الله أيضا لا يحمي المغفلين

30 يوليو 2015
لم يُنافِق أحد الحاكم كما فعلتَ أنت (فرانس برس)
+ الخط -
ثم خبط على صدره ثلاثاً وقال "على عهدتي". 
هكذا تحدث أحد عمال المخازن إلى المهندس القابع خلف مكتبه ناظراً إلى العدم. كان قد أقر منذ مدة أن الله وجده يتيماً فلم يؤوِه، ووجده ضالا فلم يهدِه، وأيضا لم يغن ليس لأنه غير عائل بعد، ولكن بجملة النحس.


يستطيع الآن أن يتذكر بوضوح كيف كانت أشكال علاقاته بصديقاته في الماضي، وكذلك يستطيع أن يتذكر تلك التي توعدته بالأسى أن هذه الدنيا دوارة وأن الله يدين الدائن دائما.

هل كانت تستحق فعلا أن يراهن بكل ما يملك على أن الله أيضا لا يحمي المغفلين!
أوقفه ضابط المباحث وأخرجه من عزلته حين سأله، وتلك النظرة الطفولية في وجهة -أو هكذا يحب أن يتذكر- "أمال الحشيش دا بتاع مين؟".

كل الذي حدث قبل ذلك يتكرر في صور متقطعة كـ شريط "النيجاتيف"، حينما يسند رأسه إلى الوراء هذا بما قدمت يداك لا ظلم اليوم ولا بُكرة.

يهرب بعيدا في حضرة الموسيقى، وعزلة زجاج السيارة الغامق، وثرثرة الذي اعتاد أن يُطلق عليه صديقه المقرب في العمل. يُحادث السائق ويُجالس مدير الشؤون القانونية ويهرب من صديقه المقرب دائما - ولا عجب - فهو الوحيد الذي ينظر خلف هذه النظرة الخاوية من معاني الحياة والأمل.

لله دُرك يا شيخ الأزهر! لم يُنافِق أحد الحاكم على مر العصور كما فعلتَ أنت، وباختلاف الأنظمة والتوجهات السياسية، لو لم تكن هنا ما نجحت، نحن الوحيدون الذين نقدر ذوي المواهب وخفة اليد واللسان وقارئي الموطئ أو أصحاب الفعل دون قراءة أحيانا، جادلوهم بالتي هي أحسن أو اضربوا عنقه كائناً من كان. ذاك منهاج النبوة والسلف الصالح.

كل الذي حدث بعد ذلك شريط رتيب يمر محدثا صوتا كلما قلب الصورة، كصوت باب قديم في جاردن سيتي يُفتح على مصراعيه بهدوء القتلة المسلسلين وعِند امرأة الأسد التي تركها حبيبها.
يشهد عليه الكحول الذي أدمنه ودخان السجائر التي كانت جليسه بعدما فارقته الحياة كالطير الذي لا يجد أرضا يحط عليها فـ يرتاح.

سئم الجميع وتليفونه المحمول الذي يأخذ منه وقتا كل مرة يقع فيها أن يحصي الشروخ في زجاجه، هل زادت واحدا فتعود لمنافسة الشروخ التي تركتها أيادي البشر الذين مروا من هنا في روحه، وسئم منه الجميع أن يحصوا الشروخ معه كل مرة يقرر أن يجالسهم فـ يحكي، أحدهم قالت له ذات مرة أنها انقطعت عن الحكي فـ تذكر كيف كان قبل أن يدمنه الوجع ويعتاده وتعتاده دروس "السالسا"، التي قرر صباح اليوم أن يتعلمها ويكتب نصاً عن الله الذي وعد الذين كفروا من بعد إيمان ثم ازدادوا كفرا أنه يغفر الذنوب جميعاً.

(مصر)
المساهمون