قبل أكثر من 20 عاماً، راهن المغرب على السكن الاجتماعي الموجّه إلى الفئات محدودة الدخل لامتصاص العجز في المساكن الذي يحرم آلاف الأسر من شروط عيش كريم. وطيلة هذه المدة، توالت البرامج والاستراتيجيات في محاولة لتوفير مشاريع سكنية اقتصادية بمواصفات الجودة المطلوبة. لكن سرعان ما ظهرت كثير من التجاوزات في المشاريع، إذ إن أغلب المساكن تتحول إلى ما يشبه "الغيتوهات" بلا مرافق حيوية ولا مساحات خضراء ولا فضاءات للترفيه.
يقول عزيز درباسي، وهو واحد من سكان مشروع اقتصادي في الدار البيضاء، لـ"العربي الجديد"، إنه اقتنى قبل 5 سنوات شقة من مؤسسة خاصة على أساس أن يؤدي أقساطاً للمصرف على مدى 25 سنة: "كنت أعتقد أن شراء شقة اقتصادية سينهي سنوات عديدة من متاعب الانتقال بين منازل الإيجار، وكنت ممن اقتنعوا بفكرة شراء سكن اقتصادي بمبلغ 250 ألف درهم (حوالي 26 ألف دولار)، على أساس أن المعطيات التي قدمها لنا موظفو الشركة تشير إلى أنه مشروع متكامل بمواصفات عصرية ومؤسسات تعليمية ورياضية، إضافة إلى وجود مساحات خضراء وفضاءات ترفيهية. لكننا اصطدمنا بحقيقة أن كل هذه المشاريع كانت فقط على الورق، ولم يكن لها وجود في الواقع، بل عوضتها عمارات إضافية استقطبت أفواجاً من المشترين، بعكس العقد الذي وقعناه مع المنعش العقاري".
درباسي، وهو نموذج لآلاف المغاربة الذين تورطوا في مشاريع سكنية لا تتوافق مع التصاميم التي اطلعوا عليها قبل دفع ثمن الشقق، يضيف: "بعد وقوفنا على الحقيقة، راسلنا الشركة بدون طائل، ورفعنا عشرات الشكاوى إلى الجهات المختصة من دون فائدة أيضاً. قررت أن أسلك طريق القضاء كما فعل العديد من المشترين، وإلى اليوم بعد مرور 5 سنوات لم يصدر أي حكم. وكما ترى فضلت أن أعلق لافتة لبيع الشقة، على أن أستمر في العيش في فضاء لم يعد ملائماً لتربية أبنائي الصغار، ولا يمكن أن أستمر في تحمله طيلة 20 سنة أخرى بفوائد مصرفية مرتفعة".
بؤر متكاثرة
في أواخر سنة 2014 أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تقريراً حذر فيه من انفجار الأوضاع داخل مشاريع السكن الاجتماعي في المدن الكبرى. وسجل أنه قد تتحول في السنوات المقبلة إلى بؤر متكاثرة باستمرار، لانعدام الأمن والتوترات الاجتماعية. وهو تقرير يضاف إلى العديد من التقارير الرسمية التي رصدت وجود اختلالات كبيرة في المشاريع التي أنجزت في إطار برنامج السكن الاجتماعي، بسبب التلاعب في التنفيذ.
في هذا الصدد، يقول رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، بوعزة خراطي، لـ"العربي الجديد": "إن قطاع العقار بصفة عامة في المغرب تحكمه العشوائية". خراطي يضيف: "توصلنا حتى اليوم في الجامعة إلى أكثر من 18 ألف شكوى، ضمنها 23 في المائة تتعلق بمشاكل العقار، وهذا دليل على المشاكل الكثيرة التي يواجهها المواطنون في علاقتهم بالمنعشين العقاريين".
وعلى عكس ما ذهب إليه خراطي يقول مصطفى العلالي، مقاول عقاري بمدينة المحمدية، وعضو الفيدرالية الوطنية للمقاولين العقاريين: "لا ننفي أنه في السابق كانت تحدث تجاوزات، لكن الحديث عن ضعف جودة السكن الاقتصادي صار أمرا قديما اليوم، على اعتبار أن قطاع السكن يشهد منافسة شرسة بين المقاولين وأي إخلال بهذه الشروط يعني فقدان المقاول لزبائنه. لأن العرض السكني متوفر بكثرة وصار مفروضا على المقول تقديم أفضل ما لديه من عروض لجذب الزبائن، وإلا سيكون مصير مشروعه الكساد".
علالي يضيف: "يجدر التأكيد على أن حصول المقاول العقاري على الوثائق الضرورية من الجهات المختصة، رهن توفير الفضاءات المنصوص عليها في دفاتر التحملات. لكن الذي يحدث هو أن المستهلك يطالب بفضاءات ليست من اختصاصنا توفيرها في المشاريع المرخصة، بل تدخل ضمن اختصاصات السلطات العمومية، وهذا يؤدي إلى لبس كبير يدفع إلى تحميلنا المسؤولية".
