لا يحصل الأئمة والمؤذنون والخطباء في المغرب إلاّ على قليل من الدخل لا يكفي سدّ حاجتهم وحاجة عائلاتهم اليومية، وهو ما يدفعهم إلى الاحتجاج على مخصصاتهم القليلة بالرغم من ثراء الوزارة التي يتبعون لها
بالرغم من كونها إحدى أغنى الوزارات في المغرب، بالنظر إلى مداخيلها الناجمة عن مردود الأوقاف العامة وغيرها من الموارد المالية الكثيرة، غير أنّ العاملين في المساجد التابعة لــوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ممن يعرفون بالقيّمين يشْكون ما يصفونه بالإهمال المالي والإجحاف المعنوي.
يبلغ عدد القيّمين الدينيين الذين يشتغلون في قطاع المساجد في المغرب، وهم الأئمة والمؤذنون والخطباء، أكثر من 50 ألف عامل في مختلف مساجد المملكة التي يصل عددها إلى أكثر من 42 ألف مسجد تحت وصاية الوزارة.
يلخص عدد من القيّمين الدينيين معاناة العاملين في هذه المهنة في وجود ظلم مالي يتمثل في ضعف الرواتب والتقديمات التي يحصلون عليها، فالإمام يتلقى بالكاد أجراً يتراوح ما بين 1000 و1500 درهم في الشهر (الدولار الأميركي يساوي نحو 9 دراهم) أما المؤذن فلا ينال سوى 500 درهم في الشهر.
يجد أئمة مساجد ومؤذنون وخطباء وعمال أنفسهم يكابدون للعثور على لقمة عيش لأنفسهم وأسرهم، بسبب ضعف المنحة المالية الشهرية التي يتلقونها من الوزارة الوصية، ما يضطر كثيراً منهم للجوء إلى مهن أخرى من أجل مواجهة متطلبات المعيشة المتزايدة.
في هذا الصدد، يكشف إمام مسجد في مدينة بني ملال، يرفض الكشف عن هويته خوفاً من تضييق وزارة الأوقاف عليه، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "الأوضاع الاجتماعية والحياتية للإمام هي آخر ما تفكر فيه الوزارة"، وفق تعبيره. يتابع الإمام أنّ ضعف المنحة أو التعويض المالي الذي يصل إلى القيّم الديني، إماماً كان أم مؤذناً أم عاملاً داخل المسجد، يدفع البعض منهم إلى مزاولة مهن وحرف صغيرة، أو الذهاب إلى المآتم وحفلات الأعراس لقراءة ما تيسر من القرآن الكريم مقابل دراهم قليلة. يشدد على أنّ هذا الوضع يسيء إلى كرامة القيّم الديني، إذ يدفع دفعاً إلى امتهان حرف جانبية حتى يوفر لقمة العيش لأسرته وأبنائه، مشيراً إلى أنّ الحكومة لا تهتم لكرامة الإمام بالرغم من أنّه عامل رئيسي على مستوى توفير "الأمن الروحي" للمغاربة.
اقــرأ أيضاً
يقول الباحث في قضايا الفكر الإسلامي إدريس الكنبوري لـ"العربي الجديد" إنّ القيّمين الدينيين هم بمثابة "البنية التحتية التي يقف عليها صرح الإصلاح الديني في المغرب برمته". يشرح أنّ "هؤلاء هم المكلفون بإيصال السياسة الدينية الجديدة للمملكة منذ عام 2004 عندما أطلقت الدولة مشروع إعادة هيكلة المجال الديني إلى الجمهور". يلفت إلى أنّ "هذه الفئة كانت مهمشة طوال عقود في المغرب، ولم يرد الاعتبار إليها إلاّ في الأعوام الأخيرة بعد وضع قانون للمساجد والقيّمين الدينيين في ظل الحاجة إلى ضبط المساجد وجعل القيّمين تابعين للدولة عبر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية". يتابع الكنبوري أنّ هذا الوضع هو الذي دفع الدولة إلى إنشاء مؤسسة خاصة بهذه الفئة لرعاية شؤونهم الاجتماعية، هي "مؤسسة محمد السادس للقيّمين الدينيين" التي رفعت من قيمة التعويضات التي يتلقونها. يستدرك: "تلك التعويضات مع ذلك، ما زالت ضعيفة جداً ولا تناسب موقع هؤلاء في المجتمع، كما لا تتناسب مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية، خصوصاً أنّ هناك فئة كبيرة من هؤلاء ليس لهم دخل آخر، بل هم متفرغون لمهامهم في المساجد".
يدعو الكنبوري الدولة إلى مضاعفة اهتمامها بهذه الفئة، لأنّ إصلاح المجال الديني يرتبط بصورة الإمام لدى الجمهور، كما يقول، لافتاً إلى أنّ "هناك صورة ثقافية سلبية عن الإمام في المغرب، وهي أنّه شخص فقير يعيش على تبرعات المصلين، ما يؤثر على خطابه أمام المواطنين".
يشكو القيّمون الدينيون، خصوصاً أئمة المساجد وخطباء المنبر، أيضاً من قرارات وقف عن العمل تطاولهم، يقولون إنّها قرارات تهدف إلى التضييق على حرية التعبير، أو الانتقام منهم، بسبب توجهاتهم ومضامين خطبهم. وقد سبق لوزارة الأوقاف وقف عدد من أئمة المساجد، من بينهم الشيخ يحيى المدغري بسبب خطبة ربط فيها بين بيع المخدرات والزلازل التي تصيب منطقة الريف، وأيضاً الإمام لحسن ياسين بتهمة "مخالفة المذهب المالكي" وأئمة آخرين بدعوى إقحام المنبر في شؤون السياسة.
