طاولت ما تسمى "حملة التطهير في تركيا"، التي تلت محاولة الانقلاب الفاشل ليل الجمعة 15 تموز/يوليو الماضي، وسائل الإعلام التابعة أو الممولة من حركة "الخدمة" التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن بعض الوسائل الإعلامية القريبة من حزب العمال الكردستاني.
ولم يشمل القرار، جميع الوسائل الإعلامية المعارضة، فصحيفتا "جمهورييت" و"سوزجو" المعارضتان، على سبيل الذكر، واللتان تتناولان حتى إجراءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما زالتا تصدران حتى اليوم.
وبموجب القرار الصادر عن حالة الطوارئ، نشرت الجريدة الرسمية التركية، الأربعاء الماضي، ضمن ما وصفته بالأمر الحكومي، قرار إغلاق 3 وكالات أنباء و45 صحيفة و16 قناة تلفزيونية، بالإضافة إلى 23 إذاعة و15 مجلة و29 دار نشر.
ويتساءل الصحافي الكردي، سردار ملا درويش، كيف تم حصر كل تلك الوسائل الإعلامية والتأكد من أن سياساتها التحريرية معادية للديمقراطية أو تتبع لفتح الله غولن، مضيفاً، "كي لا تدخل القصة ضمن تصفية الحسابات، أعتقد وانطلاقاً من حرية الإعلام والديمقراطية التي تعتمدها تركيا، التأكد والمحاكمة قبل قرار الإغلاق، لأن هكذا قرارات يمكن أن تؤثر على الاستثمارات الإعلامية وغير الإعلامية بتركيا".
ويتساءل الصحافي ملا درويش في حديث لـ"العربي الجديد": "هل سنرى أحكاماً مشابهة للوسائل الإعلامية الدولية العاملة على الأراضي التركية والتي لم تؤيد الانقلاب، بل تعاطت مع المحاولة التي فشلت لاحقاً من منظور مهني فنقلت الأخبار، وخاصة أن ساعات ليل الجمعة الأولى كانت في صالح الانقلابيين الذين سيطروا على أكثر من موقع للدولة وأصدروا بيان نجاح الانقلاب".
ولفت إلى مصير الصحافيين الذين يعملون بتلك الوسائل، "هل سيجردون من حقوقهم المهنية أو تسحب شهاداتهم الجامعية كما يروّج البعض هنا، أم سيتم إنصافهم لأنهم بالنهاية مواطنون أتراك، ولهم الحق بالعمل ضمن دولة ديمقراطية".
وفيما وصفت أوساط تركية إجراء إغلاق الوسائل الإعلامية قبل إصدار أحكام إدانة وتورط، بالظالم وغير الديمقراطي، لأن من حق كل وسيلة أن تعبر عن رأيها بالطريقة التي تريد دون الخروج عن قواعد وأصول المهنية أو الأطر القانونية،
رأى الكاتب والمحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن الخطوة كانت بالطريق الصحيح، لأن تلك الوسائل التي شملها القرار، تم التأكد والتحقيق من تعاطيها الإعلامي وردود أفعالها بعد الانقلاب الذي أيدته، بل وحاولت الحشد لتأييده ضد الدولة والحكومة المنتخبة والديمقراطية، وبالتالي لا بد من محاكمتها ومن يثبت إدانته يحاكم بشكل عادل ومن لم يتورط، سيطلق سراحه وتعاود وسيلته العمل، كما أطلق سراح الجنود.
وحول سؤال، إن كان يقصد أن قرار الإغلاق مؤقت ريثما تنتهي الإجراءات القانونية، قال كاتب أوغلو: "لا شك في ذلك، لكننا في حالة طوارئ، وهناك من لم يزل يدعم الانقلاب أو يحاول أن يلملم خلايا نائمة لإجراء بلبلة، ولا بد من ضبط البلاد وبسط سيطرة الدولة لتحقيق الأمن والديمقراطية لجميع الأتراك".
