الكويت تلغي منحة البنزين... ومخاوف من تحرير السعر

13 فبراير 2017
ارتفاع أسعار البنزين يربك الأسواق (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي تسعى فيه حكومة الكويت بكل ما لديها من أدوات وقرارات تنفيذية لتمرير ملف تخفيض الدعم، خاصة ما يتعلق بملف البنزين، كشفت مصادر حكومية لـ "العربي الجديد" عن إلغاء المقترح النيابي بمنح المواطنين 75 ليترا من البنزين من نوع ممتاز شهرياً. 
وكان أعضاء في مجلس الأمة اقترحوا، الصيف الماضي، منح كل مواطن يحمل رخصة قيادة 75 ليتراً من البنزين مجاناً شهرياً على البطاقة المدنية، لكن هذا الاقتراح بقي معلقاً حتى الآن.
وقالت المصادر إن المفاوضات التي تجري حالياً بين السلطة السياسية والنيابية تتركز في وضع خطة جديدة تعوض المواطنين المحتاجين فقط عبر الدعم النقدي. لكن المصادر امتنعت عن التعليق إذا كان التعويض نقداً سيؤدي إلى تحرير دعم البنزين 100%.
ونصحت المؤسسات العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، الكويت، بضرورة وضع خطة جديدة لتعويض الأسر الكويتية المحتاجة على هيئة تحويلات مالية نقدية مباشرة بدل الدعم الحالي.
وأوضحت المصادر أن الحكومة فضّلت إلغاء مقترح صرف الـ75 لتراً بعد تزايد نبرة المطالبات النيابية لإلغاء رفع الدعم كلياً عن البنزين. وإذا نجحت المعارضة النيابية في إرسائه سيجعل من صرف الـ75 لتراً أمراً بلا جدوى ومكلفاً للحكومة.
وأشارت المصادر إلى أن مقترح الـ75 ليترا من البنزين كان ورقة تفاوض حكومية مع النواب السابقين، وما زال كذلك مع الحاليين، لكن الوضع تغير، وهناك عدم رضا عن عملية رفع السعر بالكامل. كما أن هناك رفضاً نيابياً ملحوظاً لصرف جزء مقابل رفع ملموس ومؤثر على المواطن من وجهة نظر هؤلاء.
وقرر مجلس الوزراء الكويتي، في أغسطس/آب الماضي، رفع أسعار البنزين بدءاً من سبتمبر/أيلول الماضي بنسب تصل إلى 83% للبنزين عالي الجودة. وأوضحت الحكومة أن هذه الخطوة تأتي في سياق إصلاحات لمواجهة تراجع أسعار النفط عالمياً.
وأعلن المجلس، عقب جلسته الأسبوعية، رفع سعر البنزين (91 أوكتان) بنسبة 41% ليبلغ 85 فلساً كويتياً (28 سنتاً أميركياً) للتر الواحد. والبنزين (95 أوكتان) بنسبة 61% ليبلغ 105 فلوس للتر (35 سنتاً أميركياً).

أما البنزين عالي الجودة (98 أوكتان)، فارتفع 83% ليبلغ 165 فلساً للتر (55 سنتاً)، علماً أن استهلاك هذا النوع يشكل 2% من مجمل الاستهلاك المحلي.
وبحسب المصادر، فقد انتهت لجنة الدعوم، التابعة لوزارة المالية، من وضع الآلية الخاصة بتوزيع المنحة، في وقت سابق، والتي تعتمد على استخدام البطاقات المدنية كوسيلة لصرف المنحة الحكومية للبنزين، بعد التأكد من صلاحيتها. وأكدت المصادر أنه تم الاتفاق على تزويد وزارة الداخلية للجهات المعنية بكشف شهري محدّث بأسماء المواطنين المستحقين للمنحة.
ورفعت اللجنة المذكورة الآلية المقترحة إلى مجلس الوزراء قبل أكثر من شهر لاعتمادها، إلا أنه لم يصدر أي جديد بشأنها حتى الآن. ما أرجعته المصادر إلى عدم رغبة الحكومة في تمرير هذا الملف خشية الدخول في مرحلة تأزيم حكومي – نيابي من جديد.
وفي موازاة ذلك، يشير الخبير الاقتصادي عبد الحميد التوفيقي إلى ضرورة عودة أسعار البنزين إلى ما كانت عليه، نظراً للظروف الصعبة الذي يعيشها المواطنون جراء ارتفاع الأسعار على مختلف أنواع السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية.
ويضيف التوفيقي، في تصريح لـ "العربي الجديد": "نحن مع الحكومة في جميع القرارات التي تصب في مصلحة تقوية الاقتصاد الكويتي، ولكن شريطة الابتعاد عن جيب المواطن، وألا يكون أول الحلول هو الأخذ من المواطن بشكل يلحق الضرر به وبأسرته".
ويشير إلى أن الحلول كثيرة وسبق لمجلس النواب أن قدم عدة حلول كان على الحكومة أن تأخذ بها. وهي أيضاً ستعالج الكثير من موازنة الدولة، وستضخ المئات من ملايين الدولارات في الميزانية العامة.
وفي رأي آخر، يقول د.عبد العزيز الكندري، دكتور الاقتصاد في جامعة الكويت، إنه على الدولة القيام بإصدار القرارات التي تراها مناسبة وتصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، وعلى المواطن تنفيذها حتى وإن كانت من جيبه.
ويوضح الكندري، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن الدولة توفر جميع الخدمات للمواطنين وبرسوم تعتبر الأقل في المنطقة، إضافة إلى أن أسعار البنزين في الكويت بعد الزيادة تعتبر أيضاً الأقل، وبناء على ذلك يجب الوقوف إلى جانب السلطة التنفيذية في الكويت حتى تعبر مرحلة العجز المالي الذي تعاني منه من جديد وتعود دولة رفاه المواطن.
وأقرت محكمة الاستئناف حجز قضية إلغاء القرار الحكومي بزيادة أسعار البنزين للحكم في 18 أبريل/نيسان. وكانت الحكومة استأنفت على حكم محكمة أول درجة، القاضي بإلغاء قرار الحكومة بزيادة أسعار البنزين في الدعوى المرفوعة من المحامي نواف الفزيع. وعقب الجلسة صرح المحامي الفزيع بأنه توقّع من النواب أن يزلزلوا القاعات بمطالبات وحقوق الشعب الكويتي، بعد أن كانت أولوياتهم قضية البنزين في الحملات الانتخابية. إلا أن ما قالوه تبيّن أنه فقاقيع انتخابية. وألغت المحكمة الإدارية، في 28 سبتمبر/أيلول الماضي، قرار الحكومة رفع أسعار البنزين الذي بدأ تطبيقه في مطلع الشهر ذاته.
المساهمون