05 نوفمبر 2024
المحكّ الصيني الإيراني لانعزالية ترامب..
نكاد نسلم بأن أميركا دونالد ترامب قوة تميل إلى الانعزالية إزاء قضايا العالم، يزكّي ذلك حرص العم سام الجديد على الانسحاب من اتفاقيات وهيئات دولية كثيرة شكلت هوية العالم في ما بعد الحرب الباردة، وقبلها الحرب العالمية الثانية، ثم رفعه شعار "أميركا أولاً"،
غير أن الموقف من الصين وإيران يعيد إلينا، في الفترة الأخيرة، سيناريوهاتٍ، اعتقدنا، من فرط التسارع الدموي للعشريتين الأوليين في القرن الحالي، أنها ذهبت إلى غير رجعة، وهي سيناريوهات ما كان يطمح إليه المحافظون الجدد، في عهدي البوشين الأب والابن، للشرق الأوسط وباقي العالم. وهو التدخل من أجل تغيير طبيعة الدولة، وطبيعة التوازنات، وطبيعة الجغرافيا السياسية للعالم. كيف ذلك؟
اختارت أميركا ترامب التصعيد، عبر العقوبات الاقتصادية حينا، والحروب المتعدّدة حينا آخر، أن تحول كلاً من إيران والصين إلى تمرين جيواستراتيجي جديد لعودة النزعة التدخلية العتيقة للقوة الأولى في العالم، فهي، كما كتب أحد المختصين في قضاياها، آلان فراشون، تتحدّى، القوتين الإيرانية والصينية، في محيطهما، ذلك لأن "الاقتصاد الصيني يملك الوزن نفسه الذي تملكه اقتصاديات أميركا، كما أن الوزن الاستراتيجي الإيراني محدّد في خريطة الشرق الأوسط". وعليه، فإن التوجه الأميركي نحو تخصيص الصين وإيران بعداوتهما الاستراتيجية رهنا يهدف، بالتحديد، إلى "تغيير عميق في سياسة البلدين، والذي يعتبر كل واحد منهما في منطقة نفوذه قوة ذات تأثير حاسم"، غير أن الأمر الذي لا يمكن إغفاله أن الحرب الاقتصادية لا تخفي هدفها البعيد، وهو الوضع الذي تريده أميركا للصين، حيث إنها تعتبرها رسميا "الخصم الاستراتيجي"، بسبب ما تعتبرها "أهدافا إمبريالية" (كذا) في آسيا، وعسكرة بحر الصين الجنوبي.
وفي هذه النقطة، تلتقي العداوة مع الجيواسراتيجية، إزاء إيران باعتبارها عدوا إقليميا، قد لا يكون "العملاق الشامل" كما هو حال الصين، لكنه عدوٌّ محدد الملامح على كل حال.
ومن مكر المصادفات، والتدخليّة الجديدة أن إيران اليوم هي عراق صدّام حسين الأمس، عند
المحافظين الجدد، أي القوة التي تهدّد الحلفاء، وتهدّد السلم، وهو "عنصر اللاستقرار الوحيد في المنطقة". وإذا كنا أمام تشابه الجغرافيا ومستتبعاتها السياسية، في أميركا بوش وأميركا ترامب، فإن الجديد هو حرب النجوم الجديدة، لنبقى مع الصين، في الفضاء ساحة للمعركة.
تدرك إمبراطورية الشمس الجديدة أن "الاستقرار الاستراتيجي" فوق الأرض يمر عبر حرب النجوم التي أصبحت تعني، في الآونة الأخيرة، محاولة التفوق في الفضاء، والسيطرة على كل المواجهات إن وقعت فيه. ومن مكر المصادفات أيضا أن هذا هو الفصل الثاني في حرب النجوم، بعد التي أطلقها رونالد ريغان في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، تحت مسمّى "مبادرة الدفاع الاسترتيجي"، والتي هدفت إلى نشر عشرات الأقمار الصناعية لإسقاط أية صواريخ سوفياتية قبل وصولها إلى الهدف.
