تجمع الآلاف من مختلف القوى الوطنية والإسلامية، مساء أمس الجمعة، في قاعة حرشة حسان بالجزائر العاصمة، تلبية لنداء تنسيقية الأحزاب والشخصيات الداعية لمقاطعة الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقرر إجراؤها في 17 أبريل/نيسان المقبل.
وحضر التجمع ناشطون من عدة أحزاب، منها حركة مجتمع السلم، والنهضة، وجبهة العدالة والتنمية، وجيل جديد، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.
كما شارك نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، علي بلحاج، والحقوقي علي يحيى عبد النور، وزعيم تجمع الثقافة والديمقراطية السابق سعيد سعدي.
وحضر أعضاء من "جبهة رفض"، وهي ائتلاف يضم لجنة الدفاع عن العاطلين عن العمل وتنسيقية عائلات المفقودين، وحركة 8 مايو، وجبهة حماية الثروة ومكافحة الفساد.
وغصّت مدرجات القاعة وملعبها بالحضور من مختلف ولايات البلاد، حسبما أعلن المنظمون، رافعين راية الجزائر والعلم الأمازيغي.
وردد المتظاهرون شعارات مناوئة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة ونادوا بمقاطعة الانتخابات، وقالوا "المقاطعة هي الأساس"، وكذلك "أولاش لفوط" (وتعني بالأمازيغية لا يوجد انتخاب).
كما هتفوا بشعارات، منها "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"كرهنا من هذا النظام"، "وسلطة مجرمة" و"جزائر حرة ديمقراطية"، وغيرها من الشعارات.
ولوحظ في القاعة تباين الخلفيات الأيديولوجية للمشاركين في التظاهرة بين إسلاميين وعلمانيين، في صورة عاكسة للتشكيلة السياسية التي تتألف منها هذه التنسيقية.
وتسبب دخول الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ المنحلة علي بلحاج القاعة في فوضى بعد توافد الصحفيين عليه، وما كاد الرجل يجلس حتى اندلعت ملاسنات بين مؤيديه ومؤيدي الحزب الأمازيغي. وبعد فترة قليلة شوهد الفريقان يرددان شعارا واحدا "خاوة خاوة، زكارة فالحكومة" وتعني "إخوة إخوة نكاية في السلطة".
وقال القيادي بحركة النهضة أمحمد حديبي، وهو أحد منظمي هذا التجمع، إن الأحزاب اقتنعت أنه لا مجال للمعارضة لتغيير هذا النظام إلا بتوحيد مجهوداتها.
كما أوضح أنه "لا الإسلاميون يمكنهم وحدهم مجابهة النظام، ولا العلمانيون بإمكانهم ذلك، لذا ندع خلفياتنا الأيديولوجية جانبا، ونعمل سويا لمصلحة الجزائر".
ويرى الكاتب الصحفي سليم صالحي أن ما قامت به هذه الأحزاب "أمر جيد" للتعبير عن رفضها لما آلت إليه البلاد، لكنه يعتقد أنه "غير كاف". وأضاف "على المعارضة أن تخرج للشارع لتصل إلى الشعب الذي لم يعد غالبيته يثق فيها عليها إعادة كسب الشعب عبر الاحتكاك به مباشرة".
ويرفض صالحي تبرير السلطة بعدم قانونية تنظيم تجمعات شعبية ومسيرات بالعاصمة. ويرى أنه لا بد من الاحتكام إلى الدستور الذي يكفل الحريات وحرية التعبير، وليس تغليب قانون صدر منذ 13 عاما".
وكانت السلطات الجزائرية قد أصدرت قانونا يمنع إقامة أي أشكال للتجمعات أو المسيرات بالجزائر العاصمة منذ مسيرة تنسيقية العروش الأمازيغية الشهيرة العام 2001. وخلفت تلك المسيرة قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين والصحفيين.
وحصلت تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة على رخصة تنظيم التجمع بالقاعة، بعدما كانت نظمت في 12 مارس/آذار الماضي وقفة احتجاجية أمام نصب الشهيد بالجزائر العاصمة.
وعرفت تلك الوقفة تدخلا وصف بالعنيف لقوات الأمن تجاه المتظاهرين الذين نجحوا في اختراق طوق أمني فُرض عليهم بتنظيم مسيرة.
وشهدت الجزائر جدلا واسعا بمجرد إعلان ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، وهو رئيس للبلاد منذ العام 1999. ويعتقد المعارضون أن بوتفليقة مريض وعاجز عن إدارة دفة الحكم، خاصة أنه قضى أكثر من 80 يوما بمستشفى فرنسي للعلاج. كما أنه لم يخاطب شعبه منذ قرابة العامين.
في المقابل، يرى مؤيدو بوتفليقة أنه "عامل الاستقرار" للجزائر في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد والمنطقة.