المعارضة تُمسك زمام المبادرة جنوب حلب

25 نوفمبر 2015
تقدّمت المعارضة بقوة في اليومين الماضيين (إبراهيم خطيب/الأناضول)
+ الخط -
تتطوّر الأحداث الميدانية في منطقة ريف حلب الجنوبي، لمصلحة فصائل المعارضة السورية، وذلك بعد بدئها هجوماً برياً كبيراً، مساء الاثنين، على المليشيات العراقية والإيرانية، وعلى قوات حزب الله وقوات النظام، التي سبق أن حققت تقدماً كبيراً، الأسبوع الماضي، في المنطقة. وتمكنت قوات المعارضة من استعادة السيطرة على أكثر من عشر نقاط، بينها ثلاث تلال استراتيجية، ستسمح لها بالتقدم نحو بلدتي العيس والحاضر، اللتين تتمركز فيهما المليشيات المتحالفة مع النظام.

ويؤكد الناشط الإعلامي، يحيى الأحمد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قوات كل من فيلق الشام وحركة أحرار الشام وجيش النصر، المؤلف من فصائل الجيش الحرّ، العاملة بريف حماة، وغيرها من فصائل المعارضة، بالتعاون مع مجموعات من جبهة النصرة، تمكنت من استعادة السيطرة على قرى كفر حداد والعزيزية والمكحلة والخربة وتل باجر وبرنة وأجزاء من قرية بانص".

ويكشف الأحمد، أن "قوات المعارضة تمكنت من السيطرة على تلال البكارة والبنجيرة وتل ممو الاستراتيجي، الذي يشرف على خطوط إمداد قوات النظام والمليشيات الحليفة لها المتمركزة بريف حلب الجنوبي، تحديداً في بلدتي الحاضر والعيس".

وبثّ المكتب الإعلامي لـ"فيلق الشام"، أحد أكبر فصائل المعارضة، التي تقاتل في ريف حلب الجنوبي، صوراً تُظهر ما تركه عناصر المليشيات العراقية والإيرانية في النقاط التي كانوا يتواجدون بها. وبدا في الصور رايات المليشيات العراقية كـ"حركة النجباء" و"لواء أنصار الله"، كما ظهرت رايات حزب الله، بالإضافة إلى كميات من الأسلحة والذخائر التي غنمتها قوات المعارضة إثر تقدمها.

وردّت الطائرات الروسية على التقدم الكبير لقوات المعارضة بريف حلب الجنوبي، عبر شنّ عشرات الغارات الجوية على المناطق التي تقدّمت إليها قوات المعارضة. وتؤكد مصادر ميدانية متقاطعة لـ"العربي الجديد"، قيام الطائرات الحربية الروسية باستهداف تل البكارة وتل البنجيرة وقرية بانص وقرية برنة، بأكثر من 35 غارة جوية، حتى أمس الثلاثاء، بالتزامن مع تواصل الاشتباكات بين قوات المعارضة والمليشيات في المنطقة.

اقرأ أيضاً: مسار فيينا: فرص الحل وتحدياته أمام المعارضة السورية

وتُشير مصادر ميدانية خاصة، في قيادة قوات الجيش السوري الحر، لـ"العربي الجديد"، إلى أنها "حصلت على معلومات استخباراتية، أخيراً، تفيد أن عدد عناصر المليشيات الأجنبية المشاركة في معركة جنوب حلب، يربو على تسعة آلاف مقاتل، منهم أربعة آلاف ينتمون إلى الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني. كما يُشارك ثلاثة آلاف عنصر من مليشيات عراقية، وهي عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي وحركة النجباء، التي يقودها الزعيم السابق في التيار الصدري أكرم الكعبي، ولواء أبو الفضل العباس، بالإضافة إلى ألف مقاتل من مليشيا "فاطميون"، المكوّنة من مقاتلين أفغان، ومليشيا "زينبيون"، المؤلفة من مقاتلين باكستانيين. كما يقاتل نحو 700 مقاتل من مجموعة تعرف باسم نخبة الرضوان، التابعة لحزب الله، ونحو 300 مقاتل من القوات الخاصة التابعة لجيش النظام".

لم يسمح هذا الزخم الكبير لتواجد المليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية، بالإضافة إلى قوات حزب الله، وتعزيزات الغطاء الجوي الروسي للنظام من استعادة السيطرة على المزيد من المناطق بريف حلب الجنوبي، بل على العكس تمكنت قوات المعارضة من إلحاق خسائر كبيرة بهذه المليشيات. وبثت فصائل الجيش السوري الحر، خلال الأيام الماضية، عشرات المقاطع المصوّرة، التي تُظهر تدمير آليات ومدرّعات تملكها هذه المليشيات وقوات النظام في منطقة جنوب حلب، عبر صواريخ "تاو" التي تملكها قوات المعارضة، قبل أن تشنّ هجوماً معاكساً وتتمكن من استعادة السيطرة على مناطق خسرتها الأسبوع الماضي.

وتتمتع المعركة الجارية بريف حلب الجنوبي، بأهمية استراتيجية عالية بالنسبة للإيرانيين ولقوات المعارضة على حد سواء، فالإيرانيون وحلفاؤهم يسعون إلى التقدم غرباً، باتجاه مناطق سيطرة قوات المعارضة بريف إدلب الشمالي. وذلك بهدف فك الحصار الذي تضربه قوات المعارضة حول بلدتي الفوعة وكفريا، المواليتين للنظام بحكم سيطرة مليشيات محلية موالية للنظام عليهما.

أما قوات المعارضة فتسعى للحفاظ على ورقة حصار الفوعة وكفريا، التي مكّنتها من إجبار الإيرانيين على القبول بما يشبه منطقة حظر جوي فوق مدينة إدلب، والمناطق المحيطة بالفوعة وكفريا بريف إدلب الشمالي، ولمدة ستة أشهر كاملة. كما تريد الحفاظ على سيطرتها على أوتوستراد حلب ـ دمشق الدولي، الذي تتحكّم به من مدينة مورك بريف حماة الشمالي حتى مدخل مدينة حلب الجنوبي، والذي تستعمله في التنقل بين مناطق سيطرتها في ريف إدلب ومناطق سيطرتها بريف حلب. كما أن قوات المعارضة تسعى للحفاظ على نقطة "إيكاردا" الاستراتيجية، التي تشكل أحد أهم معاقل "حركة أحرار الشام" الإسلامية في الشمال السوري على الإطلاق، و"إكاردا" هو مركز البحوث الزراعية في المناطق الجافة، ويقع جنوب حلب قرب بلدة الزربة، المطلة على أوتوستراد حلب ـ دمشق الدولي. وتحوّل إلى مركز تدريب وتسليح كبير لـ"حركة أحرار الشام" الإسلامية منذ سيطرتها عليه في نهاية عام 2012.

اقرأ أيضاً: رسائل متعددة الجنسيات للمنطقة الآمنة... واحتمالات مشاركة البشمركة بريّاً