المصارف الأميركية ترفع مخصصات الديون المتعثرة

16 يوليو 2020
+ الخط -

مع بدء المصارف الأميركية إعلان نتائجها للربع الثاني من العام الذي انتهى في يونيو/ حزيران، توقعت وكالة التصنيف الأميركية "ستاندرد آند بورز" ارتفاع مخصصات القطاع المصرفي للديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها خلال العام الجاري بسبب التحديات التي فرضتها جائحة كورونا.

يذكر أن العديد من الشركات الأميركية تكبدت خسائر باهظة من دخلها وإيراداتها خلال الشهور الماضية بسبب عمليات الإغلاق وزيادة تفشي إصابات جائحة كورونا. وبالتالي من المتوقع ألا تتمكن بعض هذه الشركات من سداد أقساط القروض التي أخذتها من البنوك. وحتى الآن تمكنت البنوك التي أعلنت عن نتائجها من تحقيق أرباح أكبر من توقعات محللي المصارف، على الرغم من أنها سجلت انخفاضا كبيرا مقارنة مع أرباحها في نفس الفترة من العام الماضي.

وحتى مساء الثلاثاء أعلن كل من مصرف "جي بي مورغان" و"سيتي غروب" و"ويلز فارغو" عن نتائجها للربع الثاني من العام. وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، رصدت المصارف الثلاثة مخصصات للديون المشكوك في تحصيلها بلغ مجموعها 27.9 مليار دولار. وكانت أكبر المخصصات للديون المشكوك في تحصيلها من نصيب مصرف "جي بي مورغان".

وبحسب البيانات المالية التي أعلنها المصرف الأميركي في الربع الثاني، فقد حقق المصرف دخلاً بلغ 33.8 مليار دولار، ولكن أرباحه انخفضت إلى 4.69 مليارات دولار، مقارنة بالأرباح التي حققها في نفس الفترة من العام الماضي. وبلغت مخصصات التي رصدها المصرف للديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها 10.5 مليارات دولار. 
ويرى محللون بقناة "سي أن بي سي" الأميركية أن "جي بي مورغان" استفاد في ارتفاع دخله من خبراته في المتاجرة أثناء فترة اضطراب أسواق المال، وكذلك من تدخل البنك المركزي الأميركي بضخ ترليونات الدولارات خلال فترة الاضطراب الكبير الذي شهدته سوق "وول ستريت" بين مارس/ آذار وإبريل/ نيسان. كما استفاد مصرف "جي بي مورغان" كذلك من المصاريف التي جناها من إصدارات الأسهم والسندات. وأعلن الرئيس التنفيذي للمصرف، جيمي ديمون، أن مصرف جي بي مورغان، وهو المصرف الأكبر في الولايات المتحدة، على استعداد لمقابلة التحديات التي تفرضها جائحة كورونا بسبب ميزانيته القوية، كما أشار إلى أنه قد يستمر في دفع عوائد على أرباح الأسهم في الربع الثالث من العام. وقال "نحن مستعدون لجميع الاحتمالات لأن ميزانيتنا تسمح لنا بالبقاء". ويذكر أن سعر سهم مصرف جي بي مورغان ارتفع بنسبة 2% في تعاملات يوم الثلاثاء بعد إعلان الأرباح. 
من جانبها أعلنت مجموعة "سيتي غروب" عن انخفاض أرباحها خلال الربع الثاني من العام بنسبة 73% إلى 1.32 مليار دولار، وذلك مقارنة بالأرباح التي حققتها في الربع الثاني من العام الماضي والبالغة 4.8 مليارات دولار، لكن هذه الأرباح تظل أعلى من التوقعات، كما رصدت مجموعة "سيتي غروب" مبالغ قيمتها 7.9 مليارات دولار لتغطية الديون المشكوك في تحصيلها. ولكن سعر سهم المجموعة تراجع في التعاملات التي جرت يوم الثلاثاء بسبب ارتفاع حجم المخصصات المصرفية. يذكر أن سعر سهم "سيتي غروب" تراجع بنسبة 35% خلال العام الجاري.
أما مصرف ويلز فارغو فقد أعلن مخصصات قيمتها 8.4 مليارات دولار للقروض المشكوك في تحصيلها في الربع الثاني من العام الجاري. وجاءت المخصصات أكبر من توقعات محللي المصارف، وهو ما دفع أسهم المصرف للهبوط في تعاملات وول ستريت بنسبة 5% بحسب ما ذكرت نشرة "ماركت ووتش" أمس الأربعاء. ويتوقع خبراء المصارف أن ترتفع المخصصات في القطاع المصرفي الأميركي خلال العام الجاري وسط عودة فيروس كورونا للتفشي في ولايات رئيسية مثل كاليفورنيا وتكساس ونيويورك. وهذه الولايات تعد محورية للانتعاش الاقتصادي في أميركا. ولكن لدى المصارف الأميركية حجماً ضخماً من السيولة يقدر بنحو 3.7 ترليونات دولار. وكانت المصارف قد استفادت في جمع السيولة من تحفيزات المركزي الأميركي والحكومة خلال الشهور الماضية، إذ جمعت من ذلك ترليوني دولار.

ولكن على الرغم من الموقف المالي القوي للمصارف الأميركية، فإن رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، حذرها من عدم التراخي وضرورة الاستعداد أكثر للمخصصات لتغطية الخسائر المحتملة من تداعيات جائحة كورونا والتي قدرها بحوالى 100 مليار دولار.
وكان مصرف الاحتياط الفيدرالي قد نصح المصارف الأميركية بعدم دفع أرباح للمساهمين على الأسهم خلال العام الجاري، كما منع المصارف والشركات التي لجأت إليه خلال هذه الجائحة من العودة لشراء أسهمها من السوق. وهي عادة درجت عليها المصارف الأميركية والشركات الكبرى حينما تصبح أسهمها رخيصة جداً. يذكر أن المصارف الأميركية الستة الكبرى، "سيتي غروب" و"جي بي مورغان تشيس" و"بانك أوف أميركا" و"ويلز فارغو" و"غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي"، رصدت نحو 25.4 مليار دولار مخصصات للديون المشكوك في تحصيلها خلال الربع الأول من العام الجاري. وواجهت المصارف التجارية في أميركا ما يشبه الانهيار في أسهمها خلال شهر مارس/ آذار الماضي مع تفجر أزمة كورونا رغم أنها عادت للتحسن خلال شهر مايو/ أيار بسبب التفاؤل بعودة الاقتصادات والمصانع للتشغيل. ولكن أسعار أسهم المصارف لا تزال منخفضة مقارنة بأسهم التقنية.

المساهمون