المرأة السعوديّة.. عقبات أمام ممارسة الرياضة

10 أكتوبر 2014
سعودية تشجّع منتخب بلادها في المنامة (كريم سهيب/فرانس برس)
+ الخط -
عوائقُ كثيرة تُواجهها المرأة السعودية فيما يتعلق بممارسة الرياضة كهواية، ليصبح الحديث عن الاحتراف ترفاً. وأخيراً، انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السعودية؛ لعدم إشراك أية امرأة في دورة الألعاب الآسيوية السابعة عشرة في كوريا الجنوبية. انتقادٌ يأتي بعد جدال رافق مشاركة السعودية في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في لندن قبل نحو عامين، وتمخض عنه السماح لرياضيتين بالمشاركة، هما وجدان شهرخاني التي مثلت بلادها في لعبة الجودو، وسارة العطار في ألعاب القوى ضمن سباق 800 متر.
وألمحت اللجنة الأولمبية السعودية إلى نيّتها إشراك رياضيات في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016، من دون أن يصدر أي إعلان رسمي في هذا الصدد، أو حتى الكشف عن أسماء الرياضيات اللواتي ينوين المشاركة. كذلك، قال الأمين العام للجنة الأولمبية السعودية محمد المسحل، في تصريحات نشرتها عدد من وسائل الإعلام المحلية، إن "اختيار رياضيات سعوديات لتمثيل المملكة في أولمبياد ريو دي جانيرو ليس قراراً تتخذه اللجنة، بل هو أمر يحتاج إلى موافقة من جهات عدة"، موضحاً أن "تمثيل نساء المملكة في المحافل الرياضية لم يبدأ حتى الآن بصورة فعلية".

فرق نسائية

شهد عدد من المدن السعودية، وخصوصاً جدة تليها الرياض وغيرها، إنشاء فرق رياضية نسائية عدة في ألعاب كرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة. ويذكر أن عدد هذه الفرق وصل إلى 25 فريقا، منها 20 في جدة، و3 في الرياض، و2 في المنطقة الشرقية. وكانت اللجنة الأولمبية السعودية قد أعلنت أنها بصدد الاتفاق مع شركات متخصصة للبدء في تفعيل أنشطة الأندية النسائية، متوقعة أن "يبدأ العمل خلال العام الجاري، وفقاً لضوابط محددة، وبإشراف جهات حكومية".

