يؤدي تزايد عدد المسلمين في فرنسا إلى انتشار تجارة اللحم الحلال في البلاد. وإذا ما اعتمدنا الرقم الأدنى بسبب صعوبة إجراء إحصائيات استناداً إلى العرق أو الدين، يقدّر عدد المسلمين بما بين أربعة وخمسة ملايين. وتشير إحصائيات أخرى إلى ستة ملايين، في وقت يتحدث اليمين المتطرف عن أكثر من عشرة ملايين مسلم.
وبحسب تقديرات تعود لسنوات مضت، فإن اقتصاد اللحم الحلال في فرنسا يقدر بنحو خمسة مليارات ونصف مليار يورو، في حين يقدّر عالمياً بنحو 450 مليار يورو. وينمو في فرنسا بنسبة 7 ونصف في المائة سنوياً.
وتعدّ فرنسا البلد الأوروبي الذي يستهلك أكبر كمية من اللحم الحلال، متجاوزاً بريطانيا وألمانيا، البلدين اللذين يضمان نسبة لا بأس بها من المسلمين.
ولا يقتصر الحلال على اللحوم، بل يشمل منتجات أخرى كالحلويات والبيتزا ومواد التجميل وغيرها. ويستمرّ الجدال في فرنسا حول اللحم الحلال وطريقة الذبح، علماً أن الجارة بلجيكا حظرت بدءاً من العام الجاري الذبح على الطريقتين الإسلامية واليهودية. وبدأ تطبيق هذا الحظر على الدواجن، في انتظار تعميمه على جميع الحيوانات.
اقــرأ أيضاً
يقول جمال العمري، الذي يعيش في بلجيكا على الحدود مع فرنسا، إنه يأتي إلى فرنسا لشراء اللحوم كما يأتي الكثير من الفرنسيين إلى بلجيكا لشراء السجائر بأسعار منخفضة. "أقصد فرنسا لشراء اللحم الحلال ليس لأنه أرخص، بل لأن بلجيكا تضيّق علينا بدعوى عدم احترام الحيوانات والطيور من خلال الذبح على الطريقة الإسلامية". ويشكّل المسلمون في بلجيكا نحو 12 في المائة تقريباً من عدد السكان.
وثمّة مشاكل إضافيّة تتعلّق بترويج اللحم الحلال في أوروبا، فقد أشارت محكمة العدل الأوروبية إلى أن العلامة التجارية "بيو" لا تنطبق على اللحم الحلال، لأنها لا تحترم "المعايير السامية لرفاهة الحيوان"، ورفضت صعق الحيوان قبل ذبحه.
تجدر الإشارة إلى أنّ القصابات الإسلامية ومتاجر الأحياء الشعبية توزع القسط الأكبر من اللحم الحلال، وإن كانت المتاجر الكبرى قد انتبهت مؤخراً إلى هذا السوق الواعد، وبدأت تبيع اللحم الحلال وإن من خلال تخصيص مساحات صغيرة.
الكثير من المسلمين يفضّلون الذهاب إلى القصّابات الإسلامية إذ يمكن التحدث إلى الباعة في أجواء حميمية، بدل الاكتفاء بقراءة السعر الموجود على المنتج. هذا ما تؤكده سعدية الفيلالي وهي متقاعدة. تقول: "طبعاً، أفضّل ارتياد قصابتي المعتادة، حيث أستطيع التحدث إلى البائع الذي يجيب على تساؤلاتي وينصحني أحياناً بعدم شراء ما أود شراءه، ويقترح عليّ شراء أنواع أفضل".
ويُباع الحلال الذي يُنتج في فرنسا في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث يقدر عدد المسلمين بأكثر من 17 مليون شخص، علماً أن فرنسيين وأوروبيين غير مسلمين يستهلكون الحلال أيضاً بسبب سعره أو قرب القصابات من أماكن سكنهم.
ويستند معظم الباحثين إلى استطلاع رأي أجراه معهد إيفوب في عام 2010، وفيه أنّ 59 في المائة من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع يشترون اللحم الحلال بشكل منتظم، في حين أن 28 في المائة يشترونه بصورة غير منتظمة، و91 في المائة من المتدينين يحرصون على شرائه دائماً. لكنّ هذا الإحصاء أعد قبل نحو عشر سنوات، كما يقول الباحث والمحلل الاقتصادي الفرنسي علي بوكبوس. يضيف: "لم تعد تستطيع الصمود في ظل المتغيرات الجوهرية وتطور وسائل النقل، وبسبب كثرة عدد القصابات الجديدة، وانفتاح المتاجر على هذه التجارة الواعدة لاستقطاب زبائن جدد".
