المالكي يفكّر بالتراجع.. وخصومه يحاولون جمع 210 نواب ضده

27 مايو 2014
المالكي يفشل بحشد دعم مرجعية النجف (علي السعد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

كشف مصدر سياسي عراقي، اليوم الثلاثاء، عن معلومات من داخل "ائتلاف دولة القانون"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، تفيد بأن الأخير مستعدّ للتخلي عن منصب رئاسة الوزراء، في حال أصر خصومه السياسيون على رفضه، مقابل أن تتولى المنصب شخصية من داخل حزبه "الدعوة الإسلامية". بالتزامن مع ذلك، أعلن قيادي في ائتلاف "متحدون للإصلاح"، الذي يتزعمه رئيس النواب، أسامة النجيفي، عن وصول المباحثات بين الكتل السياسية إلى مراحل متقدمة، أسفرت عن تبلور فكرة إعلان تحالف وطني عابر للطائفية والقومية، يضم كلا من "الأحرار" (التيار الصدري) و"المواطن" (المجلس الإسلامي الأعلى) و"التحالف الكردستاني" والكتل العربية السنية "العربية" و"الوطنية" و"متحدون للإصلاح" وكتل أخرى تشكل نحو 210 مقاعد في البرلمان، وذلك لتشكيل الحكومة برئاسة مرشح من إحدى "الكتل الشيعية".

وقال القيادي في ائتلاف "متحدون للإصلاح"، محمد العبيدي، بعيد لقاء جمع أسامة النجيفي مع رئيس كتلة "المواطن"، عمار الحكيم، إن "الحوارات التي جرت بين الكتل السياسية، باستثناء كتلة المالكي، في الأيام القليلة الماضية، كانت إيجابية جداً".

ولفت العبيدي إلى أن "جميع الكتل اجتمعت فيما بينها، باستثناء كتلة المالكي، التي لا تزال تراهن على أمور أخرى، أبرزها شق الكتل لضم أعضائها إليها، مستخدمة طرقا عدة". وأضاف أن "التحالف الجديد سيعلن مباشرة بعد إصدار القضاء قرار المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات البرلمانية الأسبوع المقبل".

وقال العبيدي إن "موقف جميع الكتل السياسية لا يزال على حاله، وهو رفض ولاية ثالثة للمالكي تحت أي ظرف".

من جهته، أشار القيادي في التحالف الكردستاني، حمه أمين، إلى أن "التحالف الكردستاني يبارك أي تحالف سياسي عراقي، شرط ألا يكون فيه المالكي رئيساً للوزراء، وهذا موقفنا معلن وثابت ولن ندخل في غرف سرية للتحدث بشأنه، كما حدث مع كتل أخرى".

وأضاف حمه أنه "من الخطأ الاعتقاد بأن إيران ستتدخل لإنقاذ المالكي أو الضغط على أحد، لأنها تتخذ دوراً محايداً من تلك القضية، على الأقل في تشكيل الحكومة الحالية، وذلك لأسباب عدة، تتعلق بمصالحها في العراق ودول المنطقة".

وفي السياق، كشف المتحدث باسم كتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري، جواد الجبوري، لـ"العربي الجديد"، عن إبلاغ باقي أطراف "التحالف الوطني" رفض التيار الصدري، بشكل رسمي وقاطع، ولاية ثالثة للمالكي، والتأكيد على ضرورة العمل على اختيار مرشح جديد من داخل التحالف. ونفى الجبوري "وجود أي لقاءات أو مفاوضات مع عدد من أعضاء كتلته، أو كتلته مجتمعة".

وتحدّث مصدر سياسي مطلع، في بغداد، عن وجود "بوادر لتخلي المالكي عن الولاية الثالثة، مقابل ترشيح أحد أعضاء حزبه لمنصب رئاسة الوزراء".

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لــ"العربي الجديد"، أن "هناك تسريبات من داخل "دولة القانون" كشفت عن مباحثات أجرتها الكتلة في بغداد، بشأن طرح خيارات جديدة في حال فشل الكتلة في جمع الأصوات المطلوبة لتشكيل الحكومة المقبلة، من بينها تخلي المالكي عن رئاسة الوزراء مقابل الموافقة على ترشح شخصية بديلة من داخل حزبه، وهذا لم تناقشه بعد باقي الكتل الأخرى في التحالف الوطني الشيعي".

