وحسب المصدر فإن كل شيء بدأ عندما قام العاهل المغربي، محمد السادس، بزيارة غير مبرمجة للمحطة السياحية تاغازوت بأكادير، حيث وقف على اختلالات في إنجاز المشاريع المبرمجة في إحدى أكبر المحطات الشاطئية في شمال أفريقيا، ما يطرح تساؤلات حول دور أجهزة مراقبة التعمير.
كان ذلك في الثامن من فبراير/ شباط الجاري، قبل أن تتحرك الجرافات في اليومين الأخيرين، من أجل هدم البنايات السياحية التي لم تحترم فيها المعايير الواجبة في المحطة الشاطئية.
وحل رجال الدرك الملكي وعناصر من القوات المساعدة، بالمحطة الشاطئية، التي تبعد عن مدينة أكادير بحوالي 18 كلم، حيث أمروا بوقف الأشغال في الورش المرتبطة بالمحطة.
ويؤكد مصدر من مدينة أكادير لـ"العربي الجديد"، أن عملية الهدم في بعض البنايات، التي انطلقت منذ يوم السبت، جاءت بعدما اقتضت الأوامر تصحيح الأوضاع المختلة في المحطة، حيث لم تأت في مستوى المشروع الذي قدم قبل الإنجاز.
وتتالت الأنباء التي تؤكد تعليق الأشغال في المحطة السياحية تاغازوت بمدينة أكادير، وهي المحطة التي تندرج ضمن المحطات السياحية التي برمجتها الخطة السياحية للمملكة منذ سنوات.
واطلع "العربي الجديد" على أمر بالهدم صادر عن ممثل الداخلية بالمنطقة، علماً أن العديد من الأوامر يصدر تباعاً، حسب مصدر مطلع، الذي يؤكد أن قرارات الهدم يفترض أن تنفذ في ظرف ثمانٍ وأربعين ساعة.
ويعود سبب الهدم إلى تجاوز العلو المرخص أو إضافة طابق أرضي غير مرخص، أو تغيير الواجهة. كما صدر الأمر بهدم أربع فيلات غير مرخصة.
وتراوحت الأوامر بين وقف الورش وهدم بنايات، وفيلات وأجزاء من الفنادق، بسبب عدم احترام قوانين التعمير؛ في الوقت نفسه اقتصرت بعض الأوامر على تصحيح بعض الاختلالات التي شابت البناء.
ولم يقتصر الأمر على البناء دون احترام التصاميم الهندسية أو البناء دون تراخيص، بل إن بعض المشاريع احتلت مساحات كان يفترض أن تُشق فيها طرق أو تقام فيها مساحات خضراء.
وتمتد المحطة الشاطئية تاغازوت على مساحة 615 هكتارا، مقابل الشاطئ الذي تستوعب فيه حوالي أربعة كيلومترات ونصف. وتتشكل المحطة من فنادق وإقامات سياحية فاخرة.
وتتولى شركة التهيئة والإنعاش لمحطة تاغازوت المحدثة قبل عشرة أعوام، والتي يتوزع رأسمالها بين الفنادق التابعة لصندوق الإيداع والتدبير بنسبة 45 في المائة، وإثمار الموارد بنسب 25 في المائة، و"سود بارترنرز" بنسبة 25 في المائة، والشركة المغربية للهندسة السياحية بنسبة 5 في المائة.
وكانت الشركة المغربية للهندسة السياحية، اعتبرت أنه لم يسجَل تأخير في تسليم المحطة، حيث تؤكد أنه شرع في تشغيل بعض الفنادق قبل خمسة أعوام، مشددة على أن التشغيل الكامل للفنادق المنتظرة في المحطة سيتم في صيف العام الحالي، ما سيرفع عدد الأسرة السياحية بأكادير إلى 41 ألفاً.
وكان إنجاز المحطة الشاطئية، التي تندرج ضمن ست محطات برمجت منذ عشرين عاماً، عرف تعثراً في الإنجاز، حيث تعاقبت على الإشراف على تنفيذ المشاريع التي يتضمنها العديد من الشركات.
وأدت الصعوبات التي واجهها مستثمرون أجانب، لتعثر في إنجاز المحطات الشاطئية الست بالمغرب.
وراهن المغرب على المحطة الشاطئية لتاغازوت، من أجل الزيادة من جاذبية منطقة مدينة أكادير التي تعتبر ثاني وجهة سياحية بعد مراكش، حيث تجذب محبي الشواطئ، خاصة من ألمانيا وروسيا وفرنسا.
ويترقب مراقبون أن تفضي الاختلالات والخروقات التي استدعت الهدم وتعديل بعض البنايات، إلى عزل بعض المسؤولين في الإدارة المحلية أو الشركات المنفذة لمشاريع المحطة.
وكانت محكمة مغربية، أدانت أخيراً، مسؤولين رفيعين، في أكبر مجموعة اقتصادية تابعة للدولة، بعد أمر ملكي بالتحقيق في شكاوى عبّر عنها مواطنون، تتعلق بخروقات تقنية في مشروع سكني بمدينة الحسيمة، وهو مشروع انطلقت الأشغال فيه قبل ثمانية أعوام من أجل توفير 2100 سكن.
ويعتبر الخبير المغربي في قطاع العقار، إدريس الفينا أن مستثمرين في قطاع البناء في المغرب، كما في مناطق أخرى، من العام يسعون إلى جعل استثماراتهم مجزية، عبر زيادة المساحات، أو طول البنايات التي ينجزونها، وهو أمر يسجل في عدد من المشاريع.
ويؤكد في حديث لـ"العربي الجديد" أن ما حدث بتاغازوت، يطرح تساؤلات حول دور أجهزة الرقابة المتعددة، التي يفترض فيها الحرص على احترام التزامات المستثمرين في المشاريع العقارية، إن كانت ذات طبيعة سكنية، وحول ما إذا كانت أنجزت تقارير سابقة حول الاختلالات التي تم الوقوف عليها وأفضت إلى الهدم.