تُعدّ وزارة العدل والمدعون العامون في الولايات المتحدة العدة لبدء ملاحقات قضائية في حق شركة "غوغل" التابعة لـ"ألفابِت"، بسبب ممارسات محتملة منافية للمنافسة في مجال الإعلانات، على ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم السبت، نقلاً عن مصادر مطلعة.
وأوضحت الصحيفة الأميركية التي تُعنى بشؤون الاقتصاد، في تقرير أعدّه برنت كيندال وجون دي. ماكينون، أن التحقيقات ركزت على الأدوات التكنولوجية المستخدمة من قبل "غوغل"، وتعتبر أساسية في العلاقات بين الناشرين والمعلنين. وأعلنت الوزارة وخمسون مدعياً عاماً فيدرالياً العام الماضي إجراء تحقيقات حول احتمال أن تكون "غوغل" أساءت استخدام السلطة حيال منافسيها ومستخدميها.
في الولايات المتحدة، تستحوذ "ألفابت"، الشركة الأمّ لـ"غوغل"، على ما بين 70 و75 في المائة من إجمالي إيرادات الإعلانات المرتبطة بعمليات البحث عبر الإنترنت، على ما تفيد شركة "إي ماركتر" لدراسات السوق.
وقالت مصادر صحيفة "وول ستريت جورنال" إن المدعين العامين، يتقدمهم النائب العام في تكساس، الجمهوري كين باكستون، قد يباشرون ملاحقات قضائية في الخريف المقبل، في حين قد تصبح وزارة العدل جاهزة لذلك اعتباراً من هذا الصيف. وأكد باكستون للصحيفة أن وباء "كوفيد ــ 19" لم يبطئ التحقيق.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على المسألة أن الحكومة الفيدرالية شاركت معلومات تلقتها حول شركة "غوغل" مع تكساس وولايات أميركية أخرى. وأضافوا أن وزارة العدل تواصل جمع المعلومات في تحقيقها، وأن الأدلة كلها تشير إلى استعدادها لرفع قضية، لكن التحقيقات الفيدرالية وتحقيقات الولاية مستمرة، ولم تُتخذ أي قرارات نهائية. ويمكن تسوية التحقيقات في بعض الأحيان من دون الوصول إلى المحكمة، غير أنه من غير الواضح ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق في التحقيقات حول "غوغل".
وكجزء من تحقيقها، أمضت وزارة العدل أشهراً في إجراء مقابلات مع منافسي "غوغل"، في مجالات البحث وتكنولوجيا الإعلان ونشر الأخبار، بحثاً عن معلومات حول الممارسات التجارية للشركة، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" يوم السبت.
ومن الأسئلة التي لم تتضح الإجابة عليها هو ما إذا كانت الولايات ستقدم شكواها الخاصة، أو ببساطة ستنضم إلى القضية الفيدرالية عندما تُقدّم. حتى أنه من الممكن أن تقدم مجموعات مختلفة من الولايات الأميركية شكاوى منفصلة؛ وقد ركزت ولاية تكساس على مشاكل تقنية الإعلان، في حين كانت بعض الولايات الأخرى مهتمة أكثر بخدمة البحث عبر "غوغل"، وفقاً للصحيفة نفسها. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وصفت المدعية العامة في ولاية أركنساس، ليزلي راتلدج، محرك البحث الخاص بـ"غوغل" بـ "الطاغوت"، وقالت إن "حرية البحث كانت في بعض الأحيان على حساب حرية اختيار المنتجات الفضلى من الشركات الأحسن".
من جهة ثانية، علقت "غوغل" بالقول: "نواصل التعاون مع تحقيقات الوزارة وباكستون. وليست لدينا أي تعليقات أو تكهنات. تبقى أولويتنا توفير خدمات تساعد المستهلكين وتدعم آلاف الشركات وتسمح بالخيارات وبالمنافسة".
في حال رُفعت الدعاوى القضائية، فإنها قد تشكل تهديداً مباشراً لأعمال شركة "غوغل"، وستعتبر من أهمّ قضايا مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب القضية الحكومية ضد شركة "مايكروسوفت" في أواخر التسعينيات التي انتهت بتسوية بين الطرفين عام 2001. وقد دعا منتقدو محرّك البحث العملاق إلى فرض مجموعة من العقوبات عليه، بدءاً بتغييرات في كيفية ممارسة الأعمال وصولاً إلى تفكيك الشركة نفسها.
وتجرى تحقيقات عدة على المستوى الفيدرالي والولايات حول ممارسات منصات رقمية كبيرة على صعيد المنافسة، من بينها "فيسبوك" و"أمازون" و"آبل". لذا، فإن التحقيقات حول "غوغل" ستحدد المعيار الذي سيُعتمد إزاء شركات التكنولوجيا الأخرى.
يذكر أن أوروبا تقدمت، على مدى سنوات، على الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات تنظيمية ضد "غوغل" وغيرها من عمالقة التكنولوجيا؛ وفرضت اللجنة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي على "غوغل" غرامة قيمتها أكثر من 8 مليارات يورو (8.8 مليارات دولار أميركي)، خلال الأعوام الماضية، وأمرتها بتغيير ممارساتها التجارية، بعد تحقيق كشف عن إساءة الشركة استغلال هيمنتها في السوق.
في المقابل، نجت "غوغل" من تحقيقات سابقة أجراها المنظمون الأميركيون، في عام 2013 قررت "لجنة التجارة الفيدرالية" إنهاء تحقيق دام 19 شهراً بحق الشركة، من دون توجيه أي اتهامات لها بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار. حينها، شعر موظفون في اللجنة بأنهم يملكون أدلة قوية لاتهام "غوغل"، لكن المفوضين صوتوا على إغلاق القضية بالإجماع، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".