انتهى الاتحاد السوفياتي، وانتصرت أميركا بتركيعه وتفريق جمهورياته، وسالت مياه كثيرة تحت جسور العالم، قبل أن يعود الرئيس دونالد ترامب إلى الحديث عن مبادرة "تشكيل قوات فضائية"، باعتبارها الذراع السادس للجيش الأميركي، غير أن عودته، هذه المرة، تعطي لحرب النجوم معنى آخر، لعل أبرز نقطة فيها أن موازين القوة في الجانب العسكري الفضائي انقلبت لفائدة الروس، ورثة الاتحاد السوفياتي والصينيين الذين يشتركون معهم في القدر الآسيوي، وفي الحرب التجارية مع واشنطن، ووجدت الولايات المتحدة نفسها، على الأقل من حيث مبرّرات دعواتها الصريحة إلى المبادرة، في "وضعية تدنٍ مما يجبرها على العمل على استعادة هيمنتها وتفوقها اللذين سلبهما الروس والصين منها".
ومن مظاهر هذه الحرب في مواقع النجوم توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ميزانية البنتاغون للعام 2019 بقيمة قياسية بلغت 716 مليار دولار، مستغلا المناسبة، للدفاع عن قراره تشكيل قوة فضائية تتصدى خصوصا لطموحات الصين في هذا المجال. ويرصد قانون الموازنة هذا مبلغ69 مليار دولار للعمليات الخارجية الجارية (أفغانستان وسورية والعراق والصومال،.. إلخ)، كما ينص على زيادة رواتب أفراد القوات المسلحة بنسبة 2,6٪ ويجيز أيضا استثمارات بعشرات مليارات الدولارات، لتحديث سلاحي البحر والجو ومنظومة الصواريخ الدفاعية. وقال ترامب: "كما في الجو والبر والبحر، لقد أصبح الفضاء ميدانا للقتال"، مشددا على أن القوة الفضائية المرتقبة ستتيح للولايات المتحدة "اللحاق" بركب منافسيها "وفي وقتٍ قصير جدا التفوق عليهم بأشواط". وهو يذكر الصين عندما يقول "حتى أن الصين أنشأت فرعا جديدا في قواتها المسلحة للإشراف على برامجها العسكرية في الفضاء".
وككل تجديد للهيمنة الاستراتيجية، لا بد لأميركا من الخوف وتجارة الرعب من العدو الجديد، كما كان الحال من الأعداء السابقين. لهذا، نقرأ باستمرار اليوم أن "القوات الصينية تتدرّب على ضرب أهداف أميركية على ما يبدو"، وهو ما تساهم الصين نفسها في تغذيته! "لا سيما وأن الصينيين سبق لهم أن حدّدوا رسميا أن الأقمار الأميركية من بين نقاط الهشاشة الحربية لدى الولايات المتحدة في حالة وقوع نزاع، وقد سبق لهم أن دمروا أحد أقمارهم الذاتية، لكي يقيموا الدليل بأن لهم القدرة التكنولوجية على فعل ذلك، على حد قول ماتيو دوشاتيل، نائب مدير البرنامج الآسيوي في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية. وبمعنى آخر، فقد طوّر الصينيون أقمارا صناعية على الطريقة الأميركية ودمروها، ليثبتوا أنهم يملكون ما يجعل أميركا ضعيفة، وتعاني من نقطة ضعف. وفي السياق ذاته، أفاد تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن قاذفات صينية تجري، على ما يبدو، تدريباتٍ لتنفيذ ضرباتٍ ضد أهداف أميركية، أو حليفة للولايات المتحدة في المحيط الهادئ، موردا تفاصيل عن كيفية إعداد بكين قواتها البرية من أجل "القتال والفوز".
