي أو التدخل لدى المصارف لتوفير خطوط ائتمان أو فتح اعتمادات لتمكين التجار من تدوير عجلة النشاط التجاري.

ويتطلع التجار كذلك إلى تدخل الدولة لدى القضاء من أجل استحضار الظرفية الحالية عند إرجاع الشيكات بدون رصيد أو في حالة عدم وفاء التجار والمنتجين بالتزاماتهم، وإعادة جدولة القروض والالتزامات المالية.

تلك المطالب لا تُغيب وضعية آلاف العاملين في تلك الأسواق، الذين لا يتوافر السواد الأعظم منهم على الحماية الاجتماعية عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ يجدون أنفسهم بدون إيرادات، إلا من كان منهم مشمولاً بإيثار صاحب العمل أو متلقياً لدعم من الدولة إذا كان لديه بطاقة المساعدة الطبية.

المساهمون