المغاربة يترقّبون الغلاء... الوقود والأدوية الأكثر تأثراً بتعويم الدرهم

15 يناير 2018
المغاربة يتخوفون من ارتفاع أسعار السلع (فرانس برس)
+ الخط -
بدأ المغرب تطبيق خطته الهادفة إلى تعويم الدرهم وسط مخاوف من زيادة التضخم، ولا سيما في الوقود والأغذية والأدوية. وفي أولى الخطوات نحو الانتقال من السعر الثابت إلى المرن حدد بنك المغرب المركزي، أمس، نطاقا عند 8.9969 و9.4524 دراهم للدولار. وتم تداول العملة الأميركية في السوق الفورية عند حوالي 9.238 و9.243.
ومع دخول النظام الجديد حيز التنفيذ، يتزايد قلق المغاربة من تفاقم الأوضاع المعيشية، ويأتي الوقود في مقدمة السلع التي قد ترتفع بشكل حاد إذ يعد المغرب من أكبر مستوردي الطاقة بالمنطقة، ما سيضع الحكومة في موقف صعب بمواجهة موجة غلاء مرتقبة في الوقت الذي تعاني فيه من احتجاجات على المشاكل الاقتصادية في المناطق النائية.

وقال صندوق النقد الدولي، أخيراً، إن من المتوقع أن يستقر التضخم في الأسعار عند نحو 2% في الأجل المتوسط.
وبات اتجاه أسعار النفط في السوق الدولية للارتفاع لا يخدم موقف المغرب في توجهاته المالية والاقتصادية الجديدة، وارتفعت مشتريات المغرب من منتجات الطاقة بنسبة 36.2% في النصف الأول من عام 2017، لتقفز إلى 3.36 مليارات دولار. وساهمت مشتريات الطاقة في بلوغ عجز الميزان التجاري نحو 9.3 مليارات دولار في نهاية يونيو/حزيران الماضي، حسب بيانات مكتب الصرف (حكومي)، الأمر الذي يثير مخاوف محللين من تداعيات البدء في الانتقال للسعر المرن للدرهم الذي يفاقم من فاتورة الواردات.

وستكون صناعة الأدوية بالمغرب، من أكثر القطاعات انشغالا بالانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن في الفترة القادمة، بالنظر لارتهانها من أجل توفير الأدوية لمواد أولية تشتريها من الخارج.
ولم يخف مصنعو الأدوية بالمغرب تخوفهم من الانتقال من نظام الصرف الثابت إلى نظام الصرف المرن، في ظل تعويل القطاع على الاستيراد، بشكل كامل، من أجل تأمين المدخلات التي تتدخل في صناعة الأدوية.





ويذهب المسؤول الفني بشركة للأدوية، محمد بلحسن، في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن المختبرات تقدم عمولات لأصحاب البراءات، وتستعين بخبراء أجانب، ما يكلفها أموالا بالعملة الصعبة.
ويلاحظ أن الصناعة تسترشد بمعايير للجودة مكلفة، وتمنحها مركزا يدرجها ضمن منطقة اليورو، حسب منظمة الصحة العالمية. وتصل واردات القطاع إلى سبع مرات حجم صادراته، التي توجه لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء وبلدان أوروبية وبلدان خليجية. وحسب تقارير رسمية، تصل واردات الأدوية إلى 600 مليون درهم، في الوقت الذي تبلغ صادراته 100 مليون درهم. وتقوم الاستراتيجية الوطنية على التوجه نحو ولوج أسواق جديدة، حيث يراد رفع رقم المعاملات وصادرات المغرب نحو أوروبا من 10% إلى 40%.
ويرى رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه إذا ما ارتفعت قيمة مشتريات الشركات التي تتولى التحويل في صناعة الأدوية بفعل التعويم، فإنه سينعكس على أسعار المنتج النهائي.
ورغم التطور الذي يعرفه المغرب على مستوى صناعة الأدوية، إلا أن المملكة لم تحقق بعد الاكتفاء الذاتي، حيث توفر جزءا من احتياجاتها عبر الاستيراد.
وسبق لوزارة الصحة المغربية، أن تدخلت في الخمسة أعوام الأخيرة، من أجل خفض أسعار بعض الأدوية. وتراجعت جراء ذلك هوامش أرباح الصيادلة الذين يطالبون بتعويضهم عن ذلك، بينما ترى مختبرات الأدوية أنه يفترض إعادة تقييم أسعار بعض الأدوية التي يرونها جد منخفضة. ويتوقع العاملون بالقطاع ارتفاعات في أسعار العديد من الأدوية مع بدء تطبيق الخطوة الخاصة بمرونة العملة المحلية، أمس. ويوسع النظام الجديد، نطاق تداول الدرهم مقابل العملات الصعبة إلى 2.5 % صعودا وهبوطا من سعر مرجعي مقارنة مع النطاق السابق البالغ 0.3%. وقال بنك المغرب المركزي، أمس، إنه باع 3.5 ملايين دولار في أول عطاء بموجب نظام جديد أكثر مرونة لسعر الصرف.
ويشير مصدر مصرفي لـ "العربي الجديد" إلى أن النطاق الذي حدده المغرب حذر جدا. ويعتقد خبراء أن توترات حول العملة يمكن أن تحدث في حال انخفاض الرصيد من النقد الأجنبي وارتفاع أسعار المواد الأولية والتضخم، معتبرين أن ذلك سيتجلى أكثر عند التحرير الشامل للعملة.
وحسب مسؤولين حكوميين فإن خطوة التحول لسعر مرن للدرهم تهدف إلى توفير حماية أكبر للاقتصاد من الصدمات الخارجية، ويقول مدير بنك المغرب المركزي إن ذلك سيحافظ على التنافسية وإن هناك احتياطيات كافية من النقد الأجنبي تسمح بالانتقال السلس للنظام الجديد، إذ تغطي الاحتياطيات تكلفة واردات البلاد لخمسة أشهر و24 يوماً.
ومن المتوقع أيضاً أن يساهم هذا التحرك في دعم الصادرات وتعزيز إيرادات السياحة. كما ستدعم الخطوة تحويلات 4.5 ملايين مغربي يعيشون في الخارج، معظمهم في منطقة اليورو.
المساهمون