أما في ما يتعلق، بما إن كان الإجراء ديمقراطيا، وأن ثمة دولا ومنظمات تتربص بتركيا، يجيب المحلل التركي، "لا بد أن نكون واضحين هذا إجراء ديمقراطي والهدف منه حماية الديمقراطية، وأكرر لا يمكن أن يظلم القضاء أي تركي غير متورط، والدليل الأعداد الكبيرة التي بدأت تخرج من التوقيف بعد ثبوت عدم مشاركتها بالانقلاب، وما يتعلق ببعض الدول الغربية أو المنظمات الحقوقية، التي قالت إن الإجراء غير ديمقراطي وضد الرأي الآخر، فنقول لهم، تركيا بلد ديمقراطي وفيه أحزاب معارضة فاعلة ومؤثرة، كما أن لدينا برلمانا ومنظمات مجتمع مدني لا يمكن، جميعهم، أن يسكتوا على أي إجراء قمعي، مشيراً إلى أن القرار لم يشمل الإعلام المعارض، بل الإعلام المتورط، بدليل أن جريدة "صباح مساء" المعارضة التي تتناول حتى قرارات رئيس الدولة وتنتقدها، ما زالت على قيد الصدور ولم يتعرض لها أحد، وهذا حقها الذي يضمنه لها القانون، وليس لأحد بذلك أي منّة أو فضل".
وبدأت بعض وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، تروّج لحملات تضامن مع الإعلاميين أو كتاب وشعراء، منهم لم تدرج أسماءهم ضمن المعتقلين أو الملاحقين، في خطوة رأى فيها مراقبون، ترويجا للأشخاص، كما حصل مع حملة الشاعر التركي الشهير، حلمي ياوظ.
ويقول المحلل المختص بالشأن التركي، عبد القادر عبد اللي، لا يمكننا إطلاق صفة، الآن على الأقل على الإجراءات التي تتخذها الحكومة التركية، لأن الفصل يكون عبر المحاكم وبعد تقديم الأدلة، سواء على التورط والإدانة أو على البراءة.
ويضيف عبد اللي لـ"العربي الجديد" على الرغم من التأييد الذي حظي به قرار الطوارئ بإغلاق وسائل الإعلام، فهذا القرار غير المؤثر على أرض الواقع لأن غالبية هذه الوسائل لم يسمع بها أحد، إلا أنه من منظور البعض، هو قرار خاطئ، ويزيد الاحتقان لدى بعض الأوساط.
ولكن من جهة أخرى فإن غالبية هذه الوسائل ستطرق الباب القانوني لاستعادة حقوقها، وهناك قضية مهمة قلما تم التنويه إليها، فعندما تنتهي من الإجراءات القانونية في تركيا، ولا تحصل على حقها، فيحق لها طرق باب محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، وفي حال كسبت الدعوى يمكنها أن تستعيد حقوقها داخل تركيا.
اقــرأ أيضاً
ولم يشمل القرار، جميع الوسائل الإعلامية المعارضة، فصحيفتا "جمهورييت" و"سوزجو" المعارضتان، على سبيل الذكر، واللتان تتناولان حتى إجراءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما زالتا تصدران حتى اليوم.
وبموجب القرار الصادر عن حالة الطوارئ، نشرت الجريدة الرسمية التركية، الأربعاء الماضي، ضمن ما وصفته بالأمر الحكومي، قرار إغلاق 3 وكالات أنباء و45 صحيفة و16 قناة تلفزيونية، بالإضافة إلى 23 إذاعة و15 مجلة و29 دار نشر.
ويتساءل الصحافي الكردي، سردار ملا درويش، كيف تم حصر كل تلك الوسائل الإعلامية والتأكد من أن سياساتها التحريرية معادية للديمقراطية أو تتبع لفتح الله غولن، مضيفاً، "كي لا تدخل القصة ضمن تصفية الحسابات، أعتقد وانطلاقاً من حرية الإعلام والديمقراطية التي تعتمدها تركيا، التأكد والمحاكمة قبل قرار الإغلاق، لأن هكذا قرارات يمكن أن تؤثر على الاستثمارات الإعلامية وغير الإعلامية بتركيا".
ويتساءل الصحافي ملا درويش في حديث لـ"العربي الجديد": "هل سنرى أحكاماً مشابهة للوسائل الإعلامية الدولية العاملة على الأراضي التركية والتي لم تؤيد الانقلاب، بل تعاطت مع المحاولة التي فشلت لاحقاً من منظور مهني فنقلت الأخبار، وخاصة أن ساعات ليل الجمعة الأولى كانت في صالح الانقلابيين الذين سيطروا على أكثر من موقع للدولة وأصدروا بيان نجاح الانقلاب".
ولفت إلى مصير الصحافيين الذين يعملون بتلك الوسائل، "هل سيجردون من حقوقهم المهنية أو تسحب شهاداتهم الجامعية كما يروّج البعض هنا، أم سيتم إنصافهم لأنهم بالنهاية مواطنون أتراك، ولهم الحق بالعمل ضمن دولة ديمقراطية".
