الكويت تحمي أموالها: قرار حكومي يبعد الاستثمارات الخارجية عن المخاطر؜

21 نوفمبر 2019
الحكومة تحمي الاقتصاد من التقلبات العالمية (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

 

دعت وزارة المالية الكويتية، جميع الجهات الحكومية، إلى توخي الحذر من الدخول في أي استثمارات تزيد نسبة المخاطر فيها عن 30% من إجمالي حجم الاستثمار، حيث كانت قبل هذا القرار الحكومي الجديد تزيد عن 45%.

وأظهر تقرير حكومي، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن سبب هذا التوجه الجديد من وزارة المالية، هو التقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية، خلال الفترة الماضية، بسبب الصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وعقبات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والتوترات السياسية في منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل عام.

ويشير التقرير إلى أن هذه التقلبات أحدثت خسائر كبيرة لبعض الجهات الحكومية نظير استثماراتها الخارجية، حيث أظهر ذلك تقرير ديوان المحاسبة الأخير، إذ سجل الصندوق السيادي الكويتي خسائر في بعض استثماراته في أوروبا وشرق آسيا، بالإضافة إلى خسائر شركات استثمارية حكومية تعمل في الأسواق الخليجية والأميركية.

ويوضح أن "المالية" وضعت استراتيجية جديدة استرشادية للجهات الحكومية، تجنّبهم أي مخاطر عند الدخول في استثمارات جديدة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة استثماراتهم الحالية المعرضة للمخاطر، حيث نصحتهم بالابتعاد عن أسواق الأسهم، وتخفيض انكشافهم عليها، بالإضافة إلى التوجه نحو شراء السندات الحكومية الأقل مخاطر.


ويشير التقرير إلى أن وزارة المالية طالبت الجهات الحكومية، بضرورة توزيع الاستثمارات على أكثر من قطاع وعدم تركيزها في قطاع بعينه، فيما نصحتهم بالاستثمارات العقارية في بعض الدول الأوروبية التي تشهد حالة من الاستقرار في السوق العقاري، بالإضافة إلى وجود عوائد استثمارية كبيرة في هذا القطاع الحيوي.

وكانت "العربي الجديد" قد كشفت، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن خطة الكويت لإدارة استثماراتها الخارجية خلال الخمسة أعوام المقبلة، حيث تستهدف البلاد إعادة هيكلة عدد من الاستثمارات، بالإضافة إلى إعادة التوزيع الجغرافي للاستثمارات الخارجية التي يديرها صندوق الثروة السيادي الكويتي.

وحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار الكويتية والصندوق السيادي، فإن الاستثمارات الخارجية تتوزع على نحو 130 دولة حول العالم وتدار من قبل 150 وكيلا ومدير استثمار، ومن أبرز هؤلاء المديرين مكتب لندن التابع للهيئة ومكتب الولايات المتحدة.

ويعد الصندوق السيادي الكويتي هو رابع أكبر صندوق سيادي في العالم بإجمالي أصول مدارة تبلغ قيمتها نحو 592 مليار دولار، حيث يحقق الصندوق سنوياً عوائد تصل إلى 9%، تضاف إلى أصول الصندوق ليعاد استثمارها خارج الكويت، ولا يستثمر أو يضاف منها أي مبالغ إلى الميزانية العام للبلاد، وذلك بحسب بيانات وزارة المالية.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، نواف الصانع، لـ "العربي الجديد"، إن "وزارة المالية مطالبة بتوجيه جميع الجهات الحكومية التي لديها استثمارات خارجية إلى ضوابط تحفظ رؤوس الأموال من الضياع، خاصة في ظل تقلبات الأسواق العالمية، وهو الأمر الذي يتطلب المحافظة على الأصول بأكبر قدر ممكن، حتى لا تفقد البلاد المصدات المالية القوية التي تعول عليها في وقت الأزمات".


ويشير الصانع إلى أن "الصندوق السيادي يستثمر أموال الأجيال القادمة في البلاد، لذلك من غير المسموح المخاطرة بهذه الأموال، خاصة أن تقلبات النفط تستهلك الاحتياطي العام للبلاد، والذي يتوقع أن ينفد خلال 5 سنوات مقبلة، لذلك فإن أموال الصندوق ستكون هي السند الوحيد للأجيال القادمة، في ظل عدم التقدم كثيرا نحو تنويع الاقتصاد، واستمرار الاعتماد على النفط".

ويضيف أن الجهات الحكومية التي تمتلك استثمارات خارجية عليها المحافظة عليها، وجلب أكبر قدر من العوائد عليها، في ظل ترشيد النفقات الحكومية، وتراجع الإنفاق العام في البلاد.

وفي نفس الإطار، يقول الخبير الاقتصادي، طارق المشعان، لـ "العربي الجديد"، إن الابتعاد عن أي استثمارات بها تقلبات أو خسائر مهم جدا في الفترة الحالية، مع التحول نحو الاستثمارات الآمنة، والتي في مقدمتها سندات الخزانة والسندات السيادية للدول التي تتمتع باقتصادات قوية، حتى تضمن البلاد أرباحا جيدة تدعمها ماليا في المستقبل.

ويضيف المشعان، أن الأصول الحكومية الخارجية مصدر أمان للكويت في مواجهة أي أزمات مالية أو اقتصادية محتملة، لذلك يجب الحفاظ عليها وتنميتها وتعزيز عوائدها وتنويع القطاعات التي تستثمر الدولة فيها.

المساهمون