ردود فعل واسعة أثارها تصريح لعضو المجلس الأعلى للتخطيط في الكويت بعقد اجتماع مشترك بين مجلسي الوزراء والأعلى للتخطيط الأربعاء للبت في قضية خفض الدعم عن خدمات الكهرباء والماء والمحروقات واعتماد الشرائح السعرية الجديدة لها والمسودة النهائية للمشروع قبل إحالته إلى مجلس الأمة للموافقة عليه وبدء اتخاذ الخطوات التنفيذية لتطبيقه.
وكانت صحيفة كويتية قد نقلت عن عضو المجلس الأعلى للتخطيط خالد بن شبعان قوله إن الاجتماع المزمع سيعتمد خفض الدعم حيث سيرتفع سعر كيلو واط الكهرباء من فلسين إلى 7 فلوس للاستهلاك المنزلي، و10 فلوس للتجاري، مع اختلاف الشرائح بحسب معدل الاستهلاك إلى جانب رفع سعر ليتر البنزين من 60 حالياً إلى 110 فلوس.
بن شبعان، وإن كان قد نفى في تصريح لاحق تطرقه إلى الشرائح المذكورة في الصحيفة، غير أنه أكد أن الاجتماع بين مجلسي الوزراء والتخطيط سيبحث ويدرس موضوع شرائح الكهرباء والبنزين، ليُبقي الجدل مستمراً على أشده سياسياً وشعبياً.
نواب في البرلمان (مجلس الأمة) وجهوا تحذيراتهم للحكومة إن هي أقدمت على الخطوة، مشددين على ضرورة خلق حالة جماعية داخل المجلس للتصدي لأي قرار حكومي في اتجاه رفع الدعم عن بعض المنتجات أو زيادة الأسعار خلال المرحلة المقبلة.
وقال النائب فيصل الكندري إن "مجرد التفكير بالمساس بدخل المواطن ورفع الاسعار عليه بسلع أساسية يعتبر انتحاراً جماعياً للحكومة".
وأضاف أن ديباجة الدستور الذي أقسمت عليه الحكومة تنص على: "وسعيا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية"، متسائلاً: "هل هذه الرفاهية التي أقسمت الحكومة عليها؟".
وطالب الكندري الحكومة بأن تقوم بتطبيق القانون والقرارات الخاصة بالرقابة على بعض التجار الذين يتلاعبون بالأسعار ويرفعونها على المواطن، بدلاً من أن تقدم مشروعاً برفع الدعم سيموت قبل ولادته بفضل تضافر جهود النواب الذين سيقفون بوجه هذا المشروع، وفقاً لتعبيره.
وتقول الحكومة في الكويت إن الدعم يلتهم جانباً كبيراً من ميزانية الدولة، مشيرة إلى أن تكلفة إنتاج كيلوواط الكهرباء الواحد من محطات التوليد ـ سواء من الغاز أو المشتقات النفطية السائلة ـ تتراوح بين 38 و40 فلساً، مشككة في إمكانية استمرار الدولة في الوفاء بأعبائها الحالية في ظل الانخفاضات المتوالية في سعر النفط الذي بلغ 87.25 دولاراً للبرميل، وفقأ لتداولات الأربعاء الماضي.
غير أن مراقبين يؤكدون أن أساس المشكلة هو الهدر المالي الواضح من قبل الحكومة من خلال الملايين التي تخسرها في المناقصات والعقود التي لم تنفذ وتكبد الدولة خسائر مالية كبيرة، مستشهدين بما حدث في قضية "داو كيميكال" والتي كبدت ميزانية الدولة أكثر من ملياري دولار .
ويحذر هؤلاء من خطورة رفع الدعم أو فرض ضرائب جديدة، لافتين إلى أن هذا سيؤدي إلى إجبار كثير من الوافدين على ترحيل أسرهم إلى بلادهم تخفيفا للأعباء، ما سيؤثر على السوق العقاري والمدارس الخاصة التي يشغلها ذووهم، وسيؤدي إلى ركود فى سوق السلع الغذائية والاستهلاكية.
وأواخر الشهر الماضي، بدأت الحكومة أولى خطواتها لترشيد الدعم بالإعلان عن خفض مخصصات العلاج للمرضى المبتعثين للخارج مع مرافقيهم.
الخطوة الحكومية تزامنت مع تقرير لصندوق النقد الدولي قال فيه إن حكومة الكويت بدأت خفض بعض المدفوعات التي تقدمها للدعم، وبلغت مرحلة متقدمة من إعداد خطة لخفض الدعم على الكيروسين والكهرباء.
وأشار الصندوق في تقريره إلى أن خفض الدعم يُعد إصلاحاً اقتصادياً مهماً للكويت، لافتاً إلى أن ما سماه بـ "الدعم السخي" الذي تقدمه الدولة ـ والذي يذهب معظمه للطاقة ـ يلتهم نحو 5.1 مليار دينار (17.7 مليار دولار) سنوياً، أي ما يقارب ربع الإنفاق الحكومي المتوقع في السنة المالية الحالية طبقًا للأرقام الحكومية.
وكان رئيس مجلس الوزراء الكويتي جابر المبارك الصباح، خلال تقديمه برنامج عمل الحكومة إلى البرلمان في أكتوبر من العام الماضي، قد أشار إلى أن دولة الرفاه غير قابلة للاستمرار، مضيفاً أن حقائق الأوضاع الاقتصادية محلياً وعالمياً تشير إلى ضرورة تحول المجتمع الكويتي من مستهلك إلى منتج للثروة ومساهم في الاقتصاد الوطني، وهو التصريح الذي أحدث ـ في حينه ـ جدلاً واسعاً.
وينص دستور الكويت بشكل واضح على تعزيز وضمان الأمان الاجتماعي لمختلف الشرائح والفئات من المواطنين، وذلك بهدف بناء دولة الرفاه، والوصول إلى مستويات متقدمة من الرعاية المادية والاجتماعية وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.
وبناء على ذلك قامت الدولة بتأسيس منظومة متكاملة من الدعم المادي والعيني، وذلك من خلال الاعتمادات السخية نسبياً للموازنات السنوية لمختلف أشكال الدعم للمواطنين سواء في صورة تحويلات نقدية كالمساعدات التي تمنحها الدولة للأسر محدودة الدخل، أو بتحمل بعض الالتزامات رغبة في تخفيف الأعباء عن المواطنين كفوائد القروض العقارية والإعفاء منها، كما تأخذ صوراً أخرى كقروض الزواج للشباب.
أيضاً فإن الدولة خصصت اعتمادات لخفض تكاليف المعيشة وفروق الأسعار العالمية لمنتجات الغاز والمنتجات البترولية مقارنة بالأسعار المدعمة محلياً، ويمتد دور الدولة كذلك إلى دعم المؤسسات الأهلية والأندية، بالإضافة إلى الإعانات التي تقدم شهرياً للطلاب