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ردت على اتهامات القيمين الدينيين بتعرضهم للظلم والتضييق بإنشاء لجنة مهمتها الرئيسة تلقي شكاوى الأئمة والخطباء الغاضبين والمحتجين. لكن، بالرغم من هذه اللجنة، بادر قيّمون دينيون إلى تنظيم اعتصام لم يسبق له مثيل في البلاد وذلك في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أمام مقر المجلس العلمي الأعلى الذي يضم هذه اللجنة، مطالبين بالنظر في ملفهم، باعتبار اللجنة لم تبت في شكاويهم، قبل أن يفضّوا اعتصامهم بعد وعود بالنظر في مطالبهم.
بالرغم من كونها إحدى أغنى الوزارات في المغرب، بالنظر إلى مداخيلها الناجمة عن مردود الأوقاف العامة وغيرها من الموارد المالية الكثيرة، غير أنّ العاملين في المساجد التابعة لــوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ممن يعرفون بالقيّمين يشْكون ما يصفونه بالإهمال المالي والإجحاف المعنوي.
يبلغ عدد القيّمين الدينيين الذين يشتغلون في قطاع المساجد في المغرب، وهم الأئمة والمؤذنون والخطباء، أكثر من 50 ألف عامل في مختلف مساجد المملكة التي يصل عددها إلى أكثر من 42 ألف مسجد تحت وصاية الوزارة.
يلخص عدد من القيّمين الدينيين معاناة العاملين في هذه المهنة في وجود ظلم مالي يتمثل في ضعف الرواتب والتقديمات التي يحصلون عليها، فالإمام يتلقى بالكاد أجراً يتراوح ما بين 1000 و1500 درهم في الشهر (الدولار الأميركي يساوي نحو 9 دراهم) أما المؤذن فلا ينال سوى 500 درهم في الشهر.
يجد أئمة مساجد ومؤذنون وخطباء وعمال أنفسهم يكابدون للعثور على لقمة عيش لأنفسهم وأسرهم، بسبب ضعف المنحة المالية الشهرية التي يتلقونها من الوزارة الوصية، ما يضطر كثيراً منهم للجوء إلى مهن أخرى من أجل مواجهة متطلبات المعيشة المتزايدة.
في هذا الصدد، يكشف إمام مسجد في مدينة بني ملال، يرفض الكشف عن هويته خوفاً من تضييق وزارة الأوقاف عليه، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "الأوضاع الاجتماعية والحياتية للإمام هي آخر ما تفكر فيه الوزارة"، وفق تعبيره. يتابع الإمام أنّ ضعف المنحة أو التعويض المالي الذي يصل إلى القيّم الديني، إماماً كان أم مؤذناً أم عاملاً داخل المسجد، يدفع البعض منهم إلى مزاولة مهن وحرف صغيرة، أو الذهاب إلى المآتم وحفلات الأعراس لقراءة ما تيسر من القرآن الكريم مقابل دراهم قليلة. يشدد على أنّ هذا الوضع يسيء إلى كرامة القيّم الديني، إذ يدفع دفعاً إلى امتهان حرف جانبية حتى يوفر لقمة العيش لأسرته وأبنائه، مشيراً إلى أنّ الحكومة لا تهتم لكرامة الإمام بالرغم من أنّه عامل رئيسي على مستوى توفير "الأمن الروحي" للمغاربة.
يدعو الكنبوري الدولة إلى مضاعفة اهتمامها بهذه الفئة، لأنّ إصلاح المجال الديني يرتبط بصورة الإمام لدى الجمهور، كما يقول، لافتاً إلى أنّ "هناك صورة ثقافية سلبية عن الإمام في المغرب، وهي أنّه شخص فقير يعيش على تبرعات المصلين، ما يؤثر على خطابه أمام المواطنين".
يشكو القيّمون الدينيون، خصوصاً أئمة المساجد وخطباء المنبر، أيضاً من قرارات وقف عن العمل تطاولهم، يقولون إنّها قرارات تهدف إلى التضييق على حرية التعبير، أو الانتقام منهم، بسبب توجهاتهم ومضامين خطبهم. وقد سبق لوزارة الأوقاف وقف عدد من أئمة المساجد، من بينهم الشيخ يحيى المدغري بسبب خطبة ربط فيها بين بيع المخدرات والزلازل التي تصيب منطقة الريف، وأيضاً الإمام لحسن ياسين بتهمة "مخالفة المذهب المالكي" وأئمة آخرين بدعوى إقحام المنبر في شؤون السياسة.
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ردت على اتهامات القيمين الدينيين بتعرضهم للظلم والتضييق بإنشاء لجنة مهمتها الرئيسة تلقي شكاوى الأئمة والخطباء الغاضبين والمحتجين. لكن، بالرغم من هذه اللجنة، بادر قيّمون دينيون إلى تنظيم اعتصام لم يسبق له مثيل في البلاد وذلك في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أمام مقر المجلس العلمي الأعلى الذي يضم هذه اللجنة، مطالبين بالنظر في ملفهم، باعتبار اللجنة لم تبت في شكاويهم، قبل أن يفضّوا اعتصامهم بعد وعود بالنظر في مطالبهم.