ويُبرز التقرير السنوي للبنتاغون، وعرض على الكونغرس، تنامي القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية للصين، وكيف تستغل بكين ذلك لبناء نفوذ دولي والتأسيس لهيمنة إقليمية. وجاء في التقرير أنه "في السنوات الثلاث الأخيرة وسع جيش التحرير الشعبي الصيني بسرعة مناطق عمليات قاذفات القنابل فوق المياه، ما يكسبها خبرة في مناطق بحرية حسّاسة، ويتدرّب، على الأرجح، على ضرباتٍ ضد أهداف أميركية وحليفة لأميركا"، مشيرا بذلك إلى كيفية دفع الصين بعملياتها إلى الخارج نحو المحيط الهادئ. وبحسب التقرير، فإن الجيش الصيني يمكن أن يستعرض "قدراته على ضرب قوات أميركية، وقوات حليفة لها، وقواعد عسكرية في غرب المحيط الهادئ، ومن بينها غوام". وتعمل الصين على برنامج يمتد عقودا لبناء (وتحديث)
قواتها المسلحة التي كانت متخلفة في الماضي. وقد حدّد القادة العسكريون للصين هدفا يتمثل في امتلاك جيش على مستوى عالمي بحلول العام 0502، أين دول شرق المتوسط وغربه؟
وأين العرب في هذا التشابك بين الاستقرار الاستراتيجي والربيع العربي مثلا؟ لكي لا نغرق في التحليق الجيوسياسي، فقط، لا يمكن أن نغفل التزامن الذي حصل مع الرئيسين، الروسي ونظيره الصيني، في بيانهما المشترك في العام 6102 بشأن مفهوم الاستقرار الاستراتيجي. وقتها تم تفسير التزامن بأنه "تلويح صيني روسي في استعمال الردع النووي لمواجهة الدعم الغربي للربيع العربي المتعدد". وقد كتب ماتيو دوشاتيل، في كتابه "جيوستراتيجية الصين"، أنه "تم اعتبار الدعم الأميركي والأوروبي للربيع العربي تهديدا للصين، لأنه عنى لها تناميا لحركة دمقرطة استراتيجية، حيث لا يعني تحرّر الشعوب انعتاقا بقدر ما هو تسخير يهدف إلى إيجاد أنظمة حليفة. وإذا كانت الصين قد سمحت بالتدخل الفرنسي الإنكليزي المدعوم من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالامتناع عن التصويت ضد قرار 1973 لمجلس الأمن لإحداث منطقة حظر جوي فوق ليبيا، لمنع معمر القدافي من استعمال الطيران ضد شعبه، فإنها اعتبرت أن الأوروبيين والأميركيين خدعوا العالم بخصوص نواياهم الحقيقية، أي تغيير النظام. وهو ما جعل مفهومها لـ "حماية السكان المدنيين" يصطدم بالحسابات الجيو- استراتيجية، ويفسّر، في الوقت نفسه، التصويت بالنقض (الفيتو) ثلاث مرات ضد قرارات لمجلس الأمن تمس سورية، من أصل تسع مرات منذ دخولها مجلس الكبار في 1971، فنحن جزء من هذا التشابك، الأميركي- الإيراني- الصيني - الروسي - الغربي، بدون أن يكون من الضروري أن نحضر، يا سلام.
غير أن الموقف من الصين وإيران يعيد إلينا، في الفترة الأخيرة، سيناريوهاتٍ، اعتقدنا، من فرط التسارع الدموي للعشريتين الأوليين في القرن الحالي، أنها ذهبت إلى غير رجعة، وهي سيناريوهات ما كان يطمح إليه المحافظون الجدد، في عهدي البوشين الأب والابن، للشرق الأوسط وباقي العالم. وهو التدخل من أجل تغيير طبيعة الدولة، وطبيعة التوازنات، وطبيعة الجغرافيا السياسية للعالم. كيف ذلك؟
اختارت أميركا ترامب التصعيد، عبر العقوبات الاقتصادية حينا، والحروب المتعدّدة حينا آخر، أن تحول كلاً من إيران والصين إلى تمرين جيواستراتيجي جديد لعودة النزعة التدخلية العتيقة للقوة الأولى في العالم، فهي، كما كتب أحد المختصين في قضاياها، آلان فراشون، تتحدّى، القوتين الإيرانية والصينية، في محيطهما، ذلك لأن "الاقتصاد الصيني يملك الوزن نفسه الذي تملكه اقتصاديات أميركا، كما أن الوزن الاستراتيجي الإيراني محدّد في خريطة الشرق الأوسط". وعليه، فإن التوجه الأميركي نحو تخصيص الصين وإيران بعداوتهما الاستراتيجية رهنا يهدف، بالتحديد، إلى "تغيير عميق في سياسة البلدين، والذي يعتبر كل واحد منهما في منطقة نفوذه قوة ذات تأثير حاسم"، غير أن الأمر الذي لا يمكن إغفاله أن الحرب الاقتصادية لا تخفي هدفها البعيد، وهو الوضع الذي تريده أميركا للصين، حيث إنها تعتبرها رسميا "الخصم الاستراتيجي"، بسبب ما تعتبرها "أهدافا إمبريالية" (كذا) في آسيا، وعسكرة بحر الصين الجنوبي.