اقرأ أيضاً:المساكن الهشّة:مغاربة يتخوّفون من الأبنية غير الصالحة للسكن
يقول عزيز درباسي، وهو واحد من سكان مشروع اقتصادي في الدار البيضاء، لـ"العربي الجديد"، إنه اقتنى قبل 5 سنوات شقة من مؤسسة خاصة على أساس أن يؤدي أقساطاً للمصرف على مدى 25 سنة: "كنت أعتقد أن شراء شقة اقتصادية سينهي سنوات عديدة من متاعب الانتقال بين منازل الإيجار، وكنت ممن اقتنعوا بفكرة شراء سكن اقتصادي بمبلغ 250 ألف درهم (حوالي 26 ألف دولار)، على أساس أن المعطيات التي قدمها لنا موظفو الشركة تشير إلى أنه مشروع متكامل بمواصفات عصرية ومؤسسات تعليمية ورياضية، إضافة إلى وجود مساحات خضراء وفضاءات ترفيهية. لكننا اصطدمنا بحقيقة أن كل هذه المشاريع كانت فقط على الورق، ولم يكن لها وجود في الواقع، بل عوضتها عمارات إضافية استقطبت أفواجاً من المشترين، بعكس العقد الذي وقعناه مع المنعش العقاري".
درباسي، وهو نموذج لآلاف المغاربة الذين تورطوا في مشاريع سكنية لا تتوافق مع التصاميم التي اطلعوا عليها قبل دفع ثمن الشقق، يضيف: "بعد وقوفنا على الحقيقة، راسلنا الشركة بدون طائل، ورفعنا عشرات الشكاوى إلى الجهات المختصة من دون فائدة أيضاً. قررت أن أسلك طريق القضاء كما فعل العديد من المشترين، وإلى اليوم بعد مرور 5 سنوات لم يصدر أي حكم. وكما ترى فضلت أن أعلق لافتة لبيع الشقة، على أن أستمر في العيش في فضاء لم يعد ملائماً لتربية أبنائي الصغار، ولا يمكن أن أستمر في تحمله طيلة 20 سنة أخرى بفوائد مصرفية مرتفعة".
بؤر متكاثرة
في أواخر سنة 2014 أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تقريراً حذر فيه من انفجار الأوضاع داخل مشاريع السكن الاجتماعي في المدن الكبرى. وسجل أنه قد تتحول في السنوات المقبلة إلى بؤر متكاثرة باستمرار، لانعدام الأمن والتوترات الاجتماعية. وهو تقرير يضاف إلى العديد من التقارير الرسمية التي رصدت وجود اختلالات كبيرة في المشاريع التي أنجزت في إطار برنامج السكن الاجتماعي، بسبب التلاعب في التنفيذ.
في هذا الصدد، يقول رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، بوعزة خراطي، لـ"العربي الجديد": "إن قطاع العقار بصفة عامة في المغرب تحكمه العشوائية". خراطي يضيف: "توصلنا حتى اليوم في الجامعة إلى أكثر من 18 ألف شكوى، ضمنها 23 في المائة تتعلق بمشاكل العقار، وهذا دليل على المشاكل الكثيرة التي يواجهها المواطنون في علاقتهم بالمنعشين العقاريين".
وعلى عكس ما ذهب إليه خراطي يقول مصطفى العلالي، مقاول عقاري بمدينة المحمدية، وعضو الفيدرالية الوطنية للمقاولين العقاريين: "لا ننفي أنه في السابق كانت تحدث تجاوزات، لكن الحديث عن ضعف جودة السكن الاقتصادي صار أمرا قديما اليوم، على اعتبار أن قطاع السكن يشهد منافسة شرسة بين المقاولين وأي إخلال بهذه الشروط يعني فقدان المقاول لزبائنه. لأن العرض السكني متوفر بكثرة وصار مفروضا على المقول تقديم أفضل ما لديه من عروض لجذب الزبائن، وإلا سيكون مصير مشروعه الكساد".
علالي يضيف: "يجدر التأكيد على أن حصول المقاول العقاري على الوثائق الضرورية من الجهات المختصة، رهن توفير الفضاءات المنصوص عليها في دفاتر التحملات. لكن الذي يحدث هو أن المستهلك يطالب بفضاءات ليست من اختصاصنا توفيرها في المشاريع المرخصة، بل تدخل ضمن اختصاصات السلطات العمومية، وهذا يؤدي إلى لبس كبير يدفع إلى تحميلنا المسؤولية".
اقرأ أيضاً:المساكن الهشّة:مغاربة يتخوّفون من الأبنية غير الصالحة للسكن