من بين أبرز القضايا الحساسة التي تثار مع الإعلان عن القضاء على تنظيم "داعش" من قبل "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ما يتعلق بمصير المختطفين والأسرى الذين كان يحتجزهم التنظيم وبينهم مواطنون ومقاتلون من "قسد" ومن الفصائل المسلحة الأخرى، فضلا عن المختطفين الأجانب مثل الأب يوحنا إبراهيم والأب باولو والأب بولس يازجي وصحافيين أجانب، وسط مطالبات من قبل أهالي المختطفين لـ"قسد" بشأن الضغط على عناصر التنظيم المستسلمين للكشف عن مصير هؤلاء المختطفين، فيما قالت بعض العائلات إنها شاهدت أبناءها المخطوفين على شاشات التلفزيون مع الخارجين من الباغوز، وتم نقلهم إلى مخيم الهول في الحسكة، لكن لم يسمح لهم حتى الآن بالوصول اليهم أو معرفة مصيرهم، وتأكيد وجودهم هناك.
وقالت شبكات محلية إن ثمة خلطاً حتى الآن بين مقاتلي التنظيم والمعتقلين لديه، وما زال الجميع يعاملون معاملة واحدة حتى الآن إلى أن تنتهي التحقيقات، ويتم فرز المقاتل عن المعتقل، حيث يزج بالجميع في سجون خاصة تشرف عليها القوات الأميركية، ولا تمكن معرفة أي معلومات عمن في داخلها.
وأوضحت المصادر أنه تم توثيق نقل أربعين أسيرا من حقل العمر النفطي إلى مناطق سرية، من بينهم شخص تم تقديمه في أحد الإصدارات الإعلامية للتنظيم سابقاً، على أنه قتل وتبين أنه حي.
وكان مسؤول في "قسد"، قال إنه جرى إطلاق سراح جميع المعتقلين الأحياء لدى "داعش" على دفعات، حيث كان يتم مقايضة شاحنات الطعام والدواء لعناصر "داعش" المُحاصرين بالإفراج عن الأسرى لديهم، مشيرا في تصريحات صحافية إلى أن عملية الإفراج عن المعتقلين الأسرى قد تأخذ بعض الوقت بسبب إجراءات التحقق من هوايتهم، حيث لا يحمل معظمهم وثائق شخصية، وقد يكون "داعش" قد دسّ بينهم بعض أعضائه وقياداته لتهريبهم.
من جهتها، قالت مصادر ميدانية إن القوات الأميركية موجودة بكثافة في منطقة الباغوز وتفرض حظرا على تداول المعلومات بشأن ما تقوم به هناك من عمليات حفر وتنقيب والتحقق من هوية بعض الجثث، عبر مختبرات ميدانية بهدف الوصول لعدد من الأسرى الغربيين، الذين رفض "داعش" تسليمهم حتى اللحظة الأخيرة، وأصر على ربط نجاتهم بنقل ما تبقى من عناصره إلى منطقة أخرى، وهو ما لم تقبل به القيادة الأميركية.
وما زالت الأعداد الدقيقة للمختطفين والمفقودين على أيدي التنظيم غير واضحة، على الرغم من الحملات التي قام بها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي وثقت آلاف الأرقام.
وحسب الشبكة السوريّة لحقوق الإنسان فإن التنظيم اعتقل ما لا يقل عن 6300 شخص، قد يكون كثير منهم لاقى حتفه اليوم.
ومن بين المختطفين لدى التنظيم، القسّ الإيطالي الأب باولو دالوليو، الذي فُقد في محافظة الرقة شرقي سورية، منتصف عام 2013، بعد اعتقاله من قبل التنظيم، بحسب ناشطين سوريين. ولم تظهر أي معلومات عن الأب باولو، منذ اختطافه، غير أنّ "منظمة الإغاثة والمصالحة الدولية" كشفت، مؤخّراً، أنّه لا يزال حياً مع بعض الرهائن لدى "داعش". واستندت المنظمة في معلوماتها إلى شهادات من بعض الرهائن المحررين من قبضة التنظيم في بلدة الباغوز، الذين تمكّنوا من الخروج خلال الحملة العسكرية على البلدة.
ومن المخطتفين لدى "داعش"، فريق صحافي من قناة "سكاي نيوز عربية"، وهم الصحافي الموريتاني إسحاق مختار والمصور الصحافي اللبناني سمير كساب، ومرافقهما السوري عدنان عجاج، الذين اختطفوا، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2013، وأعلنت القناة أنّها فقدت الاتصال بهم في هذا التاريخ. وكان جورج كساب، شقيق المخطوف سمير، قد عبّر عن أمله بظهور شقيقه، بعد معركة الباغوز في سورية.
وقال كساب إنه "لا يوجد تأكيد أنّ سمير ظهر في أي مكان خلال التطورات التي تحدث مع داعش، ونحن نتمنى أن يكون هناك ويتم الإفراج عنه. تقريباً لا معطيات أكيدة حول شيء في ما خص سمير كساب، والجو سلبي لا سيما أنّه مر 5 سنوات دون ظهور أي تفصيل بالقضية".
ومن المختطفين أيضاً، فراس الحاج صالح، شقيق الكاتب السوري ياسين الحاج صالح.
وشارك فراس في الحراك السلمي والمظاهرات الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد، منذ بداية الثورة السورية عام 2011، كما عمل في مجال الإغاثة والإعلام.
واعتقلته قوات النظام السوري للمرة الأولى في 4 يوليو/تموز 2011، على خلفية اعتصام شارك فيه أمام مبنى المحكمة في مدينة الرقة، وأفرج النظام عنه بعد 24 يوماً، ليكثّف نشاطه لاحقاً في التنديد بانتهاكات تنظيم "داعش" هناك، إلى أن اعترض مسلّحون مجهولون سيارته واعتقلوه تحت تهديد السلاح إلى المقر الرئيسي للتنظيم في مبنى محافظة الرقة، دون معرفة أي معلومات عنه، حتى الآن.
ومن المختطفين أيضاً لدى "داعش"، الناشط السوري محمد نور مطر، الذي اعتقله التنظيم في الرقة، خلال تصويره لمسيرة نسائية احتجاجية أمام أحد مباني التنظيم.
ودشّن عامر مطر، شقيق محمّد نور، حملةً على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت مسمّى "أين مختطفو داعش؟" للمطالبة بمعرفة مصير المختطفين بعد انحسار نفوذ التنظيم.