المطالبات التي بدأت تلقى صدىً في الأوساط السياسية، تأتي في ظل استمرار الصراع الأميركي الإيراني، الذي وضع العراق على خط النار بين الطرفين، في وقت تندفع فيه الجهات السياسية الموالية لإيران بتحركات متوالية لإصدار قرارات تحجّم من الوجود الأميركي في العراق.
ودعت عالية نصيف، النائبة عن ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي، في بيان لها، إلى "الإسراع بحسم تكليف رئيس جديد للحكومة لمواجهة التحديات الراهنة، وأهمها توكيل شركة محاماة دولية لإعادة فتح ملفات التجاوزات الأميركية منذ 2003 ولغاية 2020، والمطالبة بتعويضات عن كل الضرر الذي لحق بالعراق، بدءاً من احتلاله دون شرعية دولية، وإعلانه دولةً خاضعة للاحتلال، وخرق سلطة الاحتلال القوانين الدولية، وتدمير البنى التحتية وحرق الوزارات والمؤسسات الحكومية، وسرقة مليارات الدولارات وسبائك الذهب ونهبها".
وأضافت نصيف أن "مقاضاة الإدارات الأميركية السابقة واللاحقة تتضمن مطالبتها بتعويضات عن إعاقة تسليح العراق، واعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن من أوجد داعش هما أوباما وكلينتون، وملف الضحايا من قواتنا العراقية الذين قصفتهم القوات الأميركية وأبادتهم تحت مسمى نيران صديقة، وصولاً إلى مجزرة القائم وجريمة المطار".
من جهته، أكد النائب عن تحالف "سائرون" (الذي يتزعمه مقتدى الصدر)، سلام الشمري، أن "الولايات المتحدة تتحمل ما حصل في العراق من تدمير، وعليها دفع التعويضات المقدرة دولياً والتي تزيد على 20 تريليون دولار". وقال في بيان إن "الرئيس الأميركي يطالب العراق بدفع مبالغ وتعويضات، متناسياً أو متغافلاً عن أن ما حصل في العراق من تدمير كبير تتحمله الإدارات الأميركية المتعاقبة".
وأضاف الشمري أن "ما حصل في العراق من جراء الاحتلال وما أعقبه من ممارسات إجرامية ترقى للإبادة الجماعية، يتطلب رفع دعوى دولية ضده وضد من ثبتت عليه عمليات إجرامية ضد الشعب"، داعياً الحكومة ووزارة الخارجية العراقية إلى "العمل على رفع دعوى دولية لتعويض الشعب على ما أصابه من قتل وتدمير جراء أفعال الاحتلال وإرهاب داعش".
ويستغرب مراقبون ازدواجية تعامل الجهات السياسية مع الجانب الأميركي. ففي الوقت الذي اعتبر يوم احتلال العراق التاسع من إبريل/ نيسان من كل عام يوماً وطنياً، باعتباره تحريراً، يطالبون اليوم الأميركيين بالرحيل وبدفع تعويضات.
ويقول الباحث في مركز بغداد للدراسات وليد العبيدي لـ"العربي الجديد"، إن "الحديث عن مطالبات بتعويضات أميركية، هو حديث للكسب الإعلامي، ومحاولة للظهور أمام الشعب بالمظهر الوطني، من قبل الجهات التي كانت تسمي الأميركان قوات تحرير".
وأكد العبيدي أن "هذه الجهات هي ذاتها التي كانت تعتبر الأميركان قوات محررة، اليوم تطالب بإخراج قواتها، ودفع تعويضات، وهذا الحراك الذي يأتي تزامناً مع احتدام الصراع الأميركي – الإيراني يندرج ضمن التحركات التي تريد تحجيم الوجود الأميركي"، مؤكداً أن "أي قضية سترفع ضد واشنطن للتعويض ستواجه بالفشل، وستصطدم بالاتفاقيات الأمنية بين العراق وواشنطن".
وكانت تلك الجهات قد ضغطت على البرلمان أخيراً، ودفعته إلى إصدار قرار بإلزام الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من العراق، كما تسعى اليوم إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن.