يلفت باحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية، (طلب عدم ذكر اسمه)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى بُعد آخر للخطة، قائلاً "بعيداً عن جدوى المشروع الحكومي في مسألة وقف العمليات المسلحة ضد الجيش والشرطة، فإن الهدف منه أيضاً محاصرة قطاع غزة وحركات المقاومة، بما يصبّ في مصلحة الكيان الصهيوني"، مشيراً إلى أنّ "أهالي سيناء هم من يدفعون الثمن في ظلّ الخلافات السياسية أو المواجهات بين الجيش والشرطة من جهة، والتنظيمات المسلحة من جهة أخرى".
وكان محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفتاح حرحور، أكد، أخيراً، الانتهاء من حصر مباني ومنشآت المرحلة الثالثة من المنطقة الحدودية في رفح، تمهيداً لإخلائها. ومن المقرّر، وفقاً لما أعلنه حرحور، أن تزيد المنطقة العازلة بين سيناء وقطاع غزة إلى أكثر من 1500 متر تقريباً، بانتظار ما قد يسفر عن زيادات أخرى. وقال حرحور إنّ "هناك 1215 منزلاً و40 منشأة حكومية في هذه المرحلة الجديدة، وجارٍ تحديد القيمة التعويضية عن المباني"، مشيراً إلى أنّه سيتم صرف المساعدات المالية إلى أصحاب المهن والحِرف التي تضرّرت بسبب الإخلاء من قبل أصحاب الأنشطة الاقتصادية التجارية والحرفية المرخصة والعمال المؤمّن عليهم في المنشآت الاقتصادية التجارية والحرفية.
وتتزامن بداية تنفيذ المرحلة الثالثة من خطة التهجير، مع دخول فصل الشتاء وبداية العام الدراسي، وهو ما يعرّض الأهالي المهجّرين إلى مأساة إنسانية حقيقية للعام الثاني على التوالي، ما سيدفع بمئات العائلات إلى البقاء في العراء بلا مأوى، أو اللجوء إلى إقامة مخيمات خارج إطار المنطقة العازلة. ويواجه الأهالي صعوبة في نقل أثاث المنازل إلى مكان آخر، في ظل عدم توافر شقق من قبل الدولة لحمايتهم والبقاء فيها حتى يتم الانتهاء من مدينة رفح المزعومة. كما أنّ استهداف الجيش بطائراته وآلياته للمدارس، فضلاً عن تلك التي يستغلّها كمقار لقواته، يسهم في أزمة على المستوى التعليمي.
اقرأ أيضاً: يوميات التهجير في سيناء: مسيرة إقامة المنطقة العازلة
ويوضح أحد أهالي سيناء، هشام أحمد، أنّ الوضع الحالي ينذر بكارثة جديدة، مع دخول فصل الشتاء والمدارس، لافتاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "المشاهد التي حدثت العام الماضي، من تهجير الأهالي وإجبارهم على الخروج من خلال قصف للمنازل من دون التأكد من إخلائها تحت المطر، ستتكرر". ويصف أحمد ما تقوم به الدولة تجاه الأهالي، بالـ"العقاب" لجريمة ارتكبها غيرهم.
ويؤكّد شاب آخر من سيناء أنّ "خطة التهجير هي فعلاً عقاب لكنه مقصود للأهالي، لأنّهم لم يساعدوا الجيش والشرطة في مواجهة الجماعات المسلحة". ويقول الشاب نفسه، (طلب عدم ذكر اسمه)، لـ"العربي الجديد"، إن "الأهالي لا يعادون الجيش، لكنّهم فضّلوا عدم الدخول طرفاً في الصراع القائم"، موضّحاً أنّ "الأسر ستواجه أزمة في إيجاد مأوى، على الرغم من إصرارهم على عدم ترك منازلهم التي تعبوا في بنائها أو حتى لشرائها".
وفي ظل انقطاع الكهرباء والمياه المستمر عن سيناء، يصف أحد الأهالي من مدينة الشيخ زويد، الأوضاع بأنّها "أسوأ ممّا كانت عليه، في ظلّ تجاهل احتياجات السكان الأساسية". ويضيف المصدر المحلي (طلب عدم ذكر اسمه)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع لا يمكن تحمّله أكثر من ذلك، فعدد ساعات انقطاع الكهرباء والمياه طويلة، مؤكّداً أنّ "هذا الانقطاع متعمّد، وخصوصاً أنّ محطات الكهرباء والمياه لا تزال تعمل بشكل طبيعي".
هذه الوقائع، وتأكيد الأهالي على عدم حصولهم على تعويضات المرحلتين الأولى والثانية من عمليات التهجير القسري حتى الآن، تكشف زيف الادعاءات التي أكّد من خلالها حرحور، الانتهاء من صرف تعويضات المرحلة الأولى بمبلغ 286 مليون جنيه، ما يعادل 36.5 مليون دولار، عن 837 منزلاً، والمرحلة الثانية بإجمالي مبلغ 370 مليون جنيه، ما يعادل 47 مليون دولار، عن 1220 منزلاً، فضلاً عن صرف تعويضات المرحلة الثالثة بعد الانتهاء من إخلائها، ما يعني تشرّد الأهالي لأنّهم لا يملكون المال للإيجار في الوقت الحالي.
اقرأ أيضاً: خبراء: "تهجير" أهالي سيناء يوسّع مسرح العمليات ضد الجيش