لم تفضِ الاتصالات التي أجرتها الحكومة مع الاتحادات العمالية، عشية عيد العمال، إلى بلورة اتفاق، يكرس الزيادة في الأجور وتحسين إيرادات الموظفين والعمال، غير أن الباب يبقى موارباً من أجل الوصول إلى اتفاق ما مستقبلاً.
وحسب مصادر عمالية فإن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لم يتمكن في أول مفاوضات مع الاتحادات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، منذ توليه أمر الحكومة، من التوصل إلى اتفاق كان أعلن أنه يريد إبرامه قبل أول مايو/أيار، وهو ما سعى إليه إلي غاية أمس الإثنين.
كما أن وزير الشغل والإدماج المهني محمد يتيم، مساء أمس الاثنين، لم يزف سوى خبر واحد للعمال والموظفين، حيث أعلن عن قرار حكومي يقضي بتفعيل الزيادة في التعويضات العائلية بحوالي 10 دولارات عن كل طفل، حيث ينتظر أن يستفيد منها نحو 387.626 موظف بالإدارة العمومية، و68210 موظفين بالجماعات المحلية و129.000 مستخدم بالمؤسسات العمومية.
ولا يسري هذا القرار بالنسبة لأطفال العاملين في القطاع الخاص، إلا بعد المصادقة عليه من قبل المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي تمثل فيه الحكومة ورجال الأعمال والعمال.
وباستثناء الإجراء السابق لم يتم التوافق مع الاتحادات العمالية حول مستوى الزيادة في أجور الموظفين، فقد اقترحت الحكومة زيادة في حدود 30 دولاراً موزعة على مدى ثلاثة أعوام، لفائدة الموظفين الذين يتلقون أجوراً تقل عن 520 دولاراً في الشهر.
هذه الزيادة لم ترض الاتحادات، التي طالبت بما بين 40 و60 دولاراً، مطالبة بأن تشمل هذه الزيادة جميع الموظفين، الذين لم يعد النظر في أجورهم منذ سبعة أعوام، داعية إلى أخذ بعين الاعتبار تراجع القدرة الشرائية ومستوى التضخم.
كذلك من المنتظر أن يتم حسم نقاط أخرى، تهم رفع منحة الولادة من 15 دولاراً إلى 100 دولار، ومنح تعويض للموظفين الذين يعملون في المناطق النائية في حدود 70 دولاراً، ناهيك عن تحسين شروط الترقي لفئة محدودة من الموظفين.
وسعى رئيس الحكومة يوم الأحد والإثنين، إلى أقناع الاتحادات العمالية بالوصول إلى اتفاق، عبر الالتزام بتحمل نسبة 1% من مساهمات الموظفين في الصندوق المغربي للتقاعد في العام المقبل، إلا أن الاتحادات لم تستجب، فقد اعتبره عبد الإله حلوطي، الأمين للاتحاد الوطني للشغل، عرضاً هزيلاً، لا يلبي الانتظارات.
واقتصر العرض الذي قدمته الحكومة على الموظفين فقط، ولم يشمل العاملين في القطاع الخاص والشركات التابعة للدولة، وهو ما فسر بتحفظ رجال الأعمال على أي تدبير يحملهم تكاليف تنعكس سلباً على تنافسيتهم.
ويحاول رجال الأعمال، الذي سينتخبون رئيساً جديداً لهم في نهاية مايو الجاري، الحصول على التزام من الاتحادات العمالية بقبول تعديلات على قانون العمل ترسي المرونة في سوق الشغل، بالإضافة إلى سن قانون ينظم الإضراب، وهو القانون الذي تدعو الاتحادات إلى سحبه من البرلمان.
وأفاد مصدر نقابي أنه خلال الاتصالات التي جرت مع زعماء الاتحادات، كل على حدة، يومين قبل عيد العمال، اقترح رئيس الحكومة، أعادة العمل بالسلم المتحرك للأجور، والذي صدر بشأنه قانون في الستينيات من القرن الماضي، حيث ترفع الأجور كلما زادت الأسعار، غير أن ذلك لم يقنع النقابات.
وحملت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الحكومة مسؤولية فشل الحوار الاجتماعي، وذهب ميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إلى أن العرض الحكومي كان هزيلاً، مؤكداً على أن اتحاده حريص على الحوار من أجل تحقيق مطالب الموظفين والعمال.
وأكد نعمى ميارة، الأمين العام، للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن العرض الحكومي لا يرقى إلي مستوى تطلعات العمال، الذين "عانوا لمدة سبعة أعوام من تجميد الأجور، مقابل الارتفاع الصاروخي والمهول للأسعار وتدني القدرة الشرائية".
غير أنه رغم فشل الجولة الأخيرة من الحوار، عبرت الحكومة والاتحادات، عن الرغبة في مواصلته، حيث ينتظر أن تعود اللجان إلى طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق يرسي سلماً اجتماعياً يريده رئيس الحكومة لمدة ثلاثة أعوام.