وأضاف المصدر أن "اللجنة الثمانيّة في التحالف الوطني ستعقد اجتماعاً عند التاسعة من مساء اليوم الثلاثاء، لبحث ملف تشكيل الحكومة وطرح خيارات مختلفة". وتوقع ألا يسفر الاجتماع عن اتفاق، "لأنه سيتناول صياغة نظام داخلي جديد للتحالف، يقوم على أساس التصويت بالغالبية على مرشح رئيس الوزراء"، مستبعداً "أن يكون التصويت لصالح المالكي".

وعلى صعيد آخر، كشفت مصادر مطلعة في مدينة النجف، اليوم الثلاثاء، عن رفض المرجع الديني علي السيستاني، استقبال مبعوثين من رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لبحث ملف تشكيل الحكومة الجديدة. وقال مصدر في "هيئة العتبات المقدسة" في النجف، لـ"العربي الجديد": إن المرجع علي السيستاني، رفض ثلاث زيارات لمبعوثين من المالكي، من بينهم مستشاره الشخصي عبد الحليم الزهيري، خلال الأسبوعين الماضيين.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "مكتب التشريفات الخاص بالمرجع السيستاني أبلغ بعدم استقبال أي وفد حكومي في الوقت الحالي، وكذلك باقي المراجع الدينية".

وفسّر المصدر تلك الخطوة على أنها "رفض لولاية ثالثة للمالكي، خاصة مع خشية المرجعية تحميلها مسؤولية الفشل الحكومي وتفاقم المشاكل السياسية بعد مباركتها الولاية الثانية للمالكي، في الفترة الأخيرة".

ولفت إلى أن المرجعية الشيعية "حددت موقفها من مباحثات تشكيل الحكومة بنقطتين، هما: حكومة تشمل كل العراقيين ولا تستبعد أحداً، ثمّ تغيير الوضع القائم". كلام فهمه بعض السياسيين على أنه "دعوة صريحة للتغيير ورفض تولي المالكي ولاية وزارية ثالثة".

ولاقى موقف المرجعية الجديد ردود فعل متباينة بين القادة السياسيين في العراق، بموازاة استمرار لقاءات الكتل السياسية لبلورة موقف واضح لخريطة التحالفات السياسية لتكوين الكتلة الأكبر التي ستلد الحكومة الجديدة في البلاد.

وعن هذا الموضوع، قال القيادي في التيار الصدري حسين البصري لـ"العربي الجديد": إن أسلوب المراجع الدينية الأربعة في النجف، وفي مقدمهم المرجع الأعلى علي السيستاني، معروف منذ سنوات، فرفضه لقاء شخص يعني رفضه له بشكل كامل، وهو ما فسر من قبلنا برفضه لقاء المالكي، أو مبعوثيه، لكن نأمل أن يتحول دور المرجعية إلى ضاغط على الكتل السياسية للإسراع في تشكيل الحكومة، تحديداً لأن بعضاً يحاول أن يتخذ من المرجعية وثقلها في الشارع العراقي والوسط السياسي، عباءة يتدثر بها عند الحاجة.

في المقابل، اعتبر النائب عن ائتلاف المالكي، سامي العسكري، أن موقف المرجعية والتوافقات السياسية غير كافية في تحديد شكل الحكومة، بل ذلك "مرهون بموافقة دول الإقليم والولايات المتحدة"، حسب حديثه لـ"العربي الجديد". وذكّر في هذا السياق بأن "اختيار المالكي لمنصب رئيس الوزراء للدورة الثانية كان ضمن اتفاق إيراني تركي سوري وداخلي عراقي".

ووضع المحلل السياسي عماد البكري، رفْض استقبال وفود المالكي في النجف من السيستاني، في خانة تعزيز موقف المرجع الديني، الشيخ بشير النجفي، الذي سبق أن حرم انتخاب المالكي، ودعا إلى تغييره علناً.

وأضاف البكري لـ"العربي الجديد"، أن "إغلاق باب المرجعية في وجه المالكي في الوقت الذي لا يزال حبل الود قائماً بين باقي الكتل السياسية والمراجع، يعتبر رسالة مبطنة له بعدما كان يأمل دعماً دينياً إثر فشله في إقناع السياسيين الشيعة داخل التحالف الوطني بدعمه لتولي ولاية ثالثة".

المساهمون