وافق مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الأربعاء، بالإجماع، على قرار يفرض عقوبات ضد أفراد ومنظمات يهددون السلام والأمن والاستقرار في اليمن. وفيما لقي القرار ترحيباً من الحكومة اليمنية، اعتبره حزب المؤتمر الشعبي، الذي لا يزال يرأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله، تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد.
ولم يسمِّ القرار الأممي الأشخاص أو الكيانات التي ستواجه تجميد الأصول وحظر السفر، لكنه تضمّن تشكيل لجنة لتقرير مَن سيخضع للعقوبات ولمراقبة تطبيقها، وتكوين لجنة خبراء للمساعدة في التحقيقات.
وفور صدور القرار الذي تقدمت به بريطانيا، عبّر مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية عن "شكر وتقدير اليمن للأشقاء في دول مجلس التعاون ولمجلس الأمن، على دعمهم وجهودهم لإخراج البلاد من الأزمة السياسية وتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية"، مشيراً إلى أن ذلك "يحقق لليمن النجاح في مؤتمر الحوار الوطني الشامل والسير على طريق بناء اليمن الجديد".
وأكد المصدر أن القرار "أتى ليؤكد التمسك بوحدة اليمن وأمنه واستقراره، وحث الأطراف كافة، للعمل معاً لإنجاز ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية والتصدي لمَن يعرقل مسيرة التنفيذ لها".
ودعا المصدر "كل القوى والمكونات السياسية والمجتمعية للعمل معاً وبروح التصالح والاصطفاف الوطني لبناء اليمن الجديد وطي صفحة الماضي".
وكان حزب المؤتمر الشعبي العام استبق قرار العقوبات الأممي بالتعبير عن رفضه لما اعتبره "عرقلة للتسويات في اليمن". واعتبر سكرتير الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، أن القرار ينقلب على "المبادرة الخليجية، ويحيل اليمن إلى منطقة تستمد شرعيتها من نفوذ مجلس الأمن".
وقال عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر، أحمد عبد الله الصوفي، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن القرار "لا يعترف بوجود الشعب اليمني باعتباره الهدف والغاية من التسوية"، وأنه يتبنى لغة عقابية تعلن أن التسوية في اليمن فشلت، و"يحرّض الأطراف على حمل السلاح من جديد".
وأضاف أن "هذا يعني أن القوى العظمى ومجلس الأمن قد فشلا في حماية التسوية في اليمن، وأن جميع البيانات السابقة هي بيانات كاذبة".
واعتبر أن هذا القرار "يتناقض مع القرار السابق 2051، فضلاً عن كونه لا يعبّر عن تطلعات اليمنيين في الحرية وممارسة الحقوق المشروعة، أي أن جميع السلطات بعد 21 تستمد شرعيتها من مجلس الأمن وليس من الإرادة الشعبية أو من أطراف العملية الشعبية.. وهذا يعني، إذا صدر القرار، أن اليمن بات تحت الوصاية الدولية".
ولفت إلى أن القرار يصب في صالح الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تقدم بقائمة تضم 373 اسماً من القيادات السياسية اليمنية، وطلب مغادرتها اليمن ليتمكن من تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، ومن بينها الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقيادات المؤتمر التي لا تتفق معه، وأولاد الأحمر واللواء علي محسن الأحمر وقيادات من حزب الإصلاح".
بدورها، علقت الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، على قرار العقوبات الأممي بأنه يعبّر عن أهمية اليمن وأهمية استقرارها، لكنها دعت الشركاء الدوليين إلى عدم جعل هذا القرار وسيلة للتدخل في اليمن، بل إلى "تعزيز الثقة والشراكة بين الشعب اليمني والعالم، واسترداد الأموال المنهوبة خلال الفترة الماضية، وإلغاء الاتفاقات الغازية والنفطية الفاسدة والمجحفة، واسترداد ما ترتب عليها من نهب واستيلاء على الأموال العامة، وإلى سحب الأسلحة المختلفة من المليشيات المسلحة وبسط سيطرة الدولة ونفوذها على كامل الأراضي اليمنية".
وذهبت كرمان الى أن كل ما سبق يجب الشروع في إنجازه بصورة فورية وعاجلة قبل الانتخابات، وأن يتوج بنقل السلطة وفق الدستور الجديد، وبما يحافظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله، ويضمن طي صفحة نظام علي عبد الله صالح "الفاسد والفاشل والمستبد الذي استهدفت ثورة شباب التغيير السلمية إسقاطه والعبور بشعبها الى المستقبل الحر والكريم".
مقتل مدير في الاستخبارات
ميدانياً، قال مسؤولون أمنيون في اليمن إن مسلحين اثنين قتلا مديراً في جهاز الأمن السياسي في محافظة جنوبية. وأضافوا أن مسلحين اثنين كانا يستقلان دراجة نارية أطلقا النار على رشاد الكلدي بينما كان يغادر مطعماً في عاصمة محافظة حضرموت.
وسبق أن شن مسلحون عمليات اغتيال كثيرة مشابهة ضد مسؤولي أمن خلال السنوات الماضية. يشار إلى أن جنوب اليمن يعدّ موطناً لحركة التمرد في البلاد. والشهر الماضي، دفع غضب بين القبائل الرئيس هادي إلى إرسال وسطاء إلى الجنوب وعرض تسوية عبر لجنة قبلية. وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، قتل محتجان حينما فضّت قوات الأمن تظاهرة في عدن.