القضاء الدنماركي ينتصر لسيدتين نعتتا وزيرة الهجرة بـ"الفاشية"

24 ديسمبر 2017
أرادت الوزيرة متابعة السيدتين (ناصر السهلي/العربي الجديد)
+ الخط -

برّأت محكمة دنماركية، بعد أشهر من التقاضي، وبالضبط في 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، سيدتين نعتتا وزيرة "الدمج والهجرة" إنغا ستويبرغ، في كوبنهاغن، بـ"الفاشية"، أثناء زيارتها لصاحب حانة ومقهى "موكي" بضاحية نوربرو، في مايو/أيار الماضي، حيث تعيش أقليات إثنية متعددة، إذ لبّت الوزيرة الدعوة التي وُجهت إليها ترافقها كاميرا تسجل الزيارة. وأخبرها صاحب الحانة "موكي" في أوج تألق خطابها المتشدد عن اللاجئين، بأنه يتعرض لمضايقات مع تنامي دور العصابات في المنطقة.

ولم تفلح محاولات الوزيرة في الزج بالسيدتين في السجن، ورأت المحكمة أن الصراخ على الوزيرة لم يكن سوى تلقائي، وبمرورها بجانبهما بشكل فجائي. وتحوّل الشريط الذي يوثق الواقعة إلى دليل براءة، باعتبار أن الزيارة ليست خاصة، بل كوزيرة طالبت السيدتين بإعادة النعت ليجري تسجيله على الكاميرا، وبالفعل كرر أربع مرات وليس مرة واحدة.

وستويبرغ، التي يُطلق عليها في بلدها "ملكة حزب فينسترا" (يمين الوسط) وتطلق عليها  صحيفة "بيلد" الألمانية "ترامب الدنمارك" (في الجزئية الخاصة بالمهاجرين)، وزيرة معروفة بإثارة الجدل. فهي لا تتردد في التعبير عن رأيها، واختيار الصدام بكلماتها بوصف اللاجئين أوصافا لا تليق أحيانا، وأقلها "هؤلاء مخادعون وكذابون وبخلاء... ليعودوا إلى حيث أتوا، إن لم تعجبهم شروط حياتنا والاندماج في ثقافتنا​".

وقادت الوزيرة سياسة بلدها في وقف اللجوء إليه، ووضعت اللاجئين في معسكر خيام تحت الثلوج، حتى "أصبحوا يخشون الحضور إلى هنا"، وفرضت رقابة صارمة على الحدود البرية مع ألمانيا سارية حتى يومنا. وفي زيارتها إلى مقهى وبار "موكي" تصدّت لها السيدتان الدنماركيتان وقالتا لها: "أنت فاشية".

عبّرت السيدة الأولى عن موقفها، ثم لحقت بها الثانية مؤكدة. ستويبرغ العارفة بنوع الإثارة الإعلامية طالبت السيدتين أمام الكاميرا، وهي تصور، بتكرار ما قالتاه، فكررتا 4 مرات: فاشية… فاشية… فاشية… فاشية. 



ستويبرغ، الوزيرة السياسية العارفة بالقانون هرعت إلى الشرطة والمحاكم لجرجرة السيدتين، بما يذكر بأفعال رئيسة البرلمان الحالية، بيا كيرسغوورد، قبل سنوات، حين ترأست حزب اليمين المتطرف "حزب الشعب الدنماركي" في تصرفاتها في الشارع. بعد أشهر، وقبل انقضاء العام الحالي، أراد رجال القانون وممثلهم الادعاء العام أن ينتهي من "فاشية الوزيرة" بالحكم على السيدتين الدنماركيتين.

قررت المحكمة تبرئة المتهمتين (ناصر السهلي/ العربي الجديد)


ستويبرغ أرادت، بحسب الصحف المحلية، إعطاء "درس لكل من يتفوّه في حق آخر باتهامه بطلانا". ولكن، ولأن الدنمارك لا تعرف فسادا قضائيا، ولا تهتم المحاكم لمكانة ومنصب المتقاضين أمامها، وجدت في الساعات الأخيرة من أعياد الميلاد أنه "للشخص الحق في أن يقول رأيه بحرية بحق السياسي… طالما أن الالتقاء به كان بتلك الصفة وليس كشخص عادي مثل البقية". فلو كانت ستويبرغ تتسوق وتمارس حياتها الخاصة بعيدا عن صفتها لكان للمحكمة رأي مختلف.

أراد الادعاء إنزال عقوبة بتغريم من "أهان الوزيرة". ولأن صفتها "وزيرة" قالت السيدتان: نعم قلنا لها أنت فاشية… وهذا حق تكفله لنا مادة ميثاق حقوق الإنسان في التعبير الحر عن الرأي. محاميهما ثوركيلد هوير رأى أن "السيدتين لم ترتكبا مخالفة بقول رأيهما التلقائي بحق وزيرة، وليس لشخص عادي زائر للبار".

وقالت إحدى المتهمتين في المحكمة: "هذا رأي سياسي أردت من خلاله إثارة انتباهها بحكم منصبها السياسي إلى سياستها الخاطئة بحق اللاجئين، وأن هناك كثيرين لا يتفقون معها ".

المساهمون