يحرص المغاربة على أداء صلاة التراويح في شهر رمضان. ويظهر ذلك من خلال أعداد المواطنين الذين يتوافدون إلى المساجد والساحات المخصصة لاستقبال أفواج المصلين، بالإضافة إلى الخيام الكبيرة التي تُنصب في كل مكان، من أجل أداء الصلاة في هذا الشهر.
في مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، وتحديداً في ساحة كبيرة في حي الانبعاث، عمل مجموعة من الشباب على إقامة مصلّى كبير يتسع لآلاف المواطنين، وذلك قبل أسابيع من بدء شهر رمضان، ليصبح أحد أكبر المصليات في البلاد. والهدف منه استقبال الراغبين بأداء صلاة التراويح.
في السياق، يقول أحد أعضاء اللجنة التنظيمية لمصلى الانبعاث لـ "العربي الجديد"، إن "الشكل الذي يبدو عليه المصلى، والذي يجذب عدداً كبيراً من المصلين كل ليلة لأداء صلاة التراويح، لم يأت عبثاً، بل هو نتيجة جهود الشباب الجبارة". ويشير إلى أن "المغاربة يواظبون على أداء صلاة التراويح طيلة أيام الشهر الفضيل"، لافتاً إلى أن المصلى يتسع لعدد كبير من سكان المدينة الذين لا يجدون أماكن في المساجد القريبة من منازلهم.
ويتابع عضو اللجنة التنظيمية أن "محراب هذا المصلى الشهير يستضيف وجوهاً معروفة في مجال تلاوة وترتيل القرآن، ويتناوب هؤلاء على إمامة المصلين، ما يجعل هذا المصلى قبلة للراغبين في الاستماع إلى الأصوات الجميلة". هذا العام، يؤم المصلى عدد من الشيوخ، منهم عبد العزيز الكرعاني، وعبد الكبير الحديدي، ومصطفى الغربي، وحسن إمسيمك، ورشيد إفراد، ومحمد إيراوي، وإبراهيم المودن، ويونس صويلس، بالإضافة إلى أطفال يتمتعون بأصوات جميلة.
اقرأ أيضاً: رمضان المغرب.. جلباب وكرة قدم
في السياق، يقول الخطيب والداعية الإسلامي زكرياء بن عبد العظيم إن وجود مصليات يعد من مظاهر الخير في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أنها "تعوّض النقص الموجود في المساجد بسبب الإقبال الكبير على الصلاة في رمضان". يضيف أن غالبية المساجد لا تكفي للوافدين إليها، مشيراً إلى أن "المصليات تعد بمثابة مكمل لدور المساجد في رمضان، وتساهم في تخفيف الضغط عليها، وتعطي فرصة لعدد من الأئمة لإمتاع الناس بتلاوة القرآن".
ويؤمّ القزابري مسجد الحسن الثاني الضخم الذي يستقبل آلاف المصلين يومياً. وعادة ما تنقل القناة المغربية السادسة فعاليات صلاة التراويح على الهواء مباشرة. وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان، والتي يعتبرها المغاربة ليلة القدر، يتجاوز عدد المصلين الربع مليون مصل.
وعن هذه الأعداد الضخمة، يقول القزابري إن "الأمر لا يتعلق فقط بتلهف الناس لسماع الأصوات الحسنة التي يشتهر بها الشيوخ في البلاد، بل أيضاً بسبب رغبة الناس بسماع كلام الله من خلالهم". وفي ما يتعلق بالتنافس بين القراء المغاربة خلال أداء صلاة التراويح، يقول القزابري إن "الأمر محمود. ومن الجيد أن يكون هناك تنافس في تلاوة كلام الله، وخدمة كتابه بنشره وتلاوته"، مشدداً على أن التنافس يتعين أن "يبقى في حدود إعلاء كلام الله".
وإلى جانب المصليات والمساجد المنتشرة، التي تمتلئ في ليالي رمضان على وجه الخصوص، تكثر أيضاً الخيام التي يلجأ إلى نصبها سكان الأحياء التي يجدون صعوبة في إيجاد مساجد كافية أو فارغة للصلاة، ويجهزونها بالزرابي والحصائر، فيما يتطوع أحد الأئمة للصلاة طيلة الشهر.
واللافت أنه في رمضان، تخصص المساجد أماكن للنساء لأداء صلاة التراويح، بالإضافة إلى خيام خاصة بالنساء، التي تمتلئ بدورها بالراغبات في الصلاة من جميع الأعمار والفئات الاجتماعية. فيما تفضل كثيرات الذهاب إلى المساجد التي يؤمها قراء مميزون بأصواتهم الجميلة.
إلى ذلك، يقول أحد القائمين على مسجد نسائي في مدينة سلا إنه في المصليات أو مساجد النساء، "نواجه مشكلة لجوء بعضهن إلى الحديث بصوت مرتفع، وقد نشهد أحياناً صراخاً أو عراكاً، عدا عن جلبهن الأطعمة معهن". ويلفت إلى أنه في بعض الأحيان، "نشهد وقوع حالات إغماء تأثراً بسماع القرآن".
اقرأ أيضاً: السلطات المغربية تمنع الاعتكاف بالمساجد