اللمسات الأخيرة على استفتاء تعديل الدستور المصري

29 مارس 2019
يُرجّح حصول الاستفتاء في الأسبوع الثالث من إبريل(فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -

أفادت مصادر في "الهيئة الوطنية للانتخابات" في مصر بأن "لجنة مشتركة من الهيئة والمخابرات العامة والشرطة ووزارة المالية، أقرّت مجموعة من النماذج لبطاقات الاقتراع في استفتاء التعديلات الدستورية، المقرر إجراؤه نهاية شهر إبريل/نيسان المقبل أو الأسبوع الأول من شهر مايو/أيار المقبل، قبل بدء شهر رمضان". وأكدت أن "الاقتراع سيكون على التعديلات في مجموعها، إذ إنها غير مجزأة؛ فلن يستطيع الناخب الموافقة على بعض المواد ورفض البعض الآخر، بحسب ما دعا إليه بعض النواب والشخصيات العامة الذين حضروا الحوار، الذي أداره البرلمان حول التعديلات في الأيام الماضية".

ونفت المصادر بشكل قاطع ما ذكره رئيس مجلس النواب علي عبد العال خلال جلسات الحوار "المجتمعي"، عن أن "الصياغات النهائية للنصوص لم يتم وضعها حتى الآن، وأنه من المحتمل أن تلغى بعض النصوص الأساسية في التعديلات"؛ فشددت على أن "التغييرات التي من الممكن أن تطرأ على التعديلات لا تتعدى حذف بعض الألفاظ أو استبدالها"، كاشفة عن أن "النصّ الذي من الوارد جداً تعديله، هو الخاص بالموازنات المستقلة للجهات والهيئات القضائية، إذ يمكن أن يتم الإبقاء على تحكم كل هيئة في موازنتها المستقلة، لكن ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان سيتم الإبقاء على إدراج كل موازنة (رقماً واحداً) أم أن هذه العبارة ستحذف".

وكان جميع ممثلي الجهات والهيئات القضائية الذين حضروا الحوار "المجتمعي" قد أعلنوا رفضهم تجريد هيئاتهم من موازناتها المستقلة في مشروع التعديلات. الأمر الذي يعني أن تعود الموازنات إلى وزارة العدل وحدها وتتولى هي توزيعها على الهيئات المختلفة، ومقابل هذه "الهبة الجماعية" للدفاع عن استقلال الموازنات، لم يبدِ ممثلو القضاة معارضة تذكر لدسترة سلطة رئيس الجمهورية لاختيار رؤساء الهيئات المختلفة بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا.

وأوضحت المصادر أنه "بغضّ النظر عن مسألة (الموازنات المستقلة للهيئات القضائية)، فإنه لم تُثَر على المستوى التنفيذي المراقب لعملية التعديل والاستفتاء احتمالات أخرى تتعلق بإلغاء بعض المقترحات، بما في ذلك إنشاء مجلس للشيوخ وتخصيص كوتا انتخابية للمرأة في البرلمان واختيار نواب لرئيس الجمهورية". وأشارت إلى أنه "من المرجح التمرير بنفس الصياغات التي قدمت للمجلس"، في مطلع فبراير/ شباط الماضي.

وعن الإجراءات المرتقبة للاستفتاء، رجّحت المصادر أن "يُجرى الاستفتاء خلال 3 أو 4 أيام، بواقع يوم أو يومين للناخبين خارج مصر، ثم يومين للناخبين داخل مصر"، موضحة أن "قرار إجراء الاستفتاء على يومين بالداخل يصعّب تأجيل الموعد إلى الأسبوع الأول من مايو/ أيار المقبل، نظراً لتعاقب عطلة عيد العمال (الأربعاء أول مايو) والعطلة الرسمية (الجمعة 3 مايو) واحتمال أن يكون الأحد 5 مايو بداية شهر رمضان. وبتطبيق الأمر ذاته على الأسبوع الأخير من شهر إبريل، سوف يكون الأكثر منطقية إجراء الاستفتاء في الأسبوع الثالث منه، وتحديداً قبل عطلة عيد تحرير سيناء (الخميس 25 إبريل)".



