وقُبيل انطلاق الموسم البرلماني الجديد، يوم الجمعة المقبل، تزايدت المؤشرات على اتجاه الحزب اليساري نحو الانشقاق، بعدما عجزت محاولات الصلح عن تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتناحرة، في وقت تنفي فيه القيادة الحزبية أي توجه نحو الانشقاق.
وكانت العلاقات بين التيار الذي يقوده الأمين العام، إدريس لشكر، والتيار المناوئ الذي يتزعمه القيادي في الحزب، النائب أحمد الزايدي، قد تأزمت منذ المؤتمر الأخير للحزب في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، والذي شهد انتخابات منصب الأمين العام.
ويستعد أعضاء تيار "الانفتاح والديمقراطية" للخروج من حزب "الاتحاد الاشتراكي" في حال إصرار قيادته على رفض التنحي عن الزعامة، إذ يتم الحديث عن إمكانية تأسيس حزب جديد، أو الانخراط في صفوف حزب "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" الذي تأسس عام 1959.
يؤكد مصدر مسؤول من داخل التيار الذي يقوده الزايدي، فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "شروط الحوار مع قيادة الحزب، متمثلة في إدريس لشكر، استنفدت أغراضها، ولم يعد لها أي جدوى بعد أن فضلت القيادة الهروب إلى الأمام".
ويتهم المصدر قيادة الحزب "بتمييع النقاش السياسي الراهن، وتحريف سكة الحزب المعروف بمواقفه القوية داخل المعارضة، إلى اتجاه لا يشرف الحزب العتيد، فضلاً عن الدخول في مهاترات سياسية لا تليق بسمعة أحد أقوى أحزاب المعارضة في البلاد".
وكانت التوترات الداخلية في الحزب قد رشحت إثر ظهور أمينه العام في برنامج تلفزيوني، وهجومه على المعارضة التي وصفها بأنها "معارضة صاحب الجلالة"، الأمر الذي دفع بالقيادي في الحزب، جواد بنعيسى، إلى الاستقالة.
واتهم بنعيسى الأمين العام بالتخلي عن الخط السياسي للحزب، الذي يرتكز على مبدأ فصل السلطات، مطالباً بتفعيل هذا الخط الذي اعتمد خلال المؤتمر الأخير، عبر الدعوة لإقامة نظام سياسي برلماني يعطي للملكية دوراً رمزياً.
في المقابل، ينفي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي وجود نزوع إلى الانشقاق الداخلي، معتبراً أن "الحزب المعارض على ما يرام، وأن ما قيل عن انفجار داخله مجرد كلام جرائد، ومحاولة لاستهداف الحزب من قبل البعض".
وترى القيادة الحالية للحزب أن انتخابها في المؤتمر يمنحها الشرعية، التي تفرض على الجميع القبول بما تقرره مؤسسات الحزب وقوانينه الداخلية.
وتشير معلومات متواترة إلى أن القياديين الذين يخططون للانشقاق عن حزب "الاتحاد الاشتراكي"، وهم أحمد الزايدي، وأحمد رضا الشامي، وعبد العالي دومو، وآخرون، يتفاوضون مع قيادة حزب "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، وهو الحزب الأم، للالتحاق به.
وكان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نفسه قد ولد من رحم حزب "الاستقلال" بسبب صراعات سياسية في عام 1959، وقاد الانشقاق في حينها عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة وعبد الله إبراهيم وغيرهم، وتعرض لعدد من المضايقات الأمنية إلى حين تشكيل الحكومة التي قادها في العام 1996.