يساور القلق الكثير من ملاك العقارات في الكويت من تعرضهم لملاحقات مصرفية وقضائية بسبب الركود الذي ضرب قطاع الإيجارات في الأشهر الأخيرة، بسبب جائحة فيروس كورونا، التي دفعت الحكومة والقطاع الخاص إلى تسريح وخفض أجور مئات آلاف العاملين الأجانب، الذين يعدون المحرك الرئيسي للقطاع العقاري ومختلف الأنشطة التجارية والخدمية في الدولة.
وبينما لاقت الإجراءات الحكومية لتعديل التركيبة السكانية عبر ترحيل أعداد كبيرة من الوافدين خلال أزمة كورونا، ترحيباً في الأوساط الشعبية الكويتية، إلا أن هذه الإجراءات لم تجد نفس الترحيب لدى ملاك العقارات الذين تكبدوا خسائر كبيرة منذ بداية تفشي الجائحة بالدولة منذ فبراير/شباط الماضي.
ويقول أحمد الدويسان، أمين عام اتحاد وسطاء العقار في الكويت لـ"العربي الجديد" إن هناك أكثر من 600 مواطن من أصحاب العقارات مهددون بالملاحقات القانونية، بسبب تراكم الديون والأقساط المستحقة للبنوك، فضلا عن الرسوم الأخرى التي يتم تسديدها للدولة وأجور العاملين في الشركات العقارية ومصروفات الحراسات وغيرها من الأمور، محذراً من أن تطاول أزمة تعثر الملاك البنوك خلال الفترة المقبلة.
وأضاف الدويسان أن إجمالي المديونيات المستحقة على ملاك العقارات بلغ نحو 1.5 مليار دولار خلال الأشهر الـ 6 الماضية، فضلا عن الخسائر التي تكبدوها بفعل مغادرة الكثيرين الدولة وتأخر سداد الإيجارات وارتباك السوق، والتي تقدر بنحو 2.2 مليار دولار.
وأشار إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الوافدين سافروا في إجازات إلى بلادهم خلال الأشهر الماضية وتركوا شققهم، لكنهم في الواقع لن يتمكنوا من العودة مرة أخرى في ظل الظروف الحالية، بالإضافة إلى شريحة كبيرة من الوافدين الذين قاموا بتسفير أسرهم وأبنائهم والمشاركة في ما يسمى "سكن العزاب" لتوفير النفقات، وأيضا مئات الآلاف الذين تأخروا في سداد الإيجارات بسبب تسريحهم من أعمالهم ولا يستطيع مالك العقار مقاضاته في ظل الظروف الراهنة.
وبحسب دراسة صادرة عن اتحاد العقار الكويتي، هناك نحو 350 ألف شقة سكنية خاوية في مختلف المناطق، فيما انخفضت قيمة الإيجارات بنسبة تقارب 30%، في ظل ضعف الطلب.
وقال الخبير العقاري الكويتي، توفيق الجراح لـ"العربي الجديد" إن "الخطط الحكومية الهادفة إلى ترحيل الوافدين بصورة عشوائية ستضرب القطاعات الاقتصادية كافة في مقتل، وخصوصا القطاع العقاري المنكشف على المصارف المحلية"، محذراً من أزمة خطيرة قد تتسبب في انهيار اقتصادي ستستمر تداعياته سنوات طويلة.
وأضاف الجراح أن "معالجة قضية التركيبة السكانية يجب أن تتم وفق ضوابط، ولا تخضع للأهواء الشخصية أو للتسييس أو الشعارات والأهواء أو الخطابات الانتخابية، التي تهدف إلى دغدغة مشاعر المواطنين، خصوصا مع قرب إجراء الانتخابات"، مشددا على ضرورة وضع خطط مدروسة تراعي مصلحة الكويت الاقتصادية وأصحاب الأعمال وملاك العقارات الذين سيتكبدوا خسائر أكبر خلال الفترات المقبلة.
ووفق دراسة اتحاد العقار التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، تراجعت قيمة إيجار الشقة التي تتكون من غرفتين وصالة من 1000 دولار إلى 650 دولارا بانخفاض بلغت نسبته 35%، كما انخفضت قيمة إيجار الشقة التي تتكون من غرفة وصالة من 800 دولار إلى 525 دولارا، بتراجع نسبته 34.4%.
وفي أعقاب تفشي فيروس كورونا، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات واسعة ضد الوافدين، ودعوات مكثفة تطالب الحكومة بترحيلهم إلى بلادهم ومحاسبة تجار الإقامات، الذين تسببوا في تكدس العمالة الهامشية في العديد من المناطق التي يقطنها الوافدون.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي، عادل الفهيد لـ" العربي الجديد" إن الحكومة مقبلة على حقبة جديدة ستتغير خلالها خريطة الاقتصاد بشكل عام بسبب السياسات المتخبطة التي ينتج عنها قرارات يٌعتقد أنها تصب في صالح الكويت، غير أنها تتسبب في إلحاق الضرر بالاقتصاد، الذي يشهدا ركوداً غير مسبوق بسبب جائحة كورونا.
وأضاف الفهيد أن خسائر ملاك العقارات طبيعية في ظل الظروف الحالية، مشيرا إلى أن هناك فرقا شاسعا بين معالجة ملف التركيبة السكانية من خلال قرارات وقوانين لردع تجار الإقامات وبين إلحاق الخسائر والتسبب في أزمة اقتصادية. وتابع: "عندما نطلب من الوافدين مغادرة الكويت، فمن سيسكن تلك الشقق في العمارات التي تبحث عن مستأجرين جدد؟".
وفي الآونة الأخيرة، لجأ العديد من ملاك العقارات إلى تقديم مزايا للوافدين من خلال منحهم شهرا مجانيا أو إعفائهم من الرسوم الحكومية فضلا عن تحمل الشركات العقارية فواتير الكهرباء والماء الشهرية. بينما كان أعضاء في مجلس الأمة (البرلمان) قد قدموا مقترحاً بقانون لمعالجة أوضاع المتعاقدين بعقود الانتفاع بالإيجار أثناء الظروف الطارئة، ينص على الإعفاء من الإيجارات 6 أشهر في الظروف الطارئة، وتخفيض 60% من إيجار الشهور الستة اللاحقة.
وتضمن المقترح أنه في كل الحالات لا يجوز للمؤجر أن يلزم المستأجر بإخلاء العين المؤجرة بعد وقوع الظروف الطارئة وطوال مدة السنة المقررة للإعفاء وخفض الأجرة، وكذلك فيما لو استمر الأثر المترتب وفق قرارات صادرة عن مجلس الوزراء لمدة أطول تحول دون الانتفاع بالعين المستأجرة.