وذكرت المصادر أن "بعض المختصين داخل الأجهزة المخابراتية والأمنية والهيئة الوطنية للانتخابات يفضلون إجراء الاستفتاء في يوم واحد، لكن القرار الرسمي حتى الآن هو إجراؤه في يومين لتحقيق أهداف عدة؛ على رأسها منح السلطات فرصة أطول لدفع المواطنين للنزول والتصويت لصالح التعديلات مدفوعين بإغراءات مالية واقتصادية، استغلالاً لحلول شهر رمضان وحاجة الأسر المصرية الماسّة للغذاء والكساء، خصوصاً بعد حشد عدد كبير من الجمعيات والأحزاب والنواب للمشاركة في إعداد (شنط رمضان) وتوزيعها مسبقاً بمناسبة الاستفتاء".

كما تسعى السلطات إلى مضاعفة مكافأة القضاة المشرفين على الاستفتاء والموظفين الذين سيساعدونهم في إدارة اللجان، لتصبح مكافأة القاضي الإجمالية لليومين 6 آلاف جنيه (346 دولاراً) بالنسبة للجنة الفرعية، و10 آلاف جنيه (577 دولاراً) للإشراف على اللجنة العامة، وذلك في إطار التصدي الرسمي لدعوات مقاطعة الإشراف على الاستفتاء التي كان يتبناها في البداية عدد من أعضاء مجلس الدولة، احتجاجاً على حذف اختصاص مجلس الدولة بالمراجعة المسبقة على جميع التشريعات قبل إصدارها، ومراجعة جميع العقود الحكومية، وعدم اختصاصه وحده بالإفتاء في المسائل القانونية التي تثار أمام الجهات الحكومية. ثم امتدت الدعوات إلى قضاة المحاكم العادية، احتجاجاً على دسترة سلطة الرئيس في اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا ومجلس القضاء الأعلى وتعيين النائب العام.

ووفقاً للمصادر، إن "السلطات تسعى أيضاً إلى امتلاك وقت أكبر للتعامل مع المعارضة التي تنتظر التعديلات، وحتى لا تفاجأ الأجهزة بنجاح دعوات النزول للاستفتاء والتصويت بـ(لا) فتقف عاجزة عن مجاراتها بالسرعة المطلوبة، فضلاً عن خشيتها من أن يؤدي هذا الأمر إلى خلل في نسب التصويت لصالح المعارضة. بالتالي، فإن إتاحة يومين للاقتراع ستكون حلاً مناسباً، لتلافي أي نتائج غير سارة أو آثار غير مرجوة لحشد المعارضة".

ويأتي هذا الاتجاه من الدولة بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتحفيز المواطنين، وبصفة خاصة الشباب، للمشاركة في الاستفتاء والتصويت برفض التعديلات الدستورية، وعدم إبطال الصوت أو المقاطعة، علماً بأن حملات الاعتقال التي شهدها مطلع الشهر الحالي في أوساط شباب ونشطاء الأحزاب والتيارات غير الدينية كانت تستهدف بشكل أساسي شباباً ساهموا في نشر هذه الدعوات للمشاركة ورفض التعديلات وعدم المقاطعة.

وفي ما له صلة بالمراقبة الاجتماعية والإعلامية للاستفتاء المنتظر، قالت المصادر بالهيئة الوطنية إن "الهيئة لم تتلقَ حتى الآن أي طلب من المنظمات الأجنبية أو المحلية للمتابعة. كما تلقت طلبات عدد ضئيل من وسائل الإعلام المحلية والدولية للتغطية الصحافية، على الرغم من مرور أسبوعين على إصدار الهيئة قرارين خاصين بإنشاء قاعدة بيانات دائمة لمنظمات المتابعة المحلية والأجنبية ولوسائل الإعلام المعتمدة للتغطية". وعزت المصادر ضعف الإقبال إلى "الشروط المتشددة التي تضمنها القراران، ومن بينها وضع 12 قيداً سيؤدي خرق أي منها لمعاقبة الوسيلة أو الصحافي، وتحديد شروط ذات مصطلحات مطاطية مرنة يمكن استخدامها لمنع المتابعة أو التغطية مثل (حسن السمعة والحياد والنزاهة وعدم العمل بالسياسة)".