وفي هذه النقطة، تلتقي العداوة مع الجيواسراتيجية، إزاء إيران باعتبارها عدوا إقليميا، قد لا يكون "العملاق الشامل" كما هو حال الصين، لكنه عدوٌّ محدد الملامح على كل حال.
ومن مكر المصادفات، والتدخليّة الجديدة أن إيران اليوم هي عراق صدّام حسين الأمس، عند
تدرك إمبراطورية الشمس الجديدة أن "الاستقرار الاستراتيجي" فوق الأرض يمر عبر حرب النجوم التي أصبحت تعني، في الآونة الأخيرة، محاولة التفوق في الفضاء، والسيطرة على كل المواجهات إن وقعت فيه. ومن مكر المصادفات أيضا أن هذا هو الفصل الثاني في حرب النجوم، بعد التي أطلقها رونالد ريغان في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، تحت مسمّى "مبادرة الدفاع الاسترتيجي"، والتي هدفت إلى نشر عشرات الأقمار الصناعية لإسقاط أية صواريخ سوفياتية قبل وصولها إلى الهدف.
انتهى الاتحاد السوفياتي، وانتصرت أميركا بتركيعه وتفريق جمهورياته، وسالت مياه كثيرة تحت جسور العالم، قبل أن يعود الرئيس دونالد ترامب إلى الحديث عن مبادرة "تشكيل قوات فضائية"، باعتبارها الذراع السادس للجيش الأميركي، غير أن عودته، هذه المرة، تعطي لحرب النجوم معنى آخر، لعل أبرز نقطة فيها أن موازين القوة في الجانب العسكري الفضائي انقلبت لفائدة الروس، ورثة الاتحاد السوفياتي والصينيين الذين يشتركون معهم في القدر الآسيوي، وفي الحرب التجارية مع واشنطن، ووجدت الولايات المتحدة نفسها، على الأقل من حيث مبرّرات دعواتها الصريحة إلى المبادرة، في "وضعية تدنٍ مما يجبرها على العمل على استعادة هيمنتها وتفوقها اللذين سلبهما الروس والصين منها".
ومن مظاهر هذه الحرب في مواقع النجوم توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ميزانية البنتاغون للعام 2019 بقيمة قياسية بلغت 716 مليار دولار، مستغلا المناسبة، للدفاع عن قراره تشكيل قوة فضائية تتصدى خصوصا لطموحات الصين في هذا المجال. ويرصد قانون الموازنة هذا مبلغ69 مليار دولار للعمليات الخارجية الجارية (أفغانستان وسورية والعراق والصومال،.. إلخ)، كما ينص على زيادة رواتب أفراد القوات المسلحة بنسبة 2,6٪ ويجيز أيضا استثمارات بعشرات مليارات الدولارات، لتحديث سلاحي البحر والجو ومنظومة الصواريخ الدفاعية. وقال ترامب: "كما في الجو والبر والبحر، لقد أصبح الفضاء ميدانا للقتال"، مشددا على أن القوة الفضائية المرتقبة ستتيح للولايات المتحدة "اللحاق" بركب منافسيها "وفي وقتٍ قصير جدا التفوق عليهم بأشواط". وهو يذكر الصين عندما يقول "حتى أن الصين أنشأت فرعا جديدا في قواتها المسلحة للإشراف على برامجها العسكرية في الفضاء".
