يستمر الجدل في تونس بسبب قانون 52 (الصادر في 18 مايو/أيّار 1992)، المتعلق بتجريم استهلاك المخدرات في تونس، وخصوصاً بعد إعلان النيابة العامة أمس الإثنين استئناف حُكم ابتدائي بعدم سماع الدعوى في قضية المدوّن عزيز عمامي، المتهم "بحيازة واستهلاك مادة مخدرة".
وقال رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات عبد المجدي الزحاف لـ "العربي الجديد"، إنّ "القضاء يدرس حالياً إمكانية إلغاء عقوبات الحبس بحق مستهلكي الزطلة (القنب الهندي)، واستبدالها ببرنامج علاجي". وأشار إلى أنّ "ظاهرة استهلاك هذه المادة انتشرت بشكل كبير بين المراهقين، بصفة خاصة، والشباب بصفة عامة".
بدوره، طالب المحامي حسن الغضباني، الذي رافع طيلة أربعة عقود عن "المتورطين في قضايا المخدرات"، بإلغاء هذا القانون، واصفاً إياه بـ "الجهنمي الذي ليس فيه ذرّة إنسانية، وقد ساهم في تدمير الآلاف من الشباب".
ويرى المطالبون بإلغاء القانون أن "المحاكم غير قادرة على التصدي لآفة المخدرات التي تحولت إلى ظاهرة في تونس، لأنّ العقاب الذي يسلب الحرية لا يكفي للردع، على أنّ الأنسب يكمن في إيداع المدمنين في مراكز متخصصة".
في المقابل، أكد المحامي غازي مرابط أنّ "نوايا مراجعة هذا القانون التي تم الإعلان عنها منذ عام 2011 لم تكن جدية، والدليل أنّها لم تثمر أية نتيجة"، مشيراً إلى أنّ "الأرقام تؤكد أنّه من بين 25 ألف موقوف في السجون اليوم، هناك ما لا يقل عن 8 آلاف موقوف في قضايا تتعلق بالمخدرات استهلاكاً وترويجاً. ومن بين 10 موقوفين في قضايا المخدرات، هناك 9 موقوفين في قضايا استهلاك، وخصوصاً الزطلة".
وتابع مرابط أنّه تم "إعداد مشروع قانون بمشاركة عدد من المحامين سيناقش مع أهل الاختصاص من حقوقيين وأطباء ومكونات المجتمع المدني، ينصّ على استبدال عقوبة السجن لمتعاطي المخدرات والزطلة بشكل أساسي بعقوبات مدنية كالخدمة للصالح العام، مع إخضاعه لبرنامج علاجي". ولفت إلى أنّ "قانون 1992 لم يحدّ من انتشار استهلاك".
وكان رئيس الحكومة مهدي جمعة دعا إلى ضرورة "تنقيح قانون مكافحة المخدرات". وقال بعد مرور مئة يوم على تسلم مهام حكومته، إنّ "هناك تحولات مجتمعية تفرض إعادة النظر في القانون الحالي". فيما طالب حزب "التكتل من أجل العمل والحريات" السلطات القضائية "الإفراج عن جميع الشباب الموقوفين في قضايا مخدرات، وغير المتهمين بالترويج".
في المقابل، قالت رئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي إنّ "المُطالبة بإطلاق سراح المسجونين بتهمة استهلاك المواد المُخدّرة مسألة غير مقبولة، وفيها تدّخل في شؤون القضاء"، مُضيفة أنّه "من غير المنطقي الدعوة للإفراج عن مُتهمين أودعوا السجن بمقتضى نصّ قانوني".
وينص الفصل الرابع من القانون على أنّه "يعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وغرامة مالية من ألف إلى ثلاثة آلاف دينار، كل من استهلك أو حاز لغاية الاستهلاك الشخصي، نباتاً أو مادة مخدرة في غير الأحوال المسموح بها قانوناً".