القمار ينتشر بين الدنماركيّين

25 مارس 2015
يقبل الشباب بكثرة على ألعاب القمار (Getty)
+ الخط -
تشهدُ ألعاب القمار إقبالاً من قبل الشباب في الدنمارك. ويبدو أن الأمر لم يعد يقتصر على اللعب من فترة إلى أخرى بهدف الترفيه عن النفس، بل يعاني بعض هؤلاء من إدمانها أو ما يسمى بـ "القمار القهري". وهذا أمر بات يثير أخيراً قلق الباحثين في علم المجتمع والمتخصصين في علم النفس.

لا يعدّ لعب القمار أمراً مستنكراً في الدنمارك. وتشير الأرقام إلى إن 90 في المائة من المواطنين يقامرون بشكل أو بآخر في خلال الأسبوع، من خلال مراهنات على مباريات كرة القدم أو عبر شراء ورقة لوتو (لعبة يانصيب)، علّهم يفوزون بالملايين. لكن كثيرين يرفضون الاعتراف بأنهم يدمنون هذه الألعاب.

من جهة أخرى، فإن الاقبال عليها وخصوصاً من قبل الشباب، بات يقلق عدداً من الباحثين الاجتماعيين. وتجدر الإشارة إلى أن القوانين تمنع من هم دون الثامن عشرة من عمرهم من لعب القمار أو شراء ورقة لوتو. لكن بعض هؤلاء يتحايلون أحياناً على القانون. وعادة ما تقاس نسبة إدمان القمار من خلال ما ينفقه الشخص في اليوم الواحد أو في خلال أسبوع.
ويبدو أن الهوس بالقمار أو "القمار القهري" بات ينتشر كثيراً بين الشباب الذين يسعون إلى الثراء السريع، حتى أنهم يُستغلّون من قبل شركات القمار التي تعدهم بربح الملايين وتُقنعهم بأن نسب الفوز كبيرة. وقبل أسبوعَين، ابتسم الحظ لعاملة دنماركية وفازت بالمسابقة الأوروبية "يورو جاكبوت" التي تبلغ قيمتها مئات ملايين الكرونات الدنماركيّة.

في السياق، يقول علماء النفس والباحثون والمتخصصون الاجتماعيون إنه عادة ما يسعى الشباب إلى تعويض خسائرهم من خلال مزيد من اللعب، فيدمنون القمار. ويوضح هؤلاء أن الأمر يؤدي في النهاية إلى مشكلات اجتماعية ونفسية كثيرة، وقد يفقد من بعانيها القدرة على التفاعل الإيجابي مع محيطهم. بالتالي يؤدي بهم ذلك إلى العزلة ومزيد من الخسائر.

وينتقد أهل الاختصاص أصحاب المتاجر الذين يستخدمون أساليب كثيرة تدفع الناس إلى شراء أوراق اللوتو. وتشير بيانات مراكز معالجة إدمان القمار إلى أن ثمة زيادة كبيرة في نسب الشباب الذين يقعون في الفخ، ليتحولوا إلى مدمنين لهذه الألعاب في نهاية المطاف.

من جهة أخرى، لا تقتصر المشكلة على فئة الشباب. إذ تُشير الأرقام إلى أن واحداً من بين 13 مواطناً يعاني من إدمان القمار. كذلك، فإن 50 ألف شاب يعانون من الإدمان، علماً أن هذا الرقم يُعد مرتفعاً بالمقارنة مع العام 2006. ويرى هؤلاء أن المشكلة تؤثّر على المجتمع بشكل عام، خصوصاً وأن العلاج النفسي يؤدي إلى تكبّد الحكومة خسائر مالية كبيرة.

وتشير البيانات إلى أن 34 في المائة من هؤلاء الشباب ارتكبوا جرائم لتأمين المال، فيما فكر 43 في المائة منهم بالانتحار، وحاول 13 في المائة منهم ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من الدنماركيين يشترون ورقة "جاكبوت"، ويدمنون شراءها بعد ربحهم جوائز صغيرة. والحديث هنا ينحصر فقط باللوتو أو المراهنات على مباريات كرة القدم وغيرها.

في الدنمارك وفي أثناء شرائك بعض الحاجيات من الدكان أو السوبرماركت، كثيراً ما يعرض عليك البائع أن تُجرّب حظك. ويقول عدد من المعالجين النفسيين إن هؤلاء قادرون على جذب الشباب بطريقة ممنهجة، وإقناعهم بأنهم سيحصلون حتماً على أموال طائلة.

في هذا السياق، تشير الأرقام إلى أن المبالغ الكبيرة التي تدرها هذه الألعاب سنوياً على مراكز الألعاب، تقدّر بنحو 3،8 مليارات كرون (نحو نصف مليار دولار أميركي تقريباً)، وخصوصاً اللوتو. أما المحال التجارية فتربح نحو 8 في المائة من تلك المبالغ.

وترفض المراكز التجارية الانتقادات التي توجه إليها بين الحين والآخر، لافتة إلى أتها لا ترى أي فرق بين السلع التي يشتريها الزبون واللوتو.

من جهتها، تدق مراكز علاج مدمني القمار ناقوس الخطر، لافتة إلى أن واحداً من أصل أربعة مدمنين تحت سن الخامسة والعشرين يعاني من الإدمان. وتحذّر بينديكت ايلارس من مركز متابعة إدمان القمار من تفاقم هذه الظاهرة، قائلة: "في خلال السنوات الأربع الماضية، ارتفع عدد هؤلاء بنسبة كبيرة. وما زلنا نستقبل مزيداً من الشباب".
دلالات