وككل تجديد للهيمنة الاستراتيجية، لا بد لأميركا من الخوف وتجارة الرعب من العدو الجديد، كما كان الحال من الأعداء السابقين. لهذا، نقرأ باستمرار اليوم أن "القوات الصينية تتدرّب على ضرب أهداف أميركية على ما يبدو"، وهو ما تساهم الصين نفسها في تغذيته! "لا سيما وأن الصينيين سبق لهم أن حدّدوا رسميا أن الأقمار الأميركية من بين نقاط الهشاشة الحربية لدى الولايات المتحدة في حالة وقوع نزاع، وقد سبق لهم أن دمروا أحد أقمارهم الذاتية، لكي يقيموا الدليل بأن لهم القدرة التكنولوجية على فعل ذلك، على حد قول ماتيو دوشاتيل، نائب مدير البرنامج الآسيوي في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية. وبمعنى آخر، فقد طوّر الصينيون أقمارا صناعية على الطريقة الأميركية ودمروها، ليثبتوا أنهم يملكون ما يجعل أميركا ضعيفة، وتعاني من نقطة ضعف. وفي السياق ذاته، أفاد تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن قاذفات صينية تجري، على ما يبدو، تدريباتٍ لتنفيذ ضرباتٍ ضد أهداف أميركية، أو حليفة للولايات المتحدة في المحيط الهادئ، موردا تفاصيل عن كيفية إعداد بكين قواتها البرية من أجل "القتال والفوز".
ويُبرز التقرير السنوي للبنتاغون، وعرض على الكونغرس، تنامي القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية للصين، وكيف تستغل بكين ذلك لبناء نفوذ دولي والتأسيس لهيمنة إقليمية. وجاء في التقرير أنه "في السنوات الثلاث الأخيرة وسع جيش التحرير الشعبي الصيني بسرعة مناطق عمليات قاذفات القنابل فوق المياه، ما يكسبها خبرة في مناطق بحرية حسّاسة، ويتدرّب، على الأرجح، على ضرباتٍ ضد أهداف أميركية وحليفة لأميركا"، مشيرا بذلك إلى كيفية دفع الصين بعملياتها إلى الخارج نحو المحيط الهادئ. وبحسب التقرير، فإن الجيش الصيني يمكن أن يستعرض "قدراته على ضرب قوات أميركية، وقوات حليفة لها، وقواعد عسكرية في غرب المحيط الهادئ، ومن بينها غوام". وتعمل الصين على برنامج يمتد عقودا لبناء (وتحديث)
وأين العرب في هذا التشابك بين الاستقرار الاستراتيجي والربيع العربي مثلا؟ لكي لا نغرق في التحليق الجيوسياسي، فقط، لا يمكن أن نغفل التزامن الذي حصل مع الرئيسين، الروسي ونظيره الصيني، في بيانهما المشترك في العام 6102 بشأن مفهوم الاستقرار الاستراتيجي. وقتها تم تفسير التزامن بأنه "تلويح صيني روسي في استعمال الردع النووي لمواجهة الدعم الغربي للربيع العربي المتعدد". وقد كتب ماتيو دوشاتيل، في كتابه "جيوستراتيجية الصين"، أنه "تم اعتبار الدعم الأميركي والأوروبي للربيع العربي تهديدا للصين، لأنه عنى لها تناميا لحركة دمقرطة استراتيجية، حيث لا يعني تحرّر الشعوب انعتاقا بقدر ما هو تسخير يهدف إلى إيجاد أنظمة حليفة. وإذا كانت الصين قد سمحت بالتدخل الفرنسي الإنكليزي المدعوم من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالامتناع عن التصويت ضد قرار 1973 لمجلس الأمن لإحداث منطقة حظر جوي فوق ليبيا، لمنع معمر القدافي من استعمال الطيران ضد شعبه، فإنها اعتبرت أن الأوروبيين والأميركيين خدعوا العالم بخصوص نواياهم الحقيقية، أي تغيير النظام. وهو ما جعل مفهومها لـ "حماية السكان المدنيين" يصطدم بالحسابات الجيو- استراتيجية، ويفسّر، في الوقت نفسه، التصويت بالنقض (الفيتو) ثلاث مرات ضد قرارات لمجلس الأمن تمس سورية، من أصل تسع مرات منذ دخولها مجلس الكبار في 1971، فنحن جزء من هذا التشابك، الأميركي- الإيراني- الصيني - الروسي - الغربي، بدون أن يكون من الضروري أن نحضر، يا سلام.