المغرب: العقاب محل السماح

18 مايو 2015

بنكيران: لا أواجه معارضة بل خصوما شرسين (28 إبريل/2015/الأناضول)

+ الخط -
قُضي الأمر في المغرب، وحل العقاب محل السماح، فلم يكن ممكناً إغماض العين عن واقعة زواج الوزيرين وتفاعلاتها. وفي الطريق جاء غضب الدولة في حق وزير عديم الخبرة، رأى أنه لا ضير من شراء علب شوكولا جيدة في عقيقة ابنته، قيل إن ثمنها دفع من المال العام.
وقد قال رئيس الحكومة، عبدالإله بنكيران، معلقاً على إنهاء العرض المشوق الذي دام أسابيع، وأدى بطولته وزيراه في الحكومة والعضوان القياديان في حزبه، العدالة والتنمية، إن الإعلام لعب دورا كبيرا في التعجيل بإقالة أو استقالة الوزيرين وخروج الثالث.
ولو صح ذلك، لكنا حقيقة أمام سلطة رابعة حقيقية، لكن واقع الحال يقول العكس، فالإعلام تابع للسياسي، ولمصادر صنع القرار، وهو، من هذه الناحية، مجروح الاستقلالية، أو أن هذا هو دوره حتى الآن.
ذلك أن حقيقة علاقة الوزيرين جرى الكشف عنها من منصة سياسية، عندما فجّر القصة الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، في معقل خطابي في مدينة الرشيدية (جنوب). ولم يكن المكان ولا الزمان بريئين، بل كانا ضمن خطة سياسية مدروسة، فأحد طرفي العلاقة نائب برلماني عن المنطقة نفسها، وكان الهدف طعن مستقبله السياسي، وربما بعد حادثة الاستقالة الجبرية يكون شيء من ذلك قد حصل.
صرح بنكيران نفسه في آخر حواراته، بأنه لا يواجه معارضة، بل خصوماً شرسين، في إشارة مبطنة إلى حرب طاحنة تدور بين الحكومة التي يقودها الحزب الإسلامي والمعارضة التي يتنسق جدول أعمالها ثلاثة أحزاب: الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، تمتلك الخبرة والحنكة السياسية وإتقان فن المناورة.
وقد بينت الوقائع المشهودة أن ضعف الخبرة السياسية يؤدي إلى ارتكاب أخطاء المبتدئين.
إن تعويض وزراء بآخرين لن يحل المشكلة السياسية التي تعيشها حكومة بنكيران، وإن لم يعترف رئيسها بوجود أزمة سياسية في حكومته، فإن نسخها الثلاث، في فترة ولاية لم تكتمل، يدل على ذلك. فقد عاش حوالى ستة أشهر يبحث عن رأب صدع حكومته، بعد انهيار تحالفه مع الاستقلال، ولم يجد غير حزب الأحرار بين يديه، وأرغم، بحكم قوة الواقع، على نسج تحالف مع من كان خصماً سياسيا له، لم يوفر شتيمة سياسية إلا وألحقها له، وها هو يجري تعديلا تحت ضغوط سياسية، وليس إعلامية.
إنها المعركة السياسية التي يتطاير فيها الريش، هنا وهناك، ويفقد فيها الأصلع ما تبقى له من زغب. فبعد التعديل الثالث لن يكون لحكومة بنكيران من مهام سوى مهمتين: تمرير الانتخابات الجماعية التي ستعرف هيمنةً للأحزاب التقليدية التي تتقن اللعبة الانتخابية، وهي الانتخابات التي سيدخل منافساتها الشرسة حزب العدالة والتنمية، متضررا من السجال السياسي الذي لحقه بسبب أخطاء منهجية في أداء عدد من وزرائه.
والمهمة الثانية، الإشراف على الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 2016 في ظل التقسيم الإداري والجهوي الجديد، ما بربك حسابات سياسية كثيرة لعدد من الأطراف، وفي مقدمتها "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة الحالية.
وفي حال استمرار المناوشات بين بنكيران والمعارضة، فإن فصولاً مشوقة مقبلة ستشكل فرجة في المشهد السياسي، ما يفسح الباب لتراكم أخطاء أكبر، قد تدفع نحو بديل تقني عن الحكومة الحالية للإشراف على انتخابات ما بعد "الخريف العربي".
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..