القصة الكاملة لفضيحة التنصت في تركيا

27 فبراير 2014
أكثر من 7 آلاف شخص ضحايا عملية التنصت
+ الخط -
تعيش تركيا، منذ أسابيع، جدلاً واسعاً، بعد ما بات يُعرف بـ "فضائح التنصت"، التي تضمنت نشر عشرات التسجيلات الصوتية لمسؤولين كبار في الدولة، الأمر الذي أثار تساؤلات حول كيفية اختراق الاتصالات، والدور الذي أدّته مؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية "توبيتاك"، في القضية الخطيرة.

بحسب مصادر حكومية تركية، فإن"توبيتاك" هي المسؤولة عن تزويد كبار مسؤولي الدولة بهواتف تسمى "كريبتوا"، وهي هواتف مزودة بتقنية تشفير أمنية لا يمكن التنصت عليها بسهولة. وبغض النظر عن مدى صحة التسجيلات الأخيرة التي طاولت رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، من عدمها، إذ سبقها نشر عشرات التسجيلات للعديد من الوزراء وكبار مسؤولي الدولة، فقد كشفت مصادر صحافية تركية عن أسماء أكثر من 7 آلاف شخص، بينهم كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين، فضلاً عن صحافيين وفنانين، يتم التنصت عليهم منذ ثلاث سنوات.

الاتهامات الحكومية موجهة نحو ما بات يُعرف باسم "التنظيم الموازي"، ويقصد به جمعيات الداعية الإسلامي، فتح الله غولن، الحليف التاريخي السابق لـ"العدالة والتنمية"، المتهم من قبل الحكومة بتنفيذ "محاولة انقلاب"، من خلال النفوذ الواسع لأعضاء الجمعيات في مفاصل الدولة التركية، وخصوصاً القضاء والشرطة والإعلام.

وكان أردوغان قد اتهم، بشكل مباشر، مؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية "توبيتاك"، بالتنصت على هواتف "كريبتوا". وكشف عن أن عملية التنصت استهدفت "مكالمات رئيس الدولة مع رئيس الحكومة، ومكالمات رئيس الحكومة مع الوزراء"، مؤكداً أنّ الحكومة ستسلك كافة الطرق القانونية لمحاسبة كل من وقف خلف تلك العمليات.

من جهته، قال وزير العلوم والصناعة، فكري إيشيق، إن "توبيتاك تعرضت لاختراق من قبل تنظيم الدولة الموازية، والحكومة تعمل بجدّ للوقوف ضد محاولات تسلل داخل مؤسسات الدولة التركية". وكشف إيشيق أن خمسة من موظفي "توبيتاك"، المسؤولين عن متابعة قسم الهواتف المشفّرة، مُنحوا إجازة حتى إشعار آخر، فضلاً عن قطع أي صلة لهم بأماكن عملهم، في إطار التحقيقات الجارية لمعرفة الجهة المسؤولة عن تسريب المكالمات الهاتفية، وفبركتها باستخدام برامج مونتاج صوت. وشدّد الوزير على أن التسجيلات الصوتية المنسوبة لأردوغان ونجله تعرضت إلى عملية فبركة، وهي "مسألة واضحة كعين الشمس". وقال إيشيق إن "التنظيم الموازي، قام بعمليات التنصت على هاتف أردوغان نفسه، وإن عملية 17 كانون الأول/ ديسمبر، كشفت الكثير من الأمور، التي كان هذا التنظيم يقوم بها خلف سراديب الغرف المغلقة، من قبيل التنصت والفبركة، بغية الابتزاز".

وعملية 17 ديسمبر/كانون أول هي عملية أمنية قام بها الأمن والقضاء التركي، بدعوى مكافحة الفساد، واستهدفت مقربين من الحكومة التركية وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بينهم أبناء 4 وزراء، واعتبرتها الحكومة "محاولة انقلاب"، من قبل "التنظيم الموازي" باستخدام جهازي القضاء والشرطة، بحجة الفساد.

وأكد أردوغان أن التعديلات الأخيرة التي طرحها الحزب الحاكم في تركيا، بخصوص إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموميين، وهيئة الاستخبارات التركية، هدفها الحيلولة دون حدوث عمليات التنصت على الشعب التركي.

وتشمل قائمة الأشخاص الذين جرى تتبُّع اتصالاتهم الهاتفية، وزير الداخلية أفكان ألا، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية تانَر يلدز، ونعمان قورطلمش أحد نواب رئيس حزب "العدالة والتنمية"، وتَمَل كوتيل المدير العام للخطوط الجويّة التركيّة، فضلاً عن كمال أوزتورك المدير العام لوكالة "الأناضول" ورئيس مجلس إدارتها، ورئيس جهاز الاستخبارات التركية، خاقان فيدان.

من جهتها، نفت هيئة الأركان التركية، في بيان لها، بشكل قاطع، أن تكون هي المسؤولة عن إنتاج "الهواتف المشفرة" التي تمنح لكبار مسؤولي الدولة، موضحة أن هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية هي التي تنتج هذه الهواتف وتتولى عمليات تشفيرها ومفاتيح التشفير والبرمجيات الخاصة بها وإنتاج أجهزتها.

وجاء نفي هيئة الأركان بعدما نشرت الصحافة التركية خبراً مفاده أن الهواتف المشفرة يتم انتاجها في مركز "ميوبيلديسكوم" لإنتاج الشيفرات الإلكترونية التابع لهيئة الأركان.

يأتي هذا في الوقت الذي يستعد فيه الناخبون الأتراك للتوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المحلية المقبلة، المزمع إجراؤها في 30 آذار/مارس المقبل، إذ يولي حزب العدالة والتنمية الحاكم، أهمية قصوى لهذه الانتخابات، التي يعتبرها الحزب بمثابة "حرب استقلال جديدة"، وسط ترجيح أن تنعكس "فضيحتا الفساد والتنصت" سلباً على الحزب الحاكم من ناحية نوايا التصويت.