البحث عن أندية

يحظر على المرأة السعودية دخول الملاعب الرياضية حتى كمشاهدة ومشجعة. وغالباً ما يُثير كُتاب الرأي في وسائل الإعلام المحلية هذه القضية، ويطالبون بالسماح للمرأة بدخول الملاعب، وتخصيص مدرجات خاصة للنساء أو الأسر. وفي السياق، تقول المواطنة سارة فهد إن "منع النساء من دخول الملاعب قرار موجع، وخصوصاً بالنسبة للمهتمات بالرياضة". تُضيف أن "مثل هذه القرار التعسفي ناجم عن أنظمة رديئة لا تراعي أهمية الرياضة بالنسبة للنساء".
ونتيجة لتفشي السمنة ومرض السكري بين الطالبات في المملكة، وافق مجلس الشورى قبل أقل من عام على توصية مقدمة من لجنة الشؤون التعليمية في المجلس، لتمكين الطالبات من ممارسة الرياضة في المدارس، وإتاحة برامج اللياقة البدنية والصحية، بما يتوافق مع طبيعتهن ووفق الضوابط الشرعية. يضاف إلى ذلك التنسيق مع وزارة التعليم العالي لوضع برنامج التأهيل المناسب للمعلمات لتدريب الطالبات على ممارسة الرياضة. وقوبل القرار باعتراضات من بعض رجال الدين.
كذلك، تعاني السعوديات بسبب غياب النوادي الرياضية، علماً أن الكثيرات منهن يرغبن في ممارسة الرياضة لتخفيف السمنة التي وصلت نسبتها إلى 37 في المائة في السعودية، وهي الأعلى في العالم، بحسب دراسة للخبير السعودي فؤاد نيازي.
وقبل نحو خمس سنوات، أصدرت وزارة الشؤون البلدية قراراً بإغلاق جميع النوادي النسائية المفتوحة بترخيص "مشغل"، إذ درجت بعض سيدات الأعمال على افتتاح ملاحق رياضية ضمن محال تزيين الشعر، تبعه إغلاق الصالات الرياضية التي أنشأتها أيضاً بعض المستوصفات الأهلية الصغيرة، بعد منحها ترخيصا بالسماح للنساء بممارسة الرياضة في عدد من المراكز الخاصة التابعة للمستشفيات الأهلية الكبيرة والفنادق عام 2013. وتجدر الإشارة إلى "قلة عدد النساء اللواتي يقصدن هذه المراكز، نظراً لبعدها عن الأحياء السكنية، وارتفاع أسعار الاشتراك فيها".
كل هذه العوائق دفعت ببعض السيدات المقتدرات إلى إقامة صالات رياضية غير مرخصة في منازلهن. فيما تلجأ بعض النساء الثريات إلى التعاقد مع مدربات يزرنهن في بيوتهن. وتوضح المواطنة منال عسكر أن "هناك صالات رياضية راقية ومجهزة بأفضل الأجهزة الرياضية، غالباً ما تكون رسوم الاشتراك فيها مرتفعة جداً". وتلفت إلى أن "رسوم بعض هذه النوادي تصل إلى 1900 ريال في الشهر، وبعضها 12 ألفا في العام، وتشمل فقط استخدام أجهزة النادي وبركة السباحة. ويجد الكثير من النساء أنفسهن مضطرات إلى دفع هذه التكاليف الباهظة، حتى لا يحرمن أنفسهن من ممارسة هذه الرياضة، والاهتمام بأجسادهن، والتخفيف من الضغوط والهموم اليومية. في المقابل، لا يزيد الاشتراك في الأندية الخاصة بالذكور عن 3 آلاف ريال في العام، وتشمل جميع الخدمات".
كذلك، تشير إلى أن "هناك نوادي أخرى لا تراعي الشروط الطبية، وتفتقد لوجود مدربات". وتقول سماهر عبدالله إنها تمارس الرياضة في الصالات الملحقة بالمنازل؛ نظراً لقربها وعدم الحاجة إلى وسائل نقل للوصول إليها، علماً أن أسعار المواصلات مرتفعة جداً.

"زومبا"

تشهد رقصة الـ"زومبا"، والتي تعني باللغة اللاتينية الحركة السريعة، وهي أحد أنواع الرياضات الهوائية العالمية، إقبالاً كبيراً من قبل السعوديات في الآونة الأخيرة، مما دفع جميع النوادي الرياضية النسائية في السعودية المرخصة وغير المرخصة، إلى اعتمادها ضمن برامجها الرياضية. وتقول عائشة إن "رقصة الزومبا ممتعة ومسلية، وتؤدي إلى حرق الكثير من السعرات الحرارية، بمعدل ألف سعرة حرارية في الساعة".
وتؤكد المدربة هيام قاسم لـ"العربي الجديد" أن "هذه الرياضة لا تتطلب لياقة بدنية معينة"، مضيفة أنها "رياضة للجميع، وهي أشبه بعلاج نفسي وبدني وصحي، ومصدر لإفراز هرمون السعادة". وتلفت إلى أنها "معتمدة من قبل دول العالم المتقدمة كعلاج في المراكز الصحية وحتى السجون". كذلك، تشير إلى "أهمية أن تحرص الفتيات والنساء على ممارسة الرياضة بشكل دوري، خصوصاً أن بعض الدراسات تؤكد أن ذلك قد يساهم في إنجاب أطفال أذكياء".
هكذا لا تكلّ السعوديات عن الاحتيال على ظروفهن، لتأمين الحد الأدنى من حقوقهن، حتى الصحية منها.
المساهمون