وكانت قوات الشرطة المصرية قد اعتقلت "شوكان" في 14 أغسطس/ آب 2013، أثناء تصويره أحداث فض اعتصام "رابعة العدوية" لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي راح ضحيته قرابة ألف وخمسمائة من المعتصمين السلميين برصاص الأمن، واحتجازه طوال تلك الفترة من دون سند قانوني، بيد أن القانون المصري قصر مدة الحبس الاحتياطي على عامين بحد أقصى.
وفي بداية العام 2017، طالب المدعي العام المسؤول عن ملفه بتنفيذ عقوبة الإعدام ضده. هذا وقد صنف فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي اعتقاله واحتجازه بأنه تعسفي ومناهض للحقوق والحريات، التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وتكرم جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة الأشخاص والمنظمات والمؤسسات التي تساهم مساهمة بارزة في الدفاع عن حرية الصحافة وتحفيزها في كلّ مكان في العالم، لا سيّما هؤلاء الذين يتحدّون المخاطر لتحقيق هذه الغاية. وتحمل الجائزة هذا الاسم تكريماً لغييرمو كانو إيسازا، وهو صحافي كولومبي اغتيل أمام مقر صحيفته الإسبيكتادور في بوغوتا يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 1986.
وأمس الأحد،
هاجمت وزارة الخارجية المصرية يونيسكو، لاعتزامها منح "شوكان" الجائزة، معربة عن أسفها الشديد بزعم "تورط منظمة بمكانة ووضعية يونيسكو في تكريم شخص متهم بارتكاب أعمال إرهابية وجرائم جنائية، منها جرائم القتل العمد، والشروع في القتل والتعدي على رجال الشرطة والمواطنين، وإحراق وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة"، بحسب زعمها.
وقال
المتحدث باسم الخارجية، أحمد أبو زيد، إنّ "اتصالات الخارجية المصرية تشير إلى أن ترشيح شوكان لهذه الجائرة قد جاء بدافع من عدد من المنظمات غير الحكومية، من بينها منظمات تحركها دولة قطر المعروفة بمساندتها لجماعة الإخوان، ومحاولتها المستمرة الدفاع عن تلك الجماعة"، معتبراً أنه "من غير المتصور أو المقبول أن تقع منظمة يونيسكو أسيرة لفخ التسييس والمحاباة، والتورط في تنفيذ أجندة دول بعينها، والانجراف بعيدا عن ولايتها، ورسالتها السامية، كونها الواجهة الحضارية والنافذة الثقافية للعالم أجمع".
وأضاف "إن هذه التطورات تذكر أيضاً بما شهدته عملية انتخاب مدير عام المنظمة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من ممارسات لا تليق باسم ومكانة منظمة أممية تتخذ من مبادئ التربية والعلوم والثقافة منهجاً وسبيلاً"، في إشارة إلى الخسارة المذلة التي منيت بها المرشحة المصرية مشيرة خطاب، لمنصب مدير عام المنظمة.
وختم أبو زيد بيان الخارجية المصرية، بالإشارة إلى أن منح شوكان الجائزة الدولية لحرية الصحافة، يمثل استخفافاً بدولة القانون، وما يتم اتخاذه من إجراءات قضائية ضد متهم بجرائم جنائية محضة، والادعاء بأن يونيسكو "تحتاج إلى مراجعة شاملة وجادة لأساليب عملها خلال المرحلة القادمة تحت الرئاسة الجديدة للمنظمة".
وشوكان هو مصور صحافي لوكالة "ديموتكس"، وأُلقي القبض عليه في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ويواجه تهم "التظاهر بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام".
تخرّج شوكان من أكاديمية "أخبار اليوم"، وأعلن احترافه التصوير الصحافي منذ التحاقه بها.
وما يزيد الوضع القانوني لشوكان صعوبة هو طبيعة عمله الصحافي الحر، وعدم تقييده بنقابة الصحافيين التي لا تعترف لوائحها به كصحافي مرخص له بمزاولة المهنة، لأن الحصول على عضوية نقابة الصحافيين باتت الطريقة الرسمية والسليمة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الصحافيون الحصول على مستوى محترم من الحماية القانونية.
ويعد شوكان أحد أبرز الصحافيين المحبوسين على خلفية أداء مهامهم خلال تغطية وقائع فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ويعاني من التهاب الكبد، وحالته تزداد سوءاً بشكل مضطرد بسبب ظروف الاعتقال المريعة، وعدم الحصول على رعاية طبية وإساءة المعاملة التي يتعرّض لها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، نشر مرصد صحافيون ضد التعذيب رسالة من "شوكان" من محبسه، قال فيها: "أقبع في هذه الزنزانة منذ فترة طويلة دون أي سبب، دون ارتكاب أي جريمة. محبوس لمدة 22 ساعة كل يوم، تحيطني الجدران، أعاني من سوء المعاملة. تدهورت صحتي سريعًا. أمرّ بكل هذا فقط ﻷنني فعلت ما وجب علي فعله كصحافي، أنقل الواقع إلى الناس (الحق في المعرفة)".
وتابع شوكان "تدعم منظمة يونيسكو اﻹعلام المستقل، وحرية الصحافة، والحفاظ على حقوق اﻹنسان، إلى جانب أهداف أخرى تتعلق بالتعليم والمعرفة. لكن مصر لديها سجل سيئ في هذه المسائل. لهذا، تعجبت كثيرًا حين سمعت للمرة اﻷولى أن السفيرة مشيرة خطاب تم ترشيحها لمنصب رئاسة المنظمة. كيف يمكن لبلدي أن يتخذ هذه الخطوة بينما ينتهك النظام المصري ثقافة حرية التعبير والصحافة".