المرأة السودانية تقود سيارات الأجرة

20 يناير 2017
في البداية رفضت والدتها عملها (العربي الجديد)
+ الخط -
بخطى ثابتة، بدأت المرأة السودانية اختراق وظائف ومهن لطالما كانت حكراً على الرجال لتثبت جدارتها بعدما كانت حبيسة المنزل، وكان الرجل ينظر إليها كتابعة. مجموعة من الفتيات السودانيّات، بعضهن جامعيّات، قررن أخيراً ولوج مهنة قيادة سيارات الأجرة، من خلال الاستفادة من سياراتهن الخاصة. بدأن العمل الذي اقتصر على نقل النساء، لتفادي أية مشاكل، نظراً لقلّة الجرائم المتّصلة بالنساء في السودان.

سماهر صلاح (23 عاماً)، وهي طالبة في كليّة طب الأسنان، أطلقت الفكرة بعد التشاور مع زميلاتها في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السودان. هكذا، قرّرت مع عدد من زميلاتها، اللواتي لديهن سيارات خاصة، الاستفادة منها وتحويلها إلى سيارات أجرة، وأعلن عن مشروعهن على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تخفيف الضغط المادي عن أسرهن، وتسهيل نقل النساء اللواتي يخشين ركوب سيارات يقودها رجال.

تقول لـ "العربي الجديد" إن غالبيّة زبائنها من السوريّات اللواتي انتقلن إلى السودان بسبب الحرب الدائرة في بلادهن منذ ما يزيد عن خمس سنوات. وتوضح أنّه كان صعباً على السوريّات التنقل بسيارات الأجرة التي يقودها رجال من دون أسرهن. لكن في الوقت الحالي، حلّت مشكلتهن وبدأن يتحركن بحرية.

تقول إن خطوتها خفّفت الضغط عن كاهل أسرتها، خصوصاً أن لديها مجموعة من الاحتياجات التي يصعب عليها تحمّلها. وفي الوقت نفسه، تبدو مرتاحة لأنها باتت قادرة على الاعتماد على نفسها. ولاقت تجربتهن تجاوباً أيضاً من قبل عدد من السودانيّات اللواتي تشجعن على القيام بالمثل. وترى سماهر أنه رغم كون المجتمع السوداني محافظاً، إلا أنه رحّب بالفكرة، "خصوصاً وأن عملنا يقتصر على نقل النساء".

وتلفت إلى أنه في البداية، رفضت والدتها الأمر، لكنّها سرعان ما تفهمت خطوتها هذه. وتشير إلى أنّها باتت تعلّم الفتيات قيادة السيارات، باعتبار أن غالبيتهن يرغبن بذلك، إلّا أنهن يواجهن مشكلة عدم قدرة آبائهن أو أشقائهن على تعليمهن القيادة لضيق الوقت. وتوضح أن فتيات كثيرات يضطررن إلى إلغاء بعض الزيارات أو المواعيد لأن أحداً لا يستطيع إيصالهن، عدا عن منعهن من الاستعانة بسيارات أجرة يقودها رجال.



وتنفي أن تكون قد واجهت أية صعوبات أو مضايقات رغم أنها تعمل أحياناً لأوقات متأخّرة من الليل. وتؤكّد سعيها إلى تطوير المبادرة وتعميمها، وزيادة عدد سيّارات الأجرة الخاصة بالنساء، باعتبار أنها ستقيهن من أيّة مضايقات.

تجدر الإشارة إلى أن المجتمع السوداني انقسم بين مؤيد ورافض للخطوة. ويتحجّج الرافضون بالمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الفتاة، خصوصاً أثناء القيادة في المناطق النائية، بالإضافة إلى نظرة المجتمع إليها. ويرى المؤيدون أن الخطوة تأكيد على قدرة النساء على العمل في أي مجال، وأنه يمكن الاعتماد عليهن.

من جهتها، تقول رندة، وهي طالبة، إن "الفكرة برمتها جيّدة، ومن شأنها أن تحافظ على خصوصية النساء". وتشير إلى أنّها ستخفّف عنهن مضايقات كثيرة يتعرضن لها، خصوصاً من السائقين في أحيان كثيرة، في حال كانت طبيعة عملهن تتطلب بقاؤهن لأوقات متأخّرة في الليل، ما يجعلهنّ أكثر اطمئناناً بركوب سيّارة أجرة تقودها امرأة.

بدوره، يرفض محمد الفكرة. يقول: "يستحيل أن أسمح لشقيقتي أو زوجتي أو ابنتي بممارسة تلك المهنة، إذ إنني لا أثق بالأشخاص الذين قد يصادفونهن، وأخشى تعرضهن لأية مشكلة". يضيف أن "المرأة بطبيعتها ضعيفة، ولا أعتقد أن في إمكانها مواجهة ما قد يواجهه السائقون".
إلى ذلك، ترى الباحثة الاجتماعية أسماء جمعة أنّ لهذه الظاهرة أسبابها الاقتصادية، نظراً إلى الضغوط الكثيرة على الأسر. تضيف أنه لدى الفتيات طموحات وإمكانيات كثيرة، وبالتالي هن قادرات على مساعدة أسرهن. وترى أن سيارات الأجرة للفتيات تعد فكرة جيدة، لافتة إلى أن المرأة السودانية باتت قادرة على تلبية طموحها وقد أصبحت مؤثّرة في المجتمع، ما ساهم في تقبل المجتمع لها.

وتشير إلى أن المرأة باتت قادرة على اختراق كافة المجالات التي كانت حكراً على الرجال، لافتة إلى أن خطوة كهذه من شأنها أن تحدث صدمة في المجتمع باعتبارها الأولى من نوعها، موضحة أن الأمر لا يستغرق وقتاً كثيراً، وسرعان ما يتقبله المجتمع. وترى أن المجتمع السوداني تغيّر، ويشمل الأمر نظرته إلى المرأة. وتختم: "المرأة باتت مساوية للرجل، وباتت تفكّر وتنتج بشكل أسرع".

دلالات
المساهمون