أعادت الهزات الأرضية المتكررة التي شهدتها مناطق عدة في شمال المغرب أواخر الشهر الماضي وأوائل الجاري إلى أذهان السكان المأساة التي شهدتها مدينة الحسيمة الشمالية في عام 2004. يومها أدى زلزال مدمر إلى مقتل أكثر من ألف وإصابة مئات آخرين.
كذلك، يستعيد المغاربة زلزالاً أخطر ضرب مدينة أغادير (جنوب) في عام 1960، وقتل فيه آلاف الضحايا، فيما دمرت المدينة بالكامل تقريباً. وأيضاً، زلزال 1969 الذي ضرب كلّ البلاد وخلّف عشرات القتلى.
وعدا عن الزلازل التي زارت المغرب مراراً وتكراراً، خصوصاً في مناطق الشمال بسبب تركيبتها الأرضية، فإنّ البلاد شهدت أيضاً أمواج تسونامي سابقاً. ووقع ذلك تحديداً في عام 1755، عندما ضربت أمواج تسونامي سواحل المغرب، عقب الزلزال الذي ضرب العاصمة البرتغالية لشبونة، ومات الآلاف في المغرب. كذلك شهدت السواحل الغربية ما سماه بعضهم "تسونامي مصغر" العام الماضي. بالإضافة إلى كلّ ذلك، شهدت البلاد في السنوات الماضية فيضانات سببتها غزارة الأمطار، آخرها كان العام الماضي في المدن الجنوبية ما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص.
تشير إحصاءات المعهد الوطني للجيوفيزياء، التابع للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، إلى ارتفاع عدد الزلازل الخفيفة والهزات الأرضية في المغرب عن أرقام سابقة. وقد سجل في عام 2014 وقوع 15 هزة أرضية تراوحت قوتها بين 5 و6 درجات. وسجل في عام 2015 أكثر من ثلاثة آلاف هزة أرضية مختلفة الدرجات.
من جهته، يقول الناشط في مناطق الريف إدريس أدريوك لـ"العربي الجديد"، إنّ عدداً من مدن الشمال المغربي، خصوصاً في الشريط الرابط ما بين الحسيمة والناظور، تشهد بشكل متكرر هزات أرضية كثيرة، الأمر الذي يثير الخوف لدى السكان، ويعيد إلى ذاكرتهم فاجعة زلزال عام 2004 خصوصاً. يتابع أنّ تكرار الهزات يدفع السكان إلى الخروج من منازلهم باتجاه الساحات العامة، والبقاء فيها. أما آخرون، فيفضلون المبيت في سياراتهم، خشية زلازل قد تكون أكثر قوة وعنفاً.
أمام توالي الهزات الأرضية التي ما زالت تشهدها مدن في الريف المغربي، أسس عدد من شباب تلك المناطق لجاناً شعبية لمساعدة السكان. يتهم هؤلاء السلطات المحلية بالتقاعس عن إعلان حالة الطوارئ القصوى، ومباشرة الإجراءات المتعارف عليها دولياً في مثل هذه النكبات مثل توزيع الخيام وإخلاء المنازل وإغاثة المنكوبين.
في المقابل، تقلل الخبيرة في علم الزلازل ثريا المرابط من أهمية القضية. تقول لـ"العربي الجديد": "هي هزات أرضية اعتيادية قد تتحرك معها الجدران والأشياء قليلاً، لكنها لا تصل إلى حدّ تهديد حياة آلاف الناس". وتؤكد أنّ المغرب يبتعد جغرافياً عن البؤرة الجيولوجية التي تستهدفها الزلازل، مثلما يحدث في آسيا خصوصاً أو أوروبا. وهو ما يجعله نظرياً في منأى عن الكوارث الطبيعية الخطيرة. ولتجنب الكوارث التي قد تحدث من جراء حدوث الزلازل في المغرب، تشدد المرابط على أهمية أن تتوفر للأبنية خصائص إنشائية مقاومة للزلازل، خصوصاً الأبنية المتوسطة والمرتفعة.
بالإضافة إلى الزلازل والهزات الأرضية الخفيفة والعنيفة التي تضرب بين فترة وأخرى مناطق عديدة في المغرب، لا سيما في شماله، فإنّ الفيضانات أيضاً تغمر عدداً من المناطق في المملكة. آخرها الفيضانات التي استهدفت إقليم كلميم، وأسفرت عن مقتل أكثر من 34 شخصاً، علاوة على خسائر في ممتلكات ومنشآت زراعية لدى الكثير من المواطنين.
يحتج سياسيون وناشطون اجتماعيون على البنية التحتية في البلاد التي يصفونها بالمتردية. يقولون إنّ اختلالاتها العديدة تظهر فور حدوث فيضان. ويستدلون على ذلك بالسدود التي انهارت بسبب السيول الجارفة في الجنوب في عام 2014، وكذلك الأبنية والمنازل والأسوار التاريخية التي انهارت أو تصدعت.
سبل مواجهة هذه الكوارث الطبيعية المختلفة يوردها تقرير رسمي جديد أصدره المجلس الأعلى للحسابات، يتطرق إلى النواقص التي تلمّ بقطاع مواجهة الكوارث. كذلك يرصد التقرير التدابير المتخذة للوقاية من الكوارث، ومدى جاھزية البلاد لمواجهتها في حالة حدوثها.
وفي الوقت الذي تحرص فيه الحكومة على تأكيد حضورها في كلّ كارثة طبيعية تضرب البلاد، وتهيئ لها العدة لتقليص الخسائر ومواساة الضحايا، يؤكد التقرير نفسه أنّ الجهوزية في وجه المخاطر والكوارث الطبيعية في المغرب تسلك اتجاه إدارة الأزمات، بدلاً من الوقاية الهادفة إلى الحدّ من آثارھا المدمرة.
اقرأ أيضاً: زلزال 2004 في ذاكرة المغرب