وفيما وصفت أوساط تركية إجراء إغلاق الوسائل الإعلامية قبل إصدار أحكام إدانة وتورط، بالظالم وغير الديمقراطي، لأن من حق كل وسيلة أن تعبر عن رأيها بالطريقة التي تريد دون الخروج عن قواعد وأصول المهنية أو الأطر القانونية،
رأى الكاتب والمحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن الخطوة كانت بالطريق الصحيح، لأن تلك الوسائل التي شملها القرار، تم التأكد والتحقيق من تعاطيها الإعلامي وردود أفعالها بعد الانقلاب الذي أيدته، بل وحاولت الحشد لتأييده ضد الدولة والحكومة المنتخبة والديمقراطية، وبالتالي لا بد من محاكمتها ومن يثبت إدانته يحاكم بشكل عادل ومن لم يتورط، سيطلق سراحه وتعاود وسيلته العمل، كما أطلق سراح الجنود.
وحول سؤال، إن كان يقصد أن قرار الإغلاق مؤقت ريثما تنتهي الإجراءات القانونية، قال كاتب أوغلو: "لا شك في ذلك، لكننا في حالة طوارئ، وهناك من لم يزل يدعم الانقلاب أو يحاول أن يلملم خلايا نائمة لإجراء بلبلة، ولا بد من ضبط البلاد وبسط سيطرة الدولة لتحقيق الأمن والديمقراطية لجميع الأتراك".
أما في ما يتعلق، بما إن كان الإجراء ديمقراطيا، وأن ثمة دولا ومنظمات تتربص بتركيا، يجيب المحلل التركي، "لا بد أن نكون واضحين هذا إجراء ديمقراطي والهدف منه حماية الديمقراطية، وأكرر لا يمكن أن يظلم القضاء أي تركي غير متورط، والدليل الأعداد الكبيرة التي بدأت تخرج من التوقيف بعد ثبوت عدم مشاركتها بالانقلاب، وما يتعلق ببعض الدول الغربية أو المنظمات الحقوقية، التي قالت إن الإجراء غير ديمقراطي وضد الرأي الآخر، فنقول لهم، تركيا بلد ديمقراطي وفيه أحزاب معارضة فاعلة ومؤثرة، كما أن لدينا برلمانا ومنظمات مجتمع مدني لا يمكن، جميعهم، أن يسكتوا على أي إجراء قمعي، مشيراً إلى أن القرار لم يشمل الإعلام المعارض، بل الإعلام المتورط، بدليل أن جريدة "صباح مساء" المعارضة التي تتناول حتى قرارات رئيس الدولة وتنتقدها، ما زالت على قيد الصدور ولم يتعرض لها أحد، وهذا حقها الذي يضمنه لها القانون، وليس لأحد بذلك أي منّة أو فضل".
وبدأت بعض وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، تروّج لحملات تضامن مع الإعلاميين أو كتاب وشعراء، منهم لم تدرج أسماءهم ضمن المعتقلين أو الملاحقين، في خطوة رأى فيها مراقبون، ترويجا للأشخاص، كما حصل مع حملة الشاعر التركي الشهير، حلمي ياوظ.
ويقول المحلل المختص بالشأن التركي، عبد القادر عبد اللي، لا يمكننا إطلاق صفة، الآن على الأقل على الإجراءات التي تتخذها الحكومة التركية، لأن الفصل يكون عبر المحاكم وبعد تقديم الأدلة، سواء على التورط والإدانة أو على البراءة.
ويضيف عبد اللي لـ"العربي الجديد" على الرغم من التأييد الذي حظي به قرار الطوارئ بإغلاق وسائل الإعلام، فهذا القرار غير المؤثر على أرض الواقع لأن غالبية هذه الوسائل لم يسمع بها أحد، إلا أنه من منظور البعض، هو قرار خاطئ، ويزيد الاحتقان لدى بعض الأوساط.
ولكن من جهة أخرى فإن غالبية هذه الوسائل ستطرق الباب القانوني لاستعادة حقوقها، وهناك قضية مهمة قلما تم التنويه إليها، فعندما تنتهي من الإجراءات القانونية في تركيا، ولا تحصل على حقها، فيحق لها طرق باب محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، وفي حال كسبت الدعوى يمكنها أن تستعيد حقوقها داخل تركيا.