وخلال شهر رمضان، تستهلك الجالية الإسلامية كميات أكبر من المعتاد من اللحوم ومشتقاتها، ما يدفع القصابات إلى التنافس على خفض الأسعار. كما أن المتاجر تبيع هذه المنتجات وتروج لها في إعلاناتها.
ولأن الصحة تعد هاجساً، فإن الكثير من أفراد الجالية المسلمة يتساءلون عن السبب الذي يجعل اللحوم أرخص في هذه القصابات. من هنا، صاروا يسألون عن مصدرها الحقيقي، والظروف التي تحفظ فيها قبل بيعها، خصوصاً وأن السلطات الصحية الفرنسية كثيراً ما تكشف عن لحوم فاسدة يواصل الباعة تسويقها، من دون أي اعتبار أخلاقي أو صحي أو ديني، على غرار ما حدث العام الماضي في بلدة أغد وبلدتي سين-لي نوبل وفلير-إن- إيسكريبيو في شمال فرنسا. وعثرت الشرطة على طنّ من اللحوم الفاسدة خلال العام الحالي.
اقــرأ أيضاً
ويعترف الحاج رابح الروداني، وهو من أصول جزائرية، بأنّ شكوكاً تراوده حول حقيقة الحلال بسبب هذه الأخبار. ويقول: "لا يحدث الأمر فقط بين المسلمين، فقد تم بيع لحم بولوني فاسد قبل عام، وسوّق لحم حصان باعتباره لحم بقر". يضيف: "يُكتب على بعض المنتجات أنها حلال، ويضاف إلى منتجات أخرى اسم جهة أو مركز مستقل يؤكد أنها حلال"، مشيراً إلى أنه أكثر ثقة بتلك التي تحمل تأكيداً من جهة مستقلة. ويشير إلى أنه لا يعرف مصدر اللحوم، ويعتقد كثيرون أنها مستوردة من نيوزيلندا.
في المقابل، يختار كثيرون عدم التفكير كثيراً في الأمر، ويثقون بالبائع في حال قال إنها حلال. تقول سلمى، وهي طالبة جامعية تونسية: "في حال كُتب داخل القصابة بلغة عربية سليمة أنها تبيع الحلال، فلماذا أبحث عن لحوم أخرى في مكان مختلف؟". أمّا سعدية الفيلالي، فتقول: "لا أرتاح إلّا حين أرى الذبح بعيني. لهذا السبب، أنوي قضاء عيد الأضحى في بلدي الأصلي".
وبحسب تقديرات تعود لسنوات مضت، فإن اقتصاد اللحم الحلال في فرنسا يقدر بنحو خمسة مليارات ونصف مليار يورو، في حين يقدّر عالمياً بنحو 450 مليار يورو. وينمو في فرنسا بنسبة 7 ونصف في المائة سنوياً.
وتعدّ فرنسا البلد الأوروبي الذي يستهلك أكبر كمية من اللحم الحلال، متجاوزاً بريطانيا وألمانيا، البلدين اللذين يضمان نسبة لا بأس بها من المسلمين.
ولا يقتصر الحلال على اللحوم، بل يشمل منتجات أخرى كالحلويات والبيتزا ومواد التجميل وغيرها. ويستمرّ الجدال في فرنسا حول اللحم الحلال وطريقة الذبح، علماً أن الجارة بلجيكا حظرت بدءاً من العام الجاري الذبح على الطريقتين الإسلامية واليهودية. وبدأ تطبيق هذا الحظر على الدواجن، في انتظار تعميمه على جميع الحيوانات.
يقول جمال العمري، الذي يعيش في بلجيكا على الحدود مع فرنسا، إنه يأتي إلى فرنسا لشراء اللحوم كما يأتي الكثير من الفرنسيين إلى بلجيكا لشراء السجائر بأسعار منخفضة. "أقصد فرنسا لشراء اللحم الحلال ليس لأنه أرخص، بل لأن بلجيكا تضيّق علينا بدعوى عدم احترام الحيوانات والطيور من خلال الذبح على الطريقة الإسلامية". ويشكّل المسلمون في بلجيكا نحو 12 في المائة تقريباً من عدد السكان.
وثمّة مشاكل إضافيّة تتعلّق بترويج اللحم الحلال في أوروبا، فقد أشارت محكمة العدل الأوروبية إلى أن العلامة التجارية "بيو" لا تنطبق على اللحم الحلال، لأنها لا تحترم "المعايير السامية لرفاهة الحيوان"، ورفضت صعق الحيوان قبل ذبحه.
تجدر الإشارة إلى أنّ القصابات الإسلامية ومتاجر الأحياء الشعبية توزع القسط الأكبر من اللحم الحلال، وإن كانت المتاجر الكبرى قد انتبهت مؤخراً إلى هذا السوق الواعد، وبدأت تبيع اللحم الحلال وإن من خلال تخصيص مساحات صغيرة.
الكثير من المسلمين يفضّلون الذهاب إلى القصّابات الإسلامية إذ يمكن التحدث إلى الباعة في أجواء حميمية، بدل الاكتفاء بقراءة السعر الموجود على المنتج. هذا ما تؤكده سعدية الفيلالي وهي متقاعدة. تقول: "طبعاً، أفضّل ارتياد قصابتي المعتادة، حيث أستطيع التحدث إلى البائع الذي يجيب على تساؤلاتي وينصحني أحياناً بعدم شراء ما أود شراءه، ويقترح عليّ شراء أنواع أفضل".
ويُباع الحلال الذي يُنتج في فرنسا في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث يقدر عدد المسلمين بأكثر من 17 مليون شخص، علماً أن فرنسيين وأوروبيين غير مسلمين يستهلكون الحلال أيضاً بسبب سعره أو قرب القصابات من أماكن سكنهم.
ويستند معظم الباحثين إلى استطلاع رأي أجراه معهد إيفوب في عام 2010، وفيه أنّ 59 في المائة من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع يشترون اللحم الحلال بشكل منتظم، في حين أن 28 في المائة يشترونه بصورة غير منتظمة، و91 في المائة من المتدينين يحرصون على شرائه دائماً. لكنّ هذا الإحصاء أعد قبل نحو عشر سنوات، كما يقول الباحث والمحلل الاقتصادي الفرنسي علي بوكبوس. يضيف: "لم تعد تستطيع الصمود في ظل المتغيرات الجوهرية وتطور وسائل النقل، وبسبب كثرة عدد القصابات الجديدة، وانفتاح المتاجر على هذه التجارة الواعدة لاستقطاب زبائن جدد".
وخلال شهر رمضان، تستهلك الجالية الإسلامية كميات أكبر من المعتاد من اللحوم ومشتقاتها، ما يدفع القصابات إلى التنافس على خفض الأسعار. كما أن المتاجر تبيع هذه المنتجات وتروج لها في إعلاناتها.
ولأن الصحة تعد هاجساً، فإن الكثير من أفراد الجالية المسلمة يتساءلون عن السبب الذي يجعل اللحوم أرخص في هذه القصابات. من هنا، صاروا يسألون عن مصدرها الحقيقي، والظروف التي تحفظ فيها قبل بيعها، خصوصاً وأن السلطات الصحية الفرنسية كثيراً ما تكشف عن لحوم فاسدة يواصل الباعة تسويقها، من دون أي اعتبار أخلاقي أو صحي أو ديني، على غرار ما حدث العام الماضي في بلدة أغد وبلدتي سين-لي نوبل وفلير-إن- إيسكريبيو في شمال فرنسا. وعثرت الشرطة على طنّ من اللحوم الفاسدة خلال العام الحالي.
ويعترف الحاج رابح الروداني، وهو من أصول جزائرية، بأنّ شكوكاً تراوده حول حقيقة الحلال بسبب هذه الأخبار. ويقول: "لا يحدث الأمر فقط بين المسلمين، فقد تم بيع لحم بولوني فاسد قبل عام، وسوّق لحم حصان باعتباره لحم بقر". يضيف: "يُكتب على بعض المنتجات أنها حلال، ويضاف إلى منتجات أخرى اسم جهة أو مركز مستقل يؤكد أنها حلال"، مشيراً إلى أنه أكثر ثقة بتلك التي تحمل تأكيداً من جهة مستقلة. ويشير إلى أنه لا يعرف مصدر اللحوم، ويعتقد كثيرون أنها مستوردة من نيوزيلندا.
في المقابل، يختار كثيرون عدم التفكير كثيراً في الأمر، ويثقون بالبائع في حال قال إنها حلال. تقول سلمى، وهي طالبة جامعية تونسية: "في حال كُتب داخل القصابة بلغة عربية سليمة أنها تبيع الحلال، فلماذا أبحث عن لحوم أخرى في مكان مختلف؟". أمّا سعدية الفيلالي، فتقول: "لا أرتاح إلّا حين أرى الذبح بعيني. لهذا السبب، أنوي قضاء عيد الأضحى